عقدت وزارة الداخلية الفرنسية لقاء مع المسؤولين الدينيين المسلمين، لتباحث حلول حول وقف التبعية المالية للدول الأجنبية وعلى رأسها الجزائر التي تخصص سنويا غلافا ماليا لمسجد باريس، إلى جانب كل من المغرب وتركيا والسعودية. وجاء الاجتماع أمس الأول بعد إعلان الحكومة الفرنسية عزمها منع التمويل الأجنبي للمساجد والجمعيات الإسلامية في فرنسا، وإحداث مؤسسة فرنسية خاصة بذلك، وأفادت أنها لن تخضع للتمويل العمومي، استنادا لقانون البلاد. وفي هذا السياق، فإن هذا اللقاء يعد الثالث من نوعه في إطار حوار مفتوح حول الاستقلالية المالية التي تؤرق مصالح الداخلية الفرنسية، وحسب تبريراتها فإن ذلك بهدف القبض على خيوط التمويلات وتدقيقها كخطة استراتيجية أمنية بغية القطع مع الدول الأجنبية التي تمول تدبير شؤون المساجد والجمعيات الإسلامية، وتحديدا الجزائر والمغرب وتركيا ودول الخليج. ومن ضمن الحلول الممكنة لتحصيل الأموال لتدبير شؤون بيوت الله، يكمن في مساهمات الحجاج الذين يتجهون إلى مكة لأداء شعائر الحج، ويقدر عددهم سنويا ب30 ألف. وتنصب التحركات الفرنسية مع ضغوط برلمانية للرقابة على التمويل الجزائري لمسجد باريس. وحسب طلب النائبة الفرنسية في مجلس الشيوخ ناتالي جوليت، عن حزب ”الاتحاد الديمقراطي المستقل”، وجه إلى حكومة بلادها بتجاوز قضية تواجد أئمة جزائريين في مساجد فرنسا، قائلة إنها ”مرعوبة من ثقل دول مثل الجزائر على الإسلام في فرنسا”. وقالت النائبة جولييت التي نشرت بمعية أندري ريشاردت، النائب في مجلس الشيوخ الفرنسي عن حزب الجمهوريون، تقريرا حمل اسم ”من الإسلام في فرنسا إلى الإسلام الفرنسي” أنه من الأولى ”خلق المدرسة العادية للأئمة”، لتجاوز قضية تواجد نحو 315 إمام من تركيا والمغرب والجزائر، مُنتقدةً توقيع الحكومة الفرنسية لاتفاقات مع المغرب لجلب أئمة، معتبرة إياها انتهاكا لقانون 1905، وقالت إنها: ”مرعوبة” من ”ثقل دول - تركياوالجزائر والمغرب - على الإسلام في فرنسا”. وانتقدت جولييت تعيين مسؤول فرنسي غير مسلم في ”مؤسسة الإسلام في فرنسا”، لأنه ”وفقا لقانون 1905، فليس للدولة أن تتدخل في الأمر”. وتكشف النائبة الفرنسية أن نتائج التقرير الذي ساهمت في صياغته، والذي حظي بإجماع سياسي، ينصّ على أن مسلمي فرنسا عليهم أن ”يُنظّموا أنفسَهُم، في ظل احترام قوانين الجمهورية، كما أن رئيس هذه المؤسسة يجب أن يُنتَخَب من قبل مسلمي فرنسا، وهنا يمكن لجان بيير شوفنمان أن يكون عضواً في مجلس الإدارة، ولكن ليس رئيساً تنفيذياً، إنها علامة على الوصاية تجاه المسلمين”. ومن جهة أخرى يشدد المفكر الفرنسي هنري بينا رويز على أن ”تمويل الدولة لتشييد المساجد ليس سوى خدعة”، لأن ”أماكن العبادة ليست قاعات مسرح. إذ لا يكفي أن ندفع ثمن المكان والأوركسترا حتى نفرض الموسيقى. في دولة القانون يتم اللجوء إلى القانون لمنع الانحرافات الأصولية”. وأضاف أن ”الأديان تنجز تأقلمها من داخلها وليس عن طريق شراء هذا التأقلم من الخارج. لأن المنطق الذي يقول: ندفع أموالاً حتى نتحكم، يعود إلى الماضي، ولا علاقة له بالتحرر الجمهوري”. وللتذكير دافعت الجزائر عن موقفها من القلق الفرنسي الذي يخص تمويل الحكومة للمساجد في باريس عن سفيرها خلال جلسة استماع له عقدت شهر سبتمبر الماضي بمجلس الشيوخ الفرنسي.