قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقناة تلفزيونية تركية، مساء الاثنين، معلقا على الأزمة بين بلاده وهولندا، إنّ بعض دول الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتها ألمانيا لا تتقبل نهضة وعلو شأن بلاده. وأكّد أردوغان إنه سيتم محاسبة ألمانياوهولندا دبلوماسياً على موقفهما ”البشع”، مشيراً إلى أنه سيتم الذهاب بهذا الصدد إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية. وقال ”أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وقوفها إلى جانب هولندا. وأقول للسيدة ميركل: كونوا إلى جانب هولندا بقدر ما شئتم فأنتم تدعمون الإرهابيين. لماذا تؤوون أفراد التنظيم الإرهابي في بلادكم ولا تحركون ساكناً بهذا الشأن رغم تقديمنا لكم أربعة آلاف و500 ملفاً بهذا الخصوص؟”. وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أعلنت دعمها وتضامنها الكاملين مع هولندا بعدما وصف رجب طيب أردوغان أعضاء الحكومة الهولندية ب”بقايا النازيين”. وقال أردوغان معقبا على تصريحات رئيس الوزراء الهولندي مارك روتة ”إنهم يقولون بأنني سيد هذا البلد وثم يضعون على صورتي إشارة ضرب. إنني لست سيد هذا البلد بل إن الشعب هو السيد في بلدي يا سيد روتة. إنك لم تفهم الديمقراطية بعد، وحسب إعتقادي عليك بتعلم الديمقراطية”. وأوضح أردوغان أن فهم هولندا لمعاهدة فيينا هو ضرب من النازية الجديدة، وقال ”إنهم بهذا يُظهرون الوجه الحقيقي للغرب”. وفي السياق، أعلن نائب رئيس الوزراء التركي الناطق باسم الحكومة التركية نعمان قورتولموش أن بلاده اتخذت قرارا بتعليق العلاقات رفيعة المستوى مع هولندا. ونقل موقع قناة ”تي أر تي” التركية تصريحات قورتولموش في مؤتمر صحفي عقده اثناء انعقاد مجلس الوزراء برئاسة رئيس الحكومة بن علي يلدريم، أكّد فيها أن مجلس الوزراء تناول موقف أنقرة بجدية إزاء التطورات الأخيرة في هولندا على كافة الأصعدة، قائلا: ”اتخذ قرار تعليق العلاقات رفيعة المستوى والاجتماعات واللقاءات الرسمية إلى أن تعوض هولندا عن تصرفاتها ”. كما جرى تعليق تصريح الطيران الرسمي الذي منح لهولندا في 27 ديسمبر 2016، ومنع السفير الهولندي من العودة إلى تركيا. وأضاف قورتولموش: ”تم فض الجانب التركي من مجموعة الصداقة بين البرلمانين التركي والهولندي، وتقرر توصية مجلس الأمة التركي الكبير لإلغاء المجموعة”. وأفاد قورتولموش أن مواقف هولندا تجاه الوزراء الأتراك لا تتوافق مع القيم الأوروبية المشتركة من قبيل حقوق الإنسان والمشاركة السياسية والديمقراطية، لافتا الانتباه إلى أنهم يشعرون بالغضب والأسف ولا يتفهمون ما حصل. وأشار الناطق باسم الحكومة، أنه على الرغم من أن تركيا ليست مسؤولة عن هذه الأزمة، إلا أنها ستتحرك بمسؤولية وعزم في الفترة القادمة، وستبذل قصارى جهدها كي لا يتواجه الشعبان التركي والهولندي، وقال: ”هناك 460 ألف مواطن يعيشون في الشتات في هولندا. سنحمي حق كل فرد من هؤلاء. وسترد تركيا على هولندا بشكل مناسب، وستتخذ التدابير اللازمة”. الخارجية التركية: تصريحات موغريني وهان ”تنطوي على تقييمات خاطئة” أكدت الخارجية التركية أن التصريحات ”قصيرة النظر” للممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، ومفوض الاتحاد يوهانس هان حول التوتر بين هولنداوتركيا، مغلوطة، وقالت الوزارة في بيان نقلته الأناضول، يوم أمس، أن تلك التصريحات ”تنطوي على تقييمات خاطئة”. وشددت على