خرجت الجماهير العربية والإسلامية من المحيط إلى الخليج لمناصرة غزة لرفع الحصار ووقف النار عليها، فحررت غزة بذلك الشعوب العربية والإسلامية من الخنوع الذي عاشته تحت وطأة مظالم حكامها لسنوات. وبقدر ما تحررت هذه الشعوب بفضل صمود غزة، بقدر ما أظهر حكام العالم العربي تواطؤهم مع إسرائيل من المحيط إلى الخليج، ودفنوا رؤوسهم حتى لا تجبرهم شوارعهم على الكلام، والذين تكلموا مثل مبارك قالوا كفرا.. لكن الإنجاز الأكبر الذي حققه شهداء غزة هو لصالح تركيا. تركيا، التي لم تقبلها المجموعة الأوروبية عضوا فيها، التفتت إلى المشرق، إلى مكانها الطبيعي والتاريخي، وهي تريد اليوم لعب دورها الإستراتيجي مثلما كانت بداية القرن الماضي، والخاسر في هذه المعادلة هي مصر.. مصر التي فقدت دورها الإستراتيجي والعربي، ليس بتقاربها مع إسرائيل فحسب، فعلاقة تركيا بالدولة الصهيونية على أحسن ما يرام، بل لأن حكامها أنزلوا سقف مساوماتهم من الدور الإستراتيجي إلى المحافظة على الحكم، ففقدت بذلك الكثير وخسرت أن تكون دولة محورية في الشرق الأوسط والعالم العربي. الشارع المصري فهم هذه الخسارة، مثلما فهم متظاهرو اسطنبول رغبة حكامهم في استرجاع مجد تركيا الذهبي، فخرجوا مساندين لحكامهم، رافعين راية الدفاع عن شرق أوسط جديد تتزعمه تركيا.