لم تعد الحركات التصحيحية فقط التي تهدد مسار الأحزاب السياسية في الجزائر، فقد بات موقع فايسبوك الحكم رقم واحد في صنع الآراء وتغيير المواقف، لدرجة أنه بات يدخل في تفكيك أحزاب وفضح شخصيات سياسية ودعم أخرى، من خلال التشهير بقضايا فساد أوانتقاد مواقف سلبية تكون في الغالب كفيلة في صنع قرارات مهمة. ظلت الحركات التصحيحية لوقت طويل السبيل الأوحد لتفكيك الأحزاب وعزل أعضائها، حيث كان القرار السياسي يصنع في بيت الحزب الواحد ويناقش من طرف المنخرطين فيه، ليقوم بعدها الموقع الأزرق المتمثل في فايسبوك بزعزعة الكيان السياسي لأي هيئة أو حزب معين، حتى بات رواده ينشطون في كثير من الأحيان أكثر من المناضلين في حد ذاتهم، من خلال تتبع العثرات ونشر الصور والأخبار السياسية العامة وتفاصيل الحياة الخاصة للقادة والشخصيات الهامة، وإن كانت أهدافهم بالدرجة الأولى توعية المواطن البسيط لما يجري في سدة الحكم، إلا أن النتائج تتعدى ذلك بكثير، حيث تمكن هؤلاء الناشطون الفايسبوكيون من الإطاحة بشخصيات كثيرة، وتغيير آراء المواطنين إزاء أخرى. كما لعبت نقرة إعجاب أو تعليق بسيط دورا هاما في صنع القرار الشعبي اتجاه مواضيع سياسية مصيرية، ناهيك عن حل أحزاب وتفكيك أخرى، على غرار الاستقالات الجماعية التي باتت تهدد استقرار الأحزاب السياسية في الجزائر. حملة فايسبوكية تعصف بحزب نعيمة صالحي تعرضت الأمينة العامة لحزب العدل والبيان، إلى خيبة أمل وانهيار كبير بعد هجوم كاسح ولاذع لها عبر صفحات فيسبوك، هذا الأخير الذي اعتبره بعض الإعلاميين جمهوريتها ومنبرها الأكبر الذي تختفي وراءه لتعبر من مواقفها وآراءها السياسية المختلفة. وبعد ظهورها على عدة قنوات غيرت خلالها ثوب المعارضة إلى الموالاة، لم يفوت رواد الفايسبوك الفرصة لقصفها بأقسى العبارات. وبعد وقت قصير من انطلاق الحملة الفايسبوكية ضدها خرجت نعيمة صالحي لتقول - دائما عبر فايسبوك - أنها تلقت آلاف طلبات الانخراط في حزبها، هاهي تقع في فخ كذبتها بعد أن تلقت طلبات استقالة جماعية من هذا الحزب الذي يلاقي انتقادات بالجملة عبر صفحات فايسبوك، وهو ما أربكها ودفع بزوجها للتعليق على الأمر - دائما عبر فيسبوك - قائلا:”أؤكد أني متعاطف معها ومساند لها ضد هذه الهجمة الإعلامية الشرسة من طرف العناوين التي لم تستطع أن تشفي غليلها في من يستحق ذلك، وراحت تتهجم على سيدة تجتهد فتصيب وتخطئ كغيرها من السياسيين”. الدستور يُفقد ”سبيسيفيك” شعبيته رغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي تعرض لها النائب طاهر ميسوم الذي اشتهر بعبارة ”سبيسيفيك”، وبعد التضامن الكبير الذي كان يلاقيه من طرف الجزائريين بسبب مواقفه الصريحة تجاه مختلف قضايا الفساد، ها هو يفقد شعبيته هو الآخر بعد أن قام بالتصويت ب”نعم” على الدستور الجديد، وهو ما صدم الجزائريين الذين عبروا بإسهاب عبر موقع فايسبوك عن خيبة أملهم في هذه الشخصية التي اعتبروا أنها كانت مجرد ”قناع” يخفي خضوع وموالاة النائب ميسوم، الذي أظهره أول موقف سياسي تمثل في التصويت بنعم أو لا على وثيقة الدستور. بعد الانتقادات اللاذعة والهجمات السلبية التي لحقت به على خلفية الموضوع، خرج صاحب مقولة ”سبيسيفيك” بدوره ليدافع عن موقفه بعد اتهامه ببيع صوته في برنامج تلفزيوني، حيث لم يتقبل شدة النقد الذي وجه إليه من طرف رواد فايسبوك الذين لم يتوقفوا عن إبداء آرائهم الرافضة، ليتحول من النائب الأكثر دعما وتتبعا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى مجرد شخصية اعتبرها هؤلاء ”انتهازية ومنافقة” غيرت رأيها مع أول منعطف سياسي. بهاء الدين طليبة وسيدي سعيد منبوذان فايسبوكيا لا يختلف اثنان أن النائب البرلماني بهاء الدين طليبة هو أكثر الشخصيات المثيرة للجدل على صفحات فايسبوك، فقد بات شغل العام والخاص، لاسيما بعد أن تقلد منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني نتيجة انتخابه من طرف البرلمانيين. ولم تكن هذه بداية التعليقات الثائرة على هذا النائب، فقد كانت سوابقه كثيرة بعد أن قام بدعم قانون المالية، بل وذهب لأبعد من ذلك حين دافع عن العربي ولد خليفة ومنع وصول الرافضين إليه، وكان من أول المرحبين والمصوتين ب”نعم” على مسودة الدستور الجديد، حيث لم يكتف بالتصويت بل قام بالوقوف لإبداء دعمه الكامل لأي قرار يصدره النظام، ما جعله يلقى وابلا من التعليقات السلبية والانتقادات الرافضة لمواقفه. من جهة أخرى، أحدثت تصريحات أمين عام الاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، ضجة كبيرة وألهبت مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ورود مقطع فيديو سب فيه الدين صراحة. وكان هذا الكلام البذيء الصادر من مسؤول أقدم تنظيم نقابي في الجزائر موجها للمنتقدين لإجراءات القرض الاستهلاكي، حيث خلفت هذه الحادثة استياء لدى الكثير من رواد فايسبوك، الذين طالبوا بالتحرك بسبب ”حدوث حالة شتم وسب علني”، ونشر هؤلاء على الموقع حملات مضادة له جعلته شخصية سلبية بامتياز على الموقع الأزرق.