وزير الشؤون الدينية محمد عيسى، الذي استضافته أول أمس، القناة الإذاعية الثالثة، اشتكى من انتشار المذهب الأحمدي، خاصة في منطقة البليدة، مع أن المعروف على البليدة احتضانها لأقلية حنفية معترف بها في الجزائر. ربما لم يعجب هذا الوزير تفتح الطائفة الأحمدية على الحياة، واتباعها إسلاما ”لايت”، بينما لم يحرجه أن يسيطر التيار السلفي على المساجد بالجزائر، حيث قال السنة الماضية إن ما لا يقل عن 50 مسجدا في العاصمة وحدها يؤمها أئمة سلفيون، ويتباكى اليوم أن الجزائر عرضة لهجمة طائفية؟ أيهما أخطر، مذهب يدعو إلى الحياة، أو السلفية التي تمجد الجهاد وتدعو إلى القتل والتكفير؟ لا أروج للأحمدية، ولا أعرف عنها الكثير، لكن أليس من دور وزارة الشؤون الدينية التي هي وزارة للمسيحيين واليهود أيضا أن تحمي الدين من التطرف، ومن خطاب العنف أيا كان المذهب، فالمذهب السني الذي أنجب السلفية لا يقل خطورة عما يتهم به الشيعة والأحمدية من مخاطر. أليس من واجب وزارة الشؤون الدينية أن تحمي الحجيج والمعتمرين وتدافع عن حقوق المؤمنين من عصابات النصب والاحتيال التي يترأسها آل سعود. كان على الوزير أن يدين فرض رسوم ألفي ريال على المعتمرين من طرف خادم الحرمين، الذي وبعد أن أغرقه نجله في مستنقع اليمن، وبعد القانون الأمريكي ”جاستا” الذي سيدفع المملكة دماء القلب، راحت هذه تبحث عن مصادر جديدة من جيب زوار الرحمان، فبأي حق تفرض عليهم هذه المبالغ وتفرض على المعتمرين إقامة أسبوعين من أجل مناسك عمرة لا تتجاوز بضع ساعات، وهي سياحة دينية وسرقة باسم الدين لجيوب المسلمين. في كل مرة تطل علينا وزارة الشؤون الدينية لتخيفنا من بعبع، مرة انتشار المذهب الشيعي، ومرة أخرى الأحمدي، وسنوات من قبل رفعت درجة التأهب القصوى لمواجهة خطر التبشير، ومن فترة سجن مواطن جزائري بتهمة الإلحاد وحكم عليه بثلاث سنوات حبسا نافذا لأنه أعلن إلحاده على مواقع التواصل الاجتماعي، مع أن هذه كلها ليست مخاطر، وتدخل تحت مبدأ الحرية الفردية، مهما كانت درجات اختلاف المذهب الرسمي للدولة (المذهب المالكي)، ما دامت هذه المذاهب لا تدعو لتكفير الآخر، وقتل تارك الصلاة، ودفن المرأة في السواد وحرمانها من حقوقها المدنية والحيوية، ولا تدعو إلى العودة إلى أسلوب حياة القرون الوسطى، وإرضاع الكبير، وزواج الطفلة وأكل لحم الأسير، وغيرها مما تنسبه السلفية للإسلام، ويقر به الصحيحان؟ دور وزارة الشؤون الدينية هو أولا حماية المساجد من التطرف والسهر على تنقية الخطاب الديني أيا كان المذهب من التطرف، وليس إجبار المسلمين أو غير المسلمين على اتباع ”دين الدولة” مع أن الدين هو دين الإنسان والدولة ليست إنسانا ليكون له مذهب وديانة!