صدر كتابك "صحفيون•• كلمات وشكوك" عن الدار الفرنسية بريفا عام 2005، وشارك فيه مجموعة من الصحفيين الفرنسيين الذين تحدثوا عن تجاربهم، لماذا عنونت الكتاب بكلمات وشكوك؟ بالنسبة لاختياري لكلمة شكوك في عنوان الكتاب، فذلك لأن الصحفي عليه دائما أن يشك، عليه أن يعيش لحظات الارتياب منذ اليوم الذي يدخل فيه عالم الصحافة إلى آخر يوم له في هذه المهنة، على الصحفي أن يتحقق من المعلومات، فهو يعيش في ارتياب مستمر، أما كلمات فالسبب يعود إلى أنني أعتقد أن أكبر صعوبة يتلقاها الصحفي في مهنته تتمثل في أن يسمي أو يحدد الكلمة المناسبة لتعريف وضعية معينة• في كتابك "صحفيون كلمات وشكوك"، لماذا اخترت إشراك عدد من الصحفيين للحديث عن تجربتهم؟ لأنني أردت الحصول على كتاب كامل، يحوي كل الآراء وأعتقد أنه كان علي أن أشرك في الكتاب مجموعة من الصحفيين الآخرين وبذلك سيكون الكتاب مهما بمشاركة 39 صحفيا، فحين راودتني فكرة إعداد الكتاب، كان لدي اقتراحان إما أن أروي تجربتي الخاصة في مجال الصحافة، وهو الأمر الذي كان يتطلب مني مخاطرة، لأنه كان علي أن أحكي عن تجربتي كصحفي وهذا الأمر كان سيجعلني أصنع من نفسي بطلا لم أكنه، أما الاقتراح الثاني فكان أن أطلب من 29 زميلا في المهنة الإجابة عن ثلاثين سؤالا أعددته، وأظن أن الاقتراح الثاني كان الأفضل، أما الكتاب الخاص بتجربتي في عالم الصحافة فسيصدر لي في 6 ماي تحت عنوان "ثلاثون سنة وشهرين" عن دار النشر الفرنسية باسكال غالودي• لماذا اخترت مهنة الصحافة بالتحديد؟ تمنيت أن أصبح صحافيا منذ سن السابعة أو الثامنة من عمري بمعنى في سنوات 1962 أو 1963 وانطلاقا من هذا القرار لم يكن في رأسي غير تحقيق هدف واحد، أن أصبح صحفيا دون الدراسة، فقد درست ولم أتحصل على البكالوريا، ولم أتحصل على دكتوراه في الدرجة الثالثة في التاريخ إلا بعد أربعين سنة بفضل الاعتراف بالمكتسبات المهنية • ما هي أول صحيفة أو قناة بدأت العمل فيها؟ بدأت في القناة التلفزيونية الجهوية في تولوز عام 1978 بعد أن أكملت واجبي في الخدمة العسكرية بباريس، ثم عملت بالتلفزيون ثم بالقناة الخامسة وبعدها في ريزو فرانس اوتر مار rfo• من بين الأحداث الدولية التي قمت بتغطيتها، ما هو الحدث الذي بقي أكثر رسوخا في ذاكراتك؟ هناك العديد من الأحداث التي أعتبرها لحظات قوية في حياتي، فهناك سقوط جدار برلين، البيروستورويكا، حادثة شيرنوبل بروسيا، أحداث ربيع بيكين، حرب الخليج الأولى• صحفيون كثيرون مارسوا مهنة الصحافة قرروا في فترة من الفترات التوقف عن مزاولة هذه المهنة ثم عادوا إليها، في رأيك ما هو السبب وهل عشت هذه التجربة؟ أعتقد أن الحياة قصيرة جدا، وأن هناك ميادين عمل يمكن أن تثير حماس الإنسان، وفعلا لقد عشت هذه التجربة، فقد دخلت عالم الصحافة ثم قررت التوقف عن مزاولة هذه المهنة، لأنني كنت أعتقد أنه علي أن أعيش تجارب أخرى في حياتي العملية• اليوم وأنا في سن الخمسين أرى أنه من المنطقي أن أنقل الخبرة التي اكتسبتها بعد ربع قرن من العمل في قاعات التحرير في كثير من الجرائد الفرنسية، للشباب وأن أوجههم، أنا اليوم أكتب ما هو مهم وأساسي، أن أعرف الناس بهذه التجربة والخبرة التي اكتسبتها• هل أنت على اطلاع بوضعية الصحافة في الجزائر؟ لست حاضرا في الجزائر، أظن أنه ليس من السهل ممارسة الصحافة في أي منطقة من العالم، وأعتقد أن الصحفيين في أي بلد لهم صعوبات خاصة تواجههم• الصحفيون اليوم يواجهون مشكلة تدفق المعلومات المختلفة في شتى الميادين من الوكالات، وهم مجبرون على تناول الخبر الذي لا يستطيعون الحصول عليه منها، ما العمل حتى تظل فكرة أن ممارسة الصحافة مرتبطة بالحصول على الخبر من الميدان؟ فعلا، فمع التطور الهائل الذي يشهده عالم الاتصال أصبح من الضروري على الصحفي التأكد من كل المعلومات، فأي مصداقية تملكها الصحافة الكامنة؟ فالصحفي يملك قيما، وأخلاقيات مهنة الصحافة تفرض عليه التعامل بحذر مع مصدر المعلومة وبالنسبة لي فإن الحذر هو القاعدة الأساسية والذهبية في مهنتنا، وكذا الصرامة الفكرية، فمع مرور الوقت أصبح أكثر صرامة من قبل• كيف تعرف مهنة الصحافة؟ يمكن أن نعطي جميع التعريفات، فالصحفي هو الوسيط، حامل المعلومة، الصحفي هو مسافر الكلمة والذي عليه أن يعمل انطلاقا من مبدأ الشرف والاستقامة والاحترام، والقواعد المهنية، عليه أن يتجنب الالتباس، وأن يحترم الآخر وأن يترك مجالا لحرية ستقود قلمه، وأن يكون صلبا أمام الرجال والنساء الذين يمثلون كل السلطات وهذا ليس بالأمر السهل والبين• تجدر الإشارة إلى أن الصحفي الفرنسي هنري ويل كان مراسلا بالقناة الفرنسية الثالثة تولوز، وكذا بالقناة الفرنسية الخامسة، وتنقل إلى العديد من المناطق في العالم لتغطية أحداث مهمة كسقوط جدار برلين، وأحداث ربيع بيكين، وكذا حرب الخليج الأولى•