شجع صندوق النقد الدولي الزيادات التي اقرتها الحكومة على أسعار البنزين ومنتجات الطاقوية، مع بداية السنة الجارية، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذه الخطوة لا تكفي خاصة أن تكلفة الدعم بلغت خلال سنة 2015، ما يربو عن 14 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام وهو رقم خطير، حيث جدد دعوته إلى ضرورة إصلاح منظومة الدعم الذي أكد أنه يفتقر إلى العدالة الاجتماعية. دعا أندرو جويل اقتصادي أول في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، في دراسة تحليلية ركز فيها على اقتصاد الجزائر وبالتحديد على سياسة الدعم، اطلعت "الفجر" على نسخة منها، الحكومة إلى إصلاح منظومة الدعم التي تنتهجها التي قال أنها "تفتقر" إلى العدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن ميسوري الحال هم من يستفيدون من أموال الدعم في وقت أنها موجهة في الأساس إلى ذوي الدخل المنخفض والمعوزين، فيما رحب بالخطوة التي قامت بها الحكومة منذ دخول السنة الجارية والمتعلقة برفع أسعار الكهرباء والغاز البنزين في بداية عام 2016، حيث أكد أن الحكومة الجزائرية رفعت سعر البنزين وغيره من منتجات الطاقة لأول مرة منذ عام 2005. وبالرغم من هذه الزيادة الكبيرة والمقدرة بنسبة 34٪، إلا أن الخبير الدولي أكد أن سعر البنزين في الجزائر لا يزال من أقل الأسعار في العالم، موضحا أنه يقارب سعر المياه المعدنية أو يزيد قليلا، واضاف اندرو أن البنزين مثل غيره من سلع كثيرة في الجزائر، مدعوم بشدة فالحكومة حيث أكد التقرير أن تكلفة الدعم في الجزائر باهظة، وتشير تقديرات خبراء الصندوق إلى أن تكلفة الدعم على الحكومة بلغت قرابة 14٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015، وهو نفس مقدار العجز في المالية العامة تقريبا وضعف موازنتي وزارتي الصحة والتعليم مجتمعتين. ويمثل الدعم التنازلي لمنتجات الطاقة أكثر من نصف هذه التكلفة. وركز الخبير على عيوب الدعم الذي يستفيد منه الأغنياء أكثر مما يفيد الفقراء، حيث أعطى مثالا بمادة الوقود حيث أن أغنى 20٪ من الجزائريين يستهلكون ستة أضعاف ما يستهلكه أفقر 20٪ من السكان من الوقود. وهذا ليس بالأمر المستغرب نظرا لأن الأغنياء غالبا يقودون السيارات أكثر من سواهم. وهذا يعني أن دعم الوقود له طابع تنازلي، أي كلما زاد المرء ثراء زادت درجة استفادته من الدعم. وهناك كثير من أشكال الدعم الأخرى في الجزائر لها طابع تنازلي، وبدرجات متباينة. ووفق دراسة "الأفامي" يوصي خبراء الصندوق بأن تباشر الجزائر بخفض معظم الدعم المعمم تدريجيا وإبداله ببرنامج للتحويلات النقدية موجهة على وجه التحديد للأسر منخفضة الدخل. وسوف تكون التحويلات النقدية الموجهة سبيلا أكثر كفاءة لحماية الفقراء، كما أنها ستكون أقل تكلفة من الدعم، مما سيسمح للحكومة بزيادة إنفاقها على جوانب أخرى مثل البنية التحتية والتعليم والصحة، وهو ما يمكنه إعطاء دفعة للنمو وتوظيف العمالة. ولن يكون تخفيض الدعم المعمم تدريجيا بالمهمة اليسيرة. فينبغي توخي الحرص في الإعداد للإصلاح وإبلاغه للجمهور. ويتعين على صناع السياسات بناء توافق في الآراء حول كيفية تقاسم أعباء التصحيح بين السكان، وفق ذات التقرير. وينبغي إلغاء الدعم في الوقت الذي تتخذ فيه تدابير تعويضية لحماية الفقراء. ولتجنب أي تجاوزات في الإصلاح، ينبغي وضع آلية مجردة من الاعتبارات السياسية وتستند إلى قواعد لتحديد الأسعار، على سبيل المثال، بربط أسعار منتجات الطاقة المحلية تلقائيا بأسعار السوق العالمية. ورغم أن ذلك يمثل تحديات حقيقية، فإن التجارب الدولية تشير إلى أن إصلاح الدعم قابل للتحقيق ويعود بالنفع. وبالفعل، قطع العديد من بلدان المنطقة شوطا طويلا في إصلاح منظومة الدعم، وهناك أدلة قائمة على التجارب بأن إصلاح الدعم يؤدي إلى تعزيز العدالة وفي نهاية المطاف تحقيق نمو أعلى وأكثر احتواء لمختلف شرائح المجتمع.