قالت مجلة ”فورين بوليسي” الأمريكية في مقال للرأي للكاتب جيمس بالمر جيمس، نشر على موقعها الالكتروني يوم أمس، إن ما يعتبره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ”قوة” يراه الصينيون ”غباء”. وأضافت الصحيفة أنّ الأحداث السياسية فى الصين تتواتر بتنسيق محكم، ولا سيما الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الولاياتالمتحدة للقاء نظيره الأمريكي دونالد ترامب في منتجع الأخير بفلوريدا. ولفتت الصحيفة إلى أنّ ”قرار ترامب بضرب قاعدة ”الشعيرات” خلال القمّة التي جمعته بشي جينبينغ كان بمثابة صدمة للجانب الصيني، الذي يعتقد أن هناك سوء نية في معظم القرارات التي يتخذها الرئيس الأمريكي، حيث يرى الصينيون أنّ ترامب يعتقد بأنّ قصف سوريا سيكون أفضل طريقة لصفع الصينيين وللظهور قويا أمام ضيفه. وقال كاتب المقال إنّ الصينيين ينظرون، بعين الريبة والشك، إلى الرئيس الأمريكي، بسبب قراراته المثيرة للجدل، كذلك الأمر بالنسبة لإدارته ومستشاريه الذين يتغيرون باستمرار، وكان آخرهم إقالة مسؤول شؤون الأمن القومي في البيت الأبيض. وكان الرئيس الأمريكي أجرى تعديلا في مجلس الأمن القومي أعفى من خلاله كبير الاستراتيجيين ستيف بانون من مهامه. ويعكس التعديل، بحسب مسؤولين في البيت الأبيض، قرارًا صارمًا بنية ترامب حرمان بانون من حضور الاجتماعات رفيعة المستوى في البيت الأبيض. ولفتت ”فورين بوليسي” إلى أن الكثير من المعلقين أشادوا بالحزم الذي أبداه ترامب من خلال قراره بضرب القاعدة الجوية السورية، وأعجبوا بفحوى الرسالة الضمنية التي أراد ترامب إيصالها للرئيس الصيني، معتبرين أن ذلك يشير إلى إمكان القيام بالمثل في شأن الأزمة النووية مع بيونغ يانغ، إلا أن الصحيفة شددت على أن الصينيين لا يرون الأمور من هذا المنظور وهم يعرفون أن القدرات الأمريكية ليست كما في سابق عهدها، من دون رادع، بسبب تغير موازين القوة عما كانت عليه في الماضي القريب، إلا أن الصين وبعكس روسيا لن تضر بعلاقاتها بسبب سوريا ”البلد الصغير” البعيدة عن مصالحها الحيوية، وحتى لو جمعت الصين علاقة تحالفية مع روسيا. وأشارت الصحيفة إلى أنّ بكين ترى سياسة واشنطن الخارجية بالمتقلبة، لا سيما بعد الحرب الباردة –”أدت إلى ”عدم استقرار، أرعن و”أحمق” في العراق. فقبل أحداث 11 سبتمبر 2001، تحركت الولاياتالمتحدة بجدية لاحتواء الصين. وبينما انشغلت واشنطن بمستنقع الفلوجة وقندهار، أبرمت الصين تحالفات اقتصادية وبنت مصانع وجزرا اصطناعية. وخلص صاحب المقال إلى أنّ الولاياتالمتحدة غزت العراق بدون مبرر، وهدرت 15 تريليون دولار، وخرجت من هناك خاوية اليدين. يذكر أنّ الولاياتالمتحدة هاجمت بصواريخ ”توماهوك”، قاعدة الشعيرات الجوية بمحافظة حمص، مستهدفة طائرات سورية ومحطات تزويد الوقود ومدرجات المطار، في رد على قصف بلدة ”خان شيخون” بإدلب، بالأسلحة الكيمياوية، قبل أيام. وتسبب الهجوم برد فعل غاضب من موسكو، التي اعتبرته ”عدواناً على دولة ذات سيادة”، ودعت إلى اجتماع طارئ بمجلس الأمن لمناقشته. وعقد مجلس الأمن الدولي ليل الجمعة، جلسة طارئة لبحث الضربة الصاروخية الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية بريف حمص السورية. واعترضت روسياوالصين خلال الاجتماع على الهجمة الأمريكية، لكن حلفاء واشنطن اعتبروها أمرا طبيعيا نتيجة الانتهاكات حيال المدنيين. وقالت نيكي هيلي سفيرة واشنطن لدى الأممالمتحدة، خلال الجلسة، إن بلادها اتخذت إجراء محسوبا بدقة كان ”مبررا تماما” عندما أطلقت صواريخ على قاعدة جوية سورية بسبب هجوم مميت بأسلحة كيماوية، وتابعت هيلي ”نحن مستعدون لفعل المزيد لكننا نأمل ألا نضطر لذلك”. وأضافت قولها ”لن تقف الولاياتالمتحدة مكتوفة الأيدي أمام استخدام أسلحة كيماوية، من مصلحة أمننا القومي منع انتشار واستخدام الأسلحة الكيماوية”. وفي ذات الشأن أعلن وزير الخزانة الأمريكي، ستيف منوتشين، عزم واشنطن تسليط عقوبات اقتصادية جديدة على الحكومة السورية في المستقبل القريب، وذلك في إطار الرد الأمريكي على الهجوم الذي نفذه الطيران السوري مؤخرا على ”خان شيخون”. وقال الوزير الأمريكي، في تصريح يوم أمس، إنه يتوقع أن تستمر تلك العقوبات في التأثير بشكل مهم على منع الناس مع الدخول في تعاملات تجارية مع الحكومة السورية، مشددا في الوقت ذاته على الأهمية البالغة لهذه العقوبات التي سيتم تطبيقها قريبا في تحقيق أقصى تأثير على النظام السوري. وكان مسؤول في الإدارة الأمريكية أعلن أنّ بلاده أطلقت ”59 صاروخا موجها عالي الدقة” على أهداف شملت مهبطا للطائرات وطائرات ومحطات للوقود في قاعدة ”الشعيرات” الجوية بمحافظة حمص، في سوريا. وأعلن الجيش العربي السوري، أمس الجمعة، مقتل 6 من عناصره، وجرح آخرين في الهجوم الصاروخي الأمريكي الذي استهدف مواقع عسكرية تابعة له في ريف حمص، فجر أمس. وكان الهجوم الكيميائي على بلدة ”خان شيخون” السورية، يوم الثلاثاء الماضي، أسفر عن مقتل 86 مدنيا بينهم ثلاثون طفلا و20 امرأة، وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.