الوضع في إفريقيا لم يتدهور على المستوى السياسي والاقتصادي فحسب .. بل تدهور أيضا على المستوى الإنقلابي.. ففي الستينيات والسبعينيات كانت الإنقلابات في إفريقيا يقوم بها العساكر برتب عالية مثل العقيد أو الجنرال أو حتى وزراء الدفاع وقادة الأركان .! لكن اليوم أصبحت الإنقلابات في إفريقيا ينفذها حراس الرئاسة.. مثلما حدث في موريتانيا الشقيقة مؤخرا، أو يتخذها ضابط صغير برتبة نقيب كما حدث في غينيا..! واختفى عهد الإنقلابات التي تنظم من ضباط كبار مثل ناصر في مصر والنميري في السودان.. والقذافي في ليبيا والهواري في الجزائر.. ربما حدث ذلك لأن رؤساء القارة لم يعد بينهم من هو في حجم سيكوتوري في غينيا، أو كوامي نكروما في غانا، أو جليوس نيربري في زامبيا، أو ابن بلة في الجزائر .! أو ربما حدث ذلك لأن الإتحاد الإفريقي قرر عدم الإعتراف بالإنقلابات. الملفت للإنتباه أن انقلاب غينيا قاده نقيب يسير بسيارته في شوارع كونكري خلف دبابة والجماهير تهتف بحياته وتصفه بأوباما الصغير .! في هذا البلد الوضع عجيب فعلا .. فقد زرته شخصيا عام 1974 رفقة الرائد مصطفى بلوصيف المدير في وزارة الدفاع آنذاك وأصبح في عهد الشاذلي لواء وأمينا عاما لوزارة الدفاع .. ورفقة المجاهد عبد المجيد بوزبيد الذي كان مديرا للإدارة في الأمن الوطني.. وكذلك رفقة السيد حسن الطيبي وحمه الله.. وكان أمينا عاما لوزارة الدفاع، وكان الراحل مسعودي زيتوني سفيرا للجزائر في هذا البلد، وأتذكر أن حارس سفارة الجزائر في كونكري نام وسرقت منه بندقيته من نوع كلاش .! وقال لنا السفير إن الأمر هنا جد عاد .! وسرت في الطريق في الحي الراقي في كونكري فرأيت جذع شجرة مكتوب عليه "قف منطقة عسكرية" ! وبعدها رأيت امرأتين تتشاجران وتجذب أحدهما الأخرى من الشعر .. وسألت عن الأمر فقيل لي أنهما زوجتا رئيس الوزراء.! ولذلك كانت الشرطة تتفرج على شجارهما دون أن تتدخل .! لهذا لا غرابة أن يؤيد رئيس الوزراء بحكومته انقلاب نقيب على حكمه.!