شيد الجامع الكبير بتلمسان في سنة1136 من طرف يوسف بن تاشفين، أول خليفة لدولة المرابطين، أما المئذنة فبناها سنة 1236 يغمراسن بن زيان. وبني من الحجارة والطوب والجص. أما الزخارف المعمارية فتشمل الرخام، الجص المنحوت والمخرم، الخزف والخشب. والجامع الكبير لتلمسان هو واحد من ثلاثة مساجد بناها المرابطون في الجزائر إلى جانب مسجد الجزائر ومسجد ندرومة. ينتظم جامع تلمسان الكبير، على شاكلة الجوامع المرابطية الأخرى، في تصميم يعتمد البلاطات المتعامدة مع حائط القبلة، وصحن مستطيل الشكل، محاط بأروقة على الجانبين الصغيرين؛ ويمثّل النموذج المغاربي الأول للعمارة الدينيّة. إنّ المخطّط الأصلي (الذي لم يكن يحتوي على الرواقين الجديدين الذين يتقدمان المئذنة) عبارة عن مستطيل، مقطوع بمساحة مثلّثة في جزئه الشمالي الغربي. يقارب طول المجموع 55 متراً وعرضُه أقلّ من هذا القياس بقليل. وتصميمه غير منتظم على مستوى الحائط الشمالي الغربي بسبب طبوغرافية الموقع بالجهة الشمالية، في مكان مائل نسبيا عن محور المحراب ترتفع الصومعة التي بناها يغمراسن سنة 1236 وهي ذات شكل مربع ويعلوها منور. ينفتح الصحن على قاعة الصلاة، وهو ذو تصميم مربع الزوايا ومنحرف وتحيط به أروقة من ثلاث جهات تشكل بعضها امتدادا لبلاطات قاعة الصلاة الثلاثة عشر الموازية لجدار القبلة، والتي تنقسم إلى ستة أساكيب. قسّمت قاعة الصلاة إلى ثلاث عشرة بلاطة، تشكّل سبع منها امتداداً لبلاطات قاعة الصلاة، وتؤطّر الصحن من جهتين (أربع من جهة وثلاث من الأخرى). تعلوها المدخل ”سدّة”. غُطيت كلّ بلاطة بسقف من القرميد مكون من سطحين مزدوجين. تستند عوارض الهيكل الخشبي على وصلات حاملة نُحِتت عليها زخرفة نباتيّة؛ وغطيت قبّتا البلاطة الوسطى بسقوف من القرميد رباعية السطوح. إنّ رصانة شبه تقشّفيّة تُبرِز وبقوّة المناطق المزخرفة التي تتلخّص في الممر الرئيسي وفي المحراب الذي يفضي إليه. وتتميز هندسة الجامع الكبير بتلمسان باستعمال العقود على شكل حدوة فرس متجاوزة ومنكسرة وأخرى متعددة الفصوص مزخرفة خاصة جوار المحراب. هذه الأشكال نجدها كلها بجامع القرويين بفاس، حيث زين الفضاء المجاور للمحراب ببلاط أوسط واسع تعلوه قبتان جميلتا الصنع مستوحاة من قباب جوامع قرطبة بالأندلس والقيروان بتونس والأزهر بالقاهرة.