في تعليقه على النقاش الدائر في فرنسا بعد تصريحات المرشح إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي من الجزائر بأن الاستعمار الفرنسي هو جريمة ضد الإنسانية، قال الكاتب الجزائري ”كمال داود” على أمواج إذاعة فرنسية فيما معناه بالدارجة الجزائرية أنها ”صحانية وجه عندما نطالب فرنسا بالاعتذار عل ماضيها الاستعماري”، وهكذا سقطت ورقة التوت على الرجل الذي وقفنا من سنتين إلى جانبه ندافع عنه ضد الهجمة التي استهدفته، وضد تخوينه وتكفيره، لكن أبدا لم نكن نتوقع أن حبل الود سيخنق الرجل يوما ما. ”صحانية وجه” أن يقول صحفي وأديب جزائري كلاما كهذا ويبصق على الذاكرة وعلى آلام شعب وعلى المجازر المقترفة وعلى الهوية المداسة والضحايا الذين عوملوا كالحشرات تحت أقدام جنود الاستعمار والقائمة تطول وتطول. كنا نرى في الرجل نجما سطع في سماء الأدب العالمي، وإذا به مجرد نصل صدئ وباشاغا يبحث عن قوت مثل هذا البن ڤانة الذي خرجت من تدعي أنها حفيدته توزع التخوينات وتزوّر التاريخ على كل من يريد شيئا من بضاعتها النتنة. أبدا لم أكن أتصور أن حبل طمع الجوائز يمكن أن يتلوى على قدمي صاحبه ليجرجره أرضا، مثلما جرجر أحد أقربائي حيا المجاهد خلف حصان جندي فرنسي فتفتت أشلاء. أبدا لم أكن أتصور أن يأتي اليوم الذي يتبول فيه إحدى ثمار جزائر الاستقلال على قبور الشهداء. لا تخف يا هذا، فليس هناك من يجرؤ على الطلب وعلى باب كل مؤسسة يقف حارس للنوايا يبحث صباح مساء كيف يخدم أسياده وأسيادك، وقد يأتي يوما من يعتذر لفرنسا لأن الجزائر أنجبت بن مهيدي وبن بولعيد وعبان وحسيبة والجميلات، لكنهم للأسف ماتوا، ماتوا عندما كان هناك من يتساءل ”واش بيهم الشاوية يتهاوشوا (يتعاركوا) مع فرنسا؟” ويشيحون بوجوههم تماما مثلما تفعل أنت اليوم، وفي الحقيقة لست وحدك. المثل يقول ”طارت السكرة وجات الفكرة” لكن في حالتك ينطبق العكس ”طارت الفكرة وجات السكرة”، فهل كنت تصدق كل هذا الهيلمان؟ لست أبدا ضد الصداقة مع فرنسا ولا أدعو لمقاطعة لغتها وثقافتها قدر ما أدعو للتفتح على الثقافات وما أكثرها وما أغناها، لكن أبدا لن أتسامح مع من يقتل شهداءنا مرتين وأكثر. لكن قيمة الاستقلال و قيمة الجزائر وما فعلته بنا فرنسا الاستعمارية لا يفهمه إلا من كانت والدته تلطخ وجهها بروث البقر خوفا من الاغتصاب ومن ربّته أمٌّ تبيت الليل تخبز الكسرة وتفتل الطعام للمجاهدين. اسأل زميلنا السعدي نصر الدين وسيعطيك درسا في الموضوع. لا تخف.. لا نطلب منك أنت أيضا أن تندم وتعتذر، والكلام الفصل كان أول رصاصة أطلقت من الأوراس. هل تعرف الأوراس؟ هل تعرف جبل بني صالح ووادي الزهور وجرجرة و.. و.. و..؟