قُتل عشره أشخاص، فيما أصيب أكثر من 50 آخرين، بينهم رجال شرطة، في اعتداءين ”إرهابيين” متزامنين وقعا في وقت متأخر من ليل السبت في وسط العاصمة البريطانية لندن. وأعلنت الحكومة الأسترالية أن أستراليين أصيبا في الهجوم، ونقل أحدهما إلى المستشفى. وقُضي على ثلاثة مهاجمين، بحسب ما أعلنت الشرطة البريطانية أمس. ودهست سيارة حشدا من المارة على جسر ”لندن بريدج” في لندن. وقالت الشرطة إنها تتعامل مع حادث أمني خطير، وطلبت من المارة الابتعاد عن المكان، الذي شهد انتشارا مكثفا لأفراد من الشرطة المسلحة. وقالت مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية هولي جونز التي كانت في مكان الحادث أنها شاهدت شاحنة خفيفة يقودها رجل كان يسير بسرعة نحو كلم 80 في الساعة، وأوضحت أنه يتم علاج خمسة أشخاص أصيبوا في الحادث بعد أن صعدت السيارة إلى الرصيف ودهستهم. ثم توجه المهاجمون الثلاثة بسيارتهم إلى حي بورو ماركت، المنطقة المشهورة بالحانات والمطاعم والتي تقع قرب الجسر، أين تركوا مركبتهم، وقاموا بطعن عدد من الأشخاص بينهم ضابط في الشرطة أصيب بجروح بليغة. وتحدثت أنباء عن وقوع حادث طعن ثالث في منطقة فوكسهول بلندن وإطلاق نار في مكانين آخرين، وأنّ الشرطة تبحث عن ثلاثة مشتبه فيهم. وقالت شرطة لندن إن دافع الإرهاب وراء حادثة الدهس فوق جسر لندن بريدج، والحادثة الأخرى في سوق للطعام بوسط لندن، وأنّ الحادثة الثالثة التي وقعت في منطقة فوكسهول، ليست مرتبطة بالحادثتين الأخريين، وأنّ المهاجمين الثلاثة كانوا يرتدون أحزمة بها عبوات ناسفة زائفة، وأنّ عناصر الشرطة تمكنوا من تصفيتهم في بورو ماركت بإطلاق أعيرة نارية” عليهم، ودعت كل شخص يملك صورا أو مقاطع فيديو من مكان الحادث أن يرسلها على الفور للمساعدة في التحقيقات. وإثر الحادث، ترأست رئيسة الوزراء تيريزا ماي، يوم أمس، اجتماع لجنة الأزمات الحكومية لمتابعة الأحداث شارك فيه عمدة لندن صادق خان. ووصفت ماي الاعتداءات التي وقعت في لندن بأنها ”عمل إرهابي محتمل”. وقالت في بيان ”بعد متابعة تقارير الشرطة والمسؤولين الأمنيين، أستطيع التأكيد أنه يتم التعامل مع الأحداث المروّعة في لندن على أنها عمل إرهابي محتمل”. وكانت ماي قد أشارت في مؤتمر صحفي عقدته مساء السبت، عقب الهجمات، إلى تواجد ملاذات آمنة للإرهابيين على الإنترنت وعلى الأرض، ودعت إلى ضرورة مواجهة الإيديولوجيات المتطرفة والإرهابية وسن قوانين جديدة لمحاربتها عبر الانترنت. وكشفت ماي أن شرطة بلادها تمكنت من إحباط خمسة هجمات الإرهابية منذ مارس، لافتة إلى ظهور نمطا جديد من العمليات الإرهابية. كما أوضحت أن الهجمات الثلاث الأخيرة التي تعرضت لها بريطانيا منذ شهر مارس الماضي غير مرتبطة ببعضها. وأكدت ماي إجراء الانتخابات في يومها المحدد يوم الخميس، واستئناف الحملة الانتخابية الاثنين. ومن جهته قال صديق خان عمدة لندن: لن ندع الإرهابيين ينتصرون”، كما أكّد أنّ ”الهجمات الإرهابية في لندن، لا ينبغي أن تدفعنا لتأجيل الانتخابات”. وكان حزب المحافظين البريطاني أعلن، إثر الحادث، تعليق حملته للانتخابات التشريعية المقررة في 8 جوان الحالي بعد على خلفية الهجوم الإرهابي. وقال ناطق باسم الحزب أن الحزب سيتم بحث هذا القرار مع ظهور تفاصيل جديدة عن الاعتداء. تضامن دولي وإثر الاعتداء الإرهابي، توالت عبارات التنديد بالحادث والتضامن الدولي مع ضحاياه. وندّد المجلس الإسلامي البريطاني بالهجوم الإرهابي الذي استهدف أبرياء، وقال هارون