اتجهت سميرة قبلي إلى تقديم أحداث روايتها من خلال تدوين يوميات البطل "غزلان " الذي اختارته أن يكون "صحفيا" هجر أرض الوطن إلى باريس بعدما حاولت "أيادي المجانين" اغتياله لولا "دعوات الأولياء الصالحين" التي حالت دون ذلك لكنها غرست في جسده سبع رصاصات استقرت إحداها في الرأس وأضحت تهدد حياته بين الفينة والأخرى.. "غزلان " اضطر إلى الإقامة هنالك رغم حبه الكبير وتعلقه الشديد بأرض الوطن التي ترك فيها أغلى الذكريات وأعز الأحباب " أمه ، حبيبته، القصبة العتيقة...."، وقد أرادت الكاتبة من خلال إقامته في باريس المدينة الساحرة أين تعرف على سناء "الحمامة الدمشقية " التي أدخلته بجمالها عالما غير عالمه، أن تبين مدى تأثر "غزلان" بما لحق به من أضرار نفسية مما عايشه في أرض الوطن، وهو ما لم يستطع نسيانه رغم حياة الترف التي وجدها في باريس، لكن تعلقه الشديد بوطنه حال دون ذلك فلم يستطع مغادرة القصبة عندما جاءه" أحد أولاد الحومة بخبر تحرك الإخوة فيها...واحتمال استهدافه الممكن جدا"، حيث ظل يتابع أحداث الجزائر رغم بعده المادي عنها، إلى أن طرحت قضية المصالحة.. وهنا ثارت ثائرته "مصالحة تقضي بالعفو عن كل المجانين الذين حملوا السلاح والخناجر ضد العزل والأبرياء والضعفاء والمبدعين !" ، هذه المصالحة تعود به إلى من أسمتهم الكاتبة " بقايا جثث متحركة" لأنهم طرف هام في الموضوع ، حيث يتذكر الطاهر جاووت ، جيلالي اليابس، عمر ورتيلان، سعيد مقبل ، بختي بن عودة ، يوسف السبتي وآخرون كثيرون... وبعد صراع مرير مع الذات وحوار عميق تركت سميرة قبلي المجال مفتوحا للإجابة عن أمر المصالحة.. حيث يقول غزلان " قلمي فيه خراطيش الحبر، يبتلعني درج القصبة، يؤدي إلى الهاوية ، مثل الشاة مضرج في دمائي، هل أصالح" . القارئ لأحداث الرواية عبر 284 صفحة يجدها مليئة بالأحاسيس الرائعة وواقعية إلى حد كبير تلامس ما يختلج نفوس كل من عايش أزمة العشرية السوداء في الجزائر؛ بحيث يجد فيها حديثا عن ذكريات في قالب تراجيدي ، كما أنها تناولت الأوضاع الأمنية في العالم كأحداث 11 سبتمبر 2001 ، والحرب في العراق ولبنان. من جهة أخرى يجد المتصفح لصفحات الكتاب أن سميرة قبلي لم تستطع التخلص من قبضة الكتابة الشعرية عليها .