تعيش تقريبا كل المسارح الجهوية في الجزائر حالة من اللا استقرار بعد تقليص ميزانيتها إلى 50 بالمئة، ما يجعلها تدخل في أزمة مالية ستؤثر لا محالة على الانتاج المسرحي بها، مع العلم أن ميزانية الكثير من هذه المسارح لا تكفي حتى لدفع رواتب العمال. لا حديث يدور في أروقة المسارح الجزائرية سوى عن تقليص الميزانية إلى 50 بالمئة، وهو الأمر الذي اعتبره المسرحيون كارثة على المسرح الجزائري ومستقبله، خصوصا وأن الإنتاج المسرحي غائب مؤخرا وأغلب المسارح في الجزائر أبوابها مغلوقة وشبه مهجورة. وتعيش بعض المسارح الجهوية في الجزائر حالة من الفوضى بعد إحالة أسماء كبيرة على التقاعد، في مقدمتهم المخرج المسرحي عمر فطموش، مدير المسرح الجهوي "عبد المالك بوڤرموح" لبجاية، بالإضافة إلى السيدة صونيا مديرة المسرح الجهوي "عز الدين مجوبي" بعنابة، ناهيك عن بقاء المسرح الجهوي للعلمة بدون مدير بعد إحالة فوزية آيت الحاج على التقاعد كذلك، كما أن المسرح الجهوي لتيزي وزو يعيش حالة من الركود كذلك لكونه يبقى بدون مدير، وهي نفس الحالة التي يعيشها المسرح الجهوي للجلفة الذي كان يشرف عليه المخرج المسرحي عيسى جقاطي، ولكن هذا الأخير تمت تنحيته من منصبه لأسباب تبقى مجهولة، وما لا شك فيه أن رحيل هذه الأسماء المهمة في الساحة المسرحية الجزائرية عن هذه الحصون الثقافية ترك فراغا كبيرا سواء على المستوى الإداري أو الفني، وخلف حالة من الفوضى خصوصا الصراعات والشللية السائدة داخل هذه المسارح، بسبب ضعف التسيير من طرف المدراء بالنيابة. ففي المسرح الجهوي "عز الدين مجوبي"بعنابة وبعد تنحية السيدة صونيا التي كانت تقف على كل صغيرة وكبيرة تخص المسرح بحكم سياستها الرشيدة وتجربتها الكبيرة في عالم الفن الرابع، أصبح المسرح يعيش حالة من التسيب في ظل تغول بعض الأسماء التي تحسب نفسها مسؤولة على حد قول بعض الممثلين من داخل المسرح، الذين يقفون موقف المتفرج ونفس الوضعية تعيشها المسارح الجهوية الأخرى التي تبقى بدون مدراء يعرفون المسرح جيدا. ووسط هذه الحالة التي استمرت لأكثر من سنة ونصف يقبع المسرح الجزائري في حالة "سبات" في ظل عدم وضوح للرؤية بشأن المهرجان الوطني للمسرح المحترف، والذي حسب بعض التسريبات لم يتحصل إلا على مبلغ 5 ملايين دينار لإقامة هذه الاحتفالية الكبيرة بالمسرح الوطني، وهي الميزانية الني لا تسمح حتى بتغطية يوم واحد من تكاليف الفرق المشاركة، ناهيك أن محافظة المهرجان لم تحدد بعد تاريخ تنظيم المهرجان بحكم عدم قدرتها على اقامة فعالية كبيرة بها الحجم بالميزانية التي خصصتها وزارة الثقافة. المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي والذي كان موعدا مسرحيا يقام كل سنة بمدينة المدية وصل إلى محطته الحادية عشرة هذه السنة، ولكن لا شيء يلوح في الأفق بشأن هذا الحدث المسرحي، حيث ولحد كتابة هذه الأسطر يبقى المهرجان بدون تاريخ محدد لتنظيمه وبدون محافظ للمهرجان وبدون عنوان للمحافظة إن وجدت أصلا وبدون برنامج. هذه الحالة التي يعيشها المسرح الجزائري دفعت الكثير من المسرحيين لدق ناقوس الخطر بشأن مستقبل المسرح الجزائري والذي حسبهم دخل في نفق مظلم، مع سوء التسيير الذي قد يعصف بالمكاسب التي حققها المسرح خلال السنوات الماضية، من مسارح جهوية جديدة ومهرجانات كان يمكن لها أن تؤسس لفعل مسرحي جاد، ولكن الحالة التي يمر بها الآن لا تبشر بالخير.