أنه ”من المؤسف جدا” مؤازرة الاتحاد هولندا التي انتهكت حقوق الإنسان والقيم الأوروبية بشكل صارخ، تعبيرا عن التضامن مع دولة عضو. وأكدت على ضرورة إدراك الاتحاد أن التصريحات التي تدعو تركيا إلى تجنب ما أسمته ب”التصريحات والإجراءات المبالغ فيها”، بدلا من التركيز على الدول المسببة للتوتر، ستساعد على ”تأجيج النزعات المتطرفة مثل معاداة الأتراك والأجانب”. وكانت المفوضية الأوروبية دعت تركيا ودول الاتحاد الأوربي إلى خفض حدة التوتر بين الجانبين نهاية الأسبوع الماضي، مضيفة: ”الاتحاد الأوروبي يدعو تركيا إلى الحد من التصريحات والإجراءات المبالغ فيها التي قد تُسفر عن تفاقم الوضع الحالي بشكل أكبر”. جاء ذلك في بيان مشترك صدر عن فيديريكا موغريني الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، و”يوهانس هان” المفوض الأوروبي لسياسة الجوار والتوسعة. ويشار إلى أنّ رئيس الوزراء الدانماركي لارس لوكيه راسموسن طلب من رئيس الوزراء بن علي يلدريم تأجيل زيارته المُزمعة هذا الشهر إلى الدانمارك، على خلفية التوتّر المتصاعد بين تركياوهولندا. وقال راسموسن: ”عقب ردود الفعل التي أبدتها تركيا تجاه هولندا، فإنه لا يمكن التفكير في اجتماعنا بمعزل عن هذه الأحداث. ولذلك فقد اقترحت على نظيري تأجيل اجتماعنا”. وأضاف راسموسن المعروف بمواقفه العنصرية تجاه اللاجئين، أنه يراقب التطوّرات الحاصلة مؤخراً بين تركيا والبلدان الأوروبية بقلق بالغ. كما وصف وزير الخارجية الفرنسي تصريحات أردوغان ب”غير المقبولة”. واشنطن تدعو أنقرة وأمستردام إلى الهدوء ومن جهتها دعت وزارة الخارجية الأمريكية، مساء الاثنين، كلا من تركياوهولندا إلى الهدوء، وطالبتهما بحل الأزمة الدبلوماسية بينهما. وقال مسؤول رفيع في الوزارة ”كلاهما شريك قوي وحليف في حلف شمال الأطلسي، نحن نطلب ببساطة تجنب المزيد من التصعيد والعمل معا لحل الأزمة”. وأضاف الدبلوماسي الأمريكي أن إدارة الرئيس دونالد ترمب لم تتدخل مباشرة مع أنقرة ولاهاي لأنهما من ”الديمقراطيات القوية” و”بإمكانهما تسوية الأمور بينهما”. ولم يتخذ المسؤول موقفا مؤيدا لتركيا أو لهولندا، لكنه قال إن ”الناس يجب أن تكون قادرة على التظاهر سلميا، ومع أخذ هذا في الاعتبار، ينبغي على البلدين تجنب الحرب الكلامية كما حدث نهاية هذا الأسبوع”. وكانت السلطات الهولندية أوقفت وزيرة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركية فاطمة بتول صيان قايا خارج قنصلية بلادها يوم السبت في روتردام واعتبرتها ”شخصا غير مرغوب فيه”، وطالبتها بمغادرة البلاد واقتادتها إلى ألمانيا. واستخدمت الشرطة الهولندية القوة لتفريق مواطنين أتراك للتنديد بمنع وصول موكب الوزيرة التركية إلى مدينة روتردام، مستعينة في ذلك بالكلاب وخراطيم المياه. كما تظاهر أتراك أمام سفارة هولندا في أنقرة، وأمام قنصليتها في إسطنبول، للتعبير عن رفضهم منع هولندا زيارة الوزراء الأتراك. وانتزع متظاهرون غاضبون علم هولندا من على قنصليتها في إسطنبول. وفي المقابل قال المستشار النمساوي كريستيان كيرن في تصريحات لاذاعة ”أو.آر.إف” النمساوية إنه سيسعى لمنع وزراء أتراك من حشد تأييد الأتراك في النمسا لاستفتاء 16 أفريل الذي تعتزم تركيا إجراءه لتوسيع سلطات الرئيس إردوغان. وعن استفساره عما ستفعل الحكومة النمساوية إذا حاول وزير تركي حشد تأييد أتراك النمسا للاستفتاء، قال كيرن ”سنحاول منع هذا لأسباب تتعلق بالأمن العام”.