توجه أكثر من 6 ملايين ناخب نمساوي، من مجموع عدد سكان البالغ عددهم نحو 9 ملايين نسمة،يوم أمس، للتصويت في الانتخابات البرلمانية المبكرة والتي يتوقع أن تحدث تغيرا كبيرا في المشهد السياسي للبلاد، تحتدم فيها المنافسة بين تياري المحافظين واليمينيين. وتدل كل المؤشرات على أن النمساويين يريدون استبدال الوسطية بيمين أكثر تشددا، بعدما ضاقوا ذرعا بأمواج اللاجئين. وتشير استطلاعات الرأي إلى تصدر حزب الشعب المحافظ الذي يتزعمه وزير الخارجية سيباستيان كورتس (31 عاماً) منذ ماي الماضي، السباق الانتخابي، مطيحا في ذلك بحزب الحرية اليميني المتطرف. ويحكم البلاد حاليا ائتلاف يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة المستشار كريستيان كيرن وحزب كورتس، لكن الأخير دعا كورتس إلى إنهاء هذا التحالف عندما تولى رئاسة حزبه، ما أدى إلى إجراء انتخابات مبكرة. وتعهد كورتس، بخفض عدد اللاجئين بإغلاق المنافذ الرئيسية للمهاجرين إلى أوروبا من البلقان وعبر البحر المتوسط، بعد توافد أعداد كبيرة منهم ، عندما فتحت حدود البلاد في 2015 أمام موجة من مئات الآلاف من الفارين من الحرب والفقر في الشرق الأوسط ومناطق أخرى. كما تعهّد كورتس بالعمال من الدول الأكثر فقرا في شرق الاتحاد الأوروبي. وسيتنافس على المركز الثاني كلاً من حزب الحرية والحزب الديمقراطي الاشتراكي. وتحاول الحركة اليمينية المتشددة ”حزب الحرية”، التي أسسها نازيون سابقون ويقودها هاينز كريستيان شتارخة (48 عاما) التخلص من صورتها الراديكالية لكي تظهر نفسها على أنها شريك ائتلافي في الحكومة المقبلة وكاد الحزب أن يفوز برئاسة البلاد العام الماضي وتصدر استطلاعات الرأي، إلى أن تمكن كورتز من استقطاب أصوات لصالح ”حزب الشعب” الذي شهد تعديلات في الربيع. وقاد ستارخه حملة مناهضة لطالبي اللجوء وتعهد خلال حملة انتخابية، بمنع تحوّل النمساويون إلى ”أقلية في بلدهم”. ويشكّل التحول نحو اليمين في النمسا، مصدر قلق للاتحاد الأوروبي، الذي يعاني من تداعيات قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد صعود القوميين في ألمانيا والمجر وبولندا وغيرها من الدول. وتعدّ النمسا من بين الدول الأوروبية التي استقبلت أكبر نسبة من المهاجرين بالمقارنة مع عدد السكان (1،5 بالمئة) خلال سنتين، ما أثار جدلا حول كلفة المساعدات الاجتماعية والقدرة على استيعاب القادمين الجدد، إضافة إلى تداعيات الهجرة الأمنية. ودعت منظمات اسلامية معترف بها في النمسا من قادة الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية إعلان مواقفهم بشكل صريح من الإسلام ليتسنى لها توجيه المسلمين للتصويت في الانتخابات، خاصة بعد أن أصبح يطغى مصطلح كراهية الإسلام واللاجئين على الحملات الانتخابية للأحزاب.