دعا أندرو جويل، الخبير الأمريكي الذي يشغل منصب اقتصادي أول في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، إلى ضرورة إصلاح نظام الدعم بالجزائر، معتبرا أنه بالرغم من "الزيادة الكبيرة" التي عرفتها أسعار البنزين بنسبة 34 بالمائة - وهي الأولى من نوعها منذ 2005- فإن "سعر البنزين في الجزائر لا يزال من أقل الأسعار في العالم، حيث يزيد قليلا عن سعر المياه المعدنية". الخبير قال في مساهمة له بمدونة صندوق النقد الدولي بعنوان "ضرورة إصلاح نظام الدعم بالجزائر"، إن الحكومة تعتمد على نظام الدعم لمساعدتها في تقاسم الثروة الوطنية من النفط والغاز مع مواطنيها، مشيرا إلى أنه رغم "نبل" هذا الهدف، فإن "محاولة إعادة توزيع الدخل عن طريق الدعم غير الموجه للمستحقين تشوبها عيوب". واستدل في ذلك بدراسة جديدة أعدها الصندوق حول أهم عيوب نظام الدعم في الجزائر، قالت إن "معظم الدعم في الجزائر يفيد الأغنياء أكثر مما يفيد الفقراء"، حيث أن أغنى 20% من الجزائريين يستهلكون ستة أضعاف ما يستهلكه أفقر 20% من السكان من الوقود. وهذا يعني أن دعم الوقود له طابع تنازلي، "أي كلما زاد المرء ثراء زادت درجة استفادته من الدعم". وأشارت الدراسة إلى وجود أشكال دعم أخرى في الجزائر لها "طابع تنازلي" منها الكهرباء.واعتبر الصندوق أن أسعار الطاقة المنخفضة أدت إلى ارتفاع سريع في استهلاك الطاقة محليا، مما ترك للجزائر قدرا أقل من النفط والغاز لتصديره، فانخفضت الإيرادات المحوَّلة للموازنة العامة، وتفاقمت مشكلة التلوث والاختناقات المرورية المحلية. كذلك "تؤدي كثافة الدعم لبعض المنتجات إلى خلق حوافز للتهريب إلى البلدان المجاورة". لذا علق الخبير اندرو جويل على قرار الحكومة رفع أسعار الوقود قائلا "لقد أخذت الحكومة خطوة أولى شجاعة برفع أسعار الطاقة. ولكن الطريق لا يزال طويلا للوصول إلى سبيل أكثر عدالة وكفاءة لدعم محدودي الدخل". وأكدت الدراسة أن تكلفة الدعم في الجزائر باهظة، وهو أمر أكثر إثارة للتحديات في الوقت الذي تواجه فيه البلاد عجزا غير مسبوق في المالية العامة بعد هبوط أسعار النفط العالمية.وتشير تقديرات خبراء الصندوق إلى أن تكلفة الدعم على الحكومة بلغت قرابة 14% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015 – وهو نفس مقدار العجز في المالية العامة تقريبا، وضعف موازنتي وزارتي الصحة والتعليم مجتمعتين. ويمثل الدعم التنازلي لمنتجات الطاقة أكثر من نصف هذه التكلفة. وعاد الخبير إلى أهم توصيات "الافامي" للجزائر بخصوص ماوصفه "السبيل الأفضل في المرحلة القادمة"، داعيا الجزائر إلى مباشرة خفض معظم الدعم المعمم "تدريجيا"، واستبداله ببرنامج للتحويلات النقدية موجهة على وجه التحديد للأسر منخفضة الدخل. وهو ما سيسمح للحكومة بزيادة إنفاقها على جوانب أخرى مثل البنية التحتية والتعليم والصحة، وإعطاء دفعة للنمو وتوفير مناصب عمل. لكن الخبير يعترف بأن تخفيض الدعم المعمم تدريجيا لكن يكون ب«المهمة اليسيرة"، لذا تحدث عن ضرورة توخي الحرص في الإعداد للإصلاح وإبلاغه للمواطنين. كما شدد على ضرورة قيام صناع السياسات ببناء "توافق في الآراء حول كيفية تقاسم أعباء التصحيح بين السكان"، لافتا إلى أنه "ينبغي إلغاء الدعم في الوقت الذي تتخذ فيه تدابير تعويضية لحماية الفقراء"، إضافة إلى "وضع آلية مجردة من الاعتبارات السياسية وتستند إلى قواعد لتحديد الأسعار"، داعيا إلى ربط أسعار منتجات الطاقة المحلية تلقائيا بأسعار السوق العالمية. وإذ قال بأن ذلك يمثل "تحديات حقيقية"، فإنه أوضح أن التجارب الدولية تشير إلى أن إصلاح الدعم "قابل للتحقيق ويعود بالنفع". ولفت إلى أن هناك أدلة قائمة على التجارب تؤكد بأن إصلاح الدعم يؤدي إلى تعزيز العدالة وتحقيق نمو أعلى وأكثر احتواء لمختلف شرائح السكان.