عن "المركز الثقافي العربي" ببيروت صدر حديثاً كتاب تحت عنوان "الإسلام والتجديد: كيف يتجدد الفكر الإسلامي؟" للكاتب السعودي زكي الميلاد. يقدِّم من خلاله رؤية تعبِّر عن وجهة نظره في التجديد الإسلامي مع الأخذ بعين الاعتبار مجمل المتغيرات التي طرأت على عالمنا المعاصر في السنوات الأخيرة. ضمَّ الكتاب سبعة فصول، تناولت الفصول الخمسة الأولى رؤى لخمسة مفكِّرين غربيين وعرب في شأن فكر التجديد الإسلامي، والتي ظهرت في القرن العشرين إلى غاية عام 1973، يتمثل هؤلاء المفكرون في محمَّد إقبال في "تجديد التفكير الديني في الإسلام" عام 1929، السير هاملتون جب في "الاتجاهات الحديثة في الإسلام" لعام 1947، محمَّد البهِّي "الفكر الإسلامي وصلته بالإسلام" 1957. أمين الخولي "المجدِّدون في الإسلام" 1963، وحسن الترابي "الفكر الإسلامي: هل يتجدد؟" 1973. يهدف زكي الميلاد من هذا العرض التاريخي المركَّز لرؤى هؤلاء المفكِّرين إلى التوثيق لعلاقة الفكر الإسلامي بفكرة التجديد، وتبيان كيفية تغير وتطوَّر هذه الفكرة في ساحة الفكر الإسلامي منذ بداية القرن العشرين. بمتابعة صيرورة النَّظر أو التأمُّل أو الاشتغال على فكرة التجديد في المراحل اللاحقة، أي في الثمانينيات وما تلاها من عقود، ففي هذه المراحل الأخيرة يعتبر الميلاد أن الفكر الإسلامي عرف طوراً جديداً في علاقته بفكرة التجديد الديني، تولَّدت منه وتعاقبت أطوار أخرى عليه، وظهر خلال هذه الفترة وما بعدها العديد من الكتابات والمؤلَّفات التي بحثت وعالجت هذه الفكرة. ويعتقد الميلاد أن في هذه المرحلة ظهرت ثلاثة مؤشرات تتمثل في إسهامات الجيل الجديد من المثقَّفين الإسلاميين حول فكرة التجديد الديني. وتأثيرات حادث الحادي عشر سبتمبر 2001 وكيف ساهم هذا الحدث في تغير وتحوَّل هذه العلاقة. وأخيراً اهتمام النَّخب الفكرية غير الدينية في الحديث عن التجديد في الفكر الإسلامي، وحقيقة هذا الاهتمام وبواعثه، وطبيعة أرضياته الفكرية والموضوعية، وكيف تغيرت وتطورت علاقة هؤلاء بفكرة التجديد الديني. وفي هذا الكتاب أيضاً كتب الميلاد في الفصل السابع بالحديث عن رؤيته الخاصة لفكرة التجديد الإسلامي، وملامح وأبعاد هذه الرؤية التي لم يتناولها بمعزل عن رؤى عدد كبير من المفكِّرين العرب والمسلمين الذين خاضوا غمار النظر في هذه الإشكالية، وأعملوا فكرهم ورؤاهم فيها من بعيد أو قريب، ومنهم رضوان السيد، محمد عماره، برهان غليون، محمد تقي مدرِّسي، محمد باقر الصدر، مرتضى مطهري، عبد الرحمن الكواكبي، زكي نجيب محمود، فهمي جدعان، مالك بن نبي، محضير محمد، محمد عابد الجابري، وغيرهم. أخيراً، يتحدَّث الميلاد عن شروط إيقاظ روح التجديد، وهنا يعتقد أن التجديد يتطلَّب"صدمة" على منوال حملة نابليون على الشرق.. كذلك يحتاج التجديد في إيقاظ روحه إلى ظهور شخصيات إصلاحية مؤثرة بطريقة غير عادية، وإلى التحرُّر من أصنام التقليد والتبعية والجمود عبر اللجوء إلى الاجتهاد وإلى التقدُّم التحديثي والعمراني والتصنيعي وغير ذلك من أشكال التقدَّم المجتمعي.