خان، الأمين العام لمجلس مسلمي بريطانيا في بيان: أدين تلك الأعمال الإرهابية بأشد العبارات. نشعر بصدمة كبيرة، وتلك الأعمال تثير الاشمئزاز تجاه منفذيها الذي يدمرون حياة أناس أبرياء من إخواننا وأخواتنا البريطانيين. من يفعل ذلك لا يحترم أرواح الناس أو الدين الذي يتبعه. نصلي ترحما على أرواح الذين ماتوا ولكل من تأثر بسبب الحادثتين. وأدان جامع الأزهر بشدة عمليتي الدهس والطعن الإرهابيتين، وأكد في بيان اصدره أمس، موقفه الثابت الذي يرفض كل العمليات الإرهابية التي تستهدف الآمنين في كل ربوع الأرض، مشددا على أن من حق جميع البشر العيش في سلام وأمان بغض النظر عن دينهم أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم. وطالب الأزهر المجتمع الدولي بضرورة تضافر الجهود للقضاء على الإرهاب وخطره الذي بات يهدد السلام العالمي ويضرب يوما بعد يوم مناطق مختلفة في كل أنحاء العالم. كما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليل السبت، خلال مكالمة هاتفية مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، دعم واشنطن ”الكامل” لبريطانيا. وقال البيت الأبيض إن ترامب أشاد في اتصاله الهاتفي ”برد الفعل البطولي للشرطة والأطراف الأخرى” للتصدي للاعتداء. وقال ترامب في تغريدة على تويتر: ”الولايات المتحدة ستبذل قصارى جهدها لمساعدة لندن والمملكة المتحدة. نحن معكم وليبارككم الرب”. من جانبه، أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتداء وقدم تعازيه لبريطانيا. وقال المتحدث الرسمي باسم الرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، أمس، إنّ بوتين أعرب عن مواساته وتعازيه العميقة للشعب البريطاني، عقب العمليات الإرهابية في لندن. وأضاف المتحدث أن الرئيس الروسي يدين العمل الإرهابي وأنه سيرسل برقية تعزية لرئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي. وأعرب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن تضامنه مع البريطانيين قائلا: ”الكنديون يتحدون للتعبير عن تضامنهم ودعمهم لأصدقائنا في لندن”. وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأحد وقوف بلادها إلى جانب بريطانيا، وقالت في بيان مقتضب ”تجاوزا لكل الحدود، يجمعنا اليوم الهلع والحزن وكذلك التصميم”. كما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، تضامن فرنسا ووقوفها ”أكثر من أي وقت مضى إلى جانب بريطانيا”. وكتب ماكرون في تغريدة ”أمام هذه المأساة الجديدة، فرنسا هي أكثر من أي وقت مضى جنبا إلى جنب مع بريطانيا”. يذكر أنّ اعتداء ”لندن بريدج” هو ثالث هجوم إرهابي يضرب بريطانيا في أقل من ثلاثة أشهر، تمكن خلالها الإرهابيون من ”الإفلات”، وهو ما يفرض ضغوطا شديدة على جهازي الاستخبارات والشرطة. وأسفرت عملية دهس بسيارة على جسر وستمنستر في محيط البرلمان البريطاني بلندن، في شهر مارس الماضي أسفرت عن مقتل 5 أشخاص، بينهم شرطي ومنفذ العملية، وإصابة نحو 40 آخرين. ووصفت رئيسة الوزراء تيريزا ماي، حينها، الهجوم بأنه ”مقزز ودنيء”، وأكدت، في بيان، أن مستوى التهديد ”الإرهابي” في البلاد، الذي تم تحديده عند مستوى الخطر الشديد، لن يتغير. كما شهدت بريطانيا في 22 ماي اعتداء في مدينة مانشستر قتل فيه 22 شخصا بعد قيام شاب بريطاني من أصل ليبي بتفجير نفسه عند الخروج من حفل. كما يأتي الهجوم الأخير في بريطانيا بعد سلسلة من الهجمات الأخرى في فرنسا، وألمانيا، وبلجيكا في غضون الأشهر الثمانية عشر الماضية.