استثنت وزارة التجارة استيراد السجاد من قائمة الممنوعات التي وضعتها في إطار سياسة التقشف، بعد الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها البلاد. هذا الاستثناء جاء استجابة لطلب وزير الشؤون الدينية الذي يشرف على تأثيث جامع الجزائر الأعظم، حيث سمحت له وزارة التجارة باستيراد سجاد فخم يليق بمقام هذا الإنجاز الكبير الذي ما زال محط جدل في الأوساط السياسية بالجزائر، مع أن المشروع مسجل منذ عهد الرئيس الراحل الأسبق هواري بومدين، وتأجل لأسباب مالية وسياسية، حتى أن اختيار مكان الانجاز لم يأتي اعتباطا وإنما اختير في مكان كنيسة لافيجري التي تأسست أثناء الفترة الاستعمارية ومنها كانت تنطلق الحملات التبشيرية لاسترجاع الماضي المسيحي لشمال إفريقيا، قبل أن يفسد استقلال الجزائر المخطط الفرنسي الذي كان يهدف لمحاربة الهوية والدين الإسلامي. أعود لقضية السجاد، فمن المهم أن يؤثث المسجد الرائع التصميم، بسجاد يليق بمقامه وبهيبة المنشأة، لكن ألم يكن من اللائق أن يؤثث بسجاد محلي الصنع، سجاد ذو هوية وطنية ومن صنع بنات الجزائر في المدن الداخلية في ورشات الصناعات التقليدية التي تزخر بها البلاد. ألم يكن الهدف من إنشاء الجامع الأعظم التأكيد على الهوية الإسلامية. سيقول لي بعضهم، أن الجامع أنجزته شركات أجنبية، صينية ومن جنسيات أخرى، وحتى التصميم لم يكن جزائري، لكن السجاد هو أحسن توقيع باسم الهوية، خاصة وأن السجاد الجزائري معروف بتنوعه حسب كل منطقة، من غرداية إلى منطقة الشاوية مرورا بمنطقة القبائل، ولكل منطقة طابعها المتوارث عبر قرون من الزمن. ألم تكن هذه فرصة لمنح نساء الجزائر عمل وإنجاز شيء يعتزين به ويحققن من ورائه مكسب يعينهن على الأزمة التي مست الطبقات ضعيفة الدخل؟ أم أنها فرصة للبعض لتحقيق مكاسب من وراء صفقات مثلما هو معمول به في لعبة الاستيراد التي تغطي على الكثير من الفساد، وهي ممارسة قديمة قدم الاستقلال وقد سبق للوزير الأول الأسبق عبد الحميد الإبراهيمي في عهد الشاذلي أن كشفها في القضية الشهيرة بقضية 26 مليار دولار، والتي كشفها انتقاما من السلطة التي أبعدته من الحكم؟ القضية تفتح استفهاما آخر حول وزارة الدين، التي سبق وتاجر بعض إطاراتها بجوازات سفر الحج وتلاعب آخرون بأموال الزكاة!