أورد موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا حيزا كبيرا للمنتخب الجزائري لكرة القدم في حصاد السنة الجارية حيث اعتبر 2014 عام حافل بالكثير من الانجازات الكروية للبلد الواقع في شمال أفريقيا خصوصاً المشوار المميز الذي قدمه منتخب ثعالب الصحراء في مشاركته الثانية على التوالي في كأس العالم. فبعدما تأهل المنتخب الجزائري إلى العرس العالمي بصعوبة بفضل الأهداف المسجلة خارج ملعبه بعد تعادله مع بوركينا فاسو بنتيجة 3-3 في مجموع المباراتين، فاجأ المنتخب الجزائري المراقبين بتقديم أداء شجاع في البرازيل تأهل على إثره إلى الدور الثاني من كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه. كانت بداية المنتخب الجزائري في البرازيل مخيبة بعدما فشل في الحفاظ على تقدمه أمام منتخب بلجيكا ليخسر بنتيجة 2-1 قبل أن يعود بقوة في المباراة التالية أمام كوريا الجنوبية بتحقيقه لفوز كبير بنتيجة 4-2 في مباراة أصبح خلالها المنتخب الجزائري أول منتخب أفريقي يسجل أربعة أهداف أو أكثر في مباراة واحدة بكأس العالم. دخل المنتخب الجزائري مباراته الأخيرة في المجموعة الثامنة أمام روسيا على أمل تحقيق نتيجة إيجابية يتأهل على إثرها إلى الدور الثاني وهو ما تحقق بعدما سجل إسلام سليماني هدفاً ثميناً ليقود أبناء المدرب وحيد حليلوزيتش إلى التعادل بنتيجة 1-1 ليتأهل محاربو الصحراء للمرة الأولى من مرحلة المجموعات للعرس العالمي. وقد تحدث سليماني لموقع FIFA.com حول هذا الإنجاز قائلاً "لقد جئنا إلى البرازيل بهدف اجتياز مرحلة المجموعات، وبعدما حققنا الهدف الأسمى، يمكننا أن نشعر بالفخر والاعتزاز، ولكن يجب أن لا يتوقف طموحنا عند هذا الحد. فالإنسان يطمح إلى المزيد دائماً ونحن نأمل أن يستمر هذا الحلم. لا أريد أن يوقظني منه أي شخص كيفما كان." ولكن سليماني اضطر مع رفاقه للاستيقاظ من هذا الحلم الجميل على يد المنتخب الألماني الذي واصل مشواره في البطولة بنجاح ليحقق اللقب العالمي بعدما تخطى وبصعوبة المنتخب الجزائري بعد الوقت الإضافي بنتيجة 2-1 ليخرج المنتخب الجزائري مرفوع الرأس من البطولة. وقد عزا مدرب منتخب الجزائر السابق رابح سعدان في إحدى المقابلات مؤخراً نجاح المنتخب الجزائري إلى "الخبرة التي حصدها الفريق من مشاركته في جنوب أفريقيا عام 2010 حيث استخدموا الموارد في المكان الصحيح. يمتلك المنتخب إمكانات بشرية جيدة ولاعبين على أعلى مستوى كما أن الإستقرار الإداري كان متواجداً مما ساهم بتحقيق هذه النتائج اللافتة." بعد البرازيل 2014، واصل المنتخب الجزائري عروضه اللافتة بعدما أصبح أول منتخب إلى جانب الرأس الأخضر يضمن تأهله إلى كأس الأمم الأفريقية 2015 محققاً خمس انتصارات متتالية في المجموعة الثانية ومتفوقاً على مالي ومالاوي وإثيوبيا ليدخل البطولة التي ستقام الشهر المقبل كأحد المرشحين للفوز باللقب. سطوع نجم براهيمي كانت البرازيل 2014 فرصة أيضاً لسطوع نجم أحد محاربي الصحراء بعدما سجّل ياسين براهيمي هدفاً في المباراة التي فاز فيها منتخب بلاده على كوريا الجنوبية ليكون العرس العالمي محطة مهمة وقّع بعدها على عقد انتقل بموجبه من غرناطة الأسباني إلى العملاق البرتغالي بورتو. وكانت الصفقة ناجحة بدون شك بالنسبة لتنانين الأزرق والأبيض بعدما سجّل براهيمي أربعة أهداف في دوري أبطال أوروبا 2014-2015 قاد على إثرها فريقه الجديد إلى مرحلة خروج المغلوب بينما ساهم أيضاً بتأهل منتخب بلاده إلى كأس الأمم الأفريقية بتسجيله لثلاثة أهداف ليكون هدّاف المنتخب في التصفيات. هذا التوّهج لم يذهب سدى بعدما حصد اللاعب ذو الرابعة والعشرين من العمر العديد من الجوائز الفردية بما فيها جائزة أفضل محترف أفريقي في الدوري الأسباني عن الموسم الماضي قبل أن تختاره هيئة الإذاعة البريطانية أفضل لاعب أفريقي لعام 2014 ليصبح أول لاعب جزائري يحصل على هذه الجائزة. وقال براهيمي بعد الفوز لهيئة الإذاعة البريطانية "إنه شرف كبير بالنسبة لي أن أحصل على هذه الجائزة الرائعة. أدين بهذه الجائزة إلى بلدي الجزائر وإلى كل من صوّت لي. ستعطيني الجائزة المزيد من القوة والرغبة للعمل أكثر لكي أصبح أفضل ولأتعلم من أجل الحفاظ على الأداء الرائع." تألق وفاق سطيف كما انعكس النجاح الذي حققه المنتخب على أداء نادي وفاق سطيف الذي كان النادي الوحيد الذي حمل لواء الكرة الجزائرية في دوري أبطال أفريقيا 2014 وهي البطولة التي شارك فيها من الدور التمهيدي قبل أن ينجح في الوصول إلى مرحلة المجموعات ليشارك في المجموعة الثانية التي ضمته مع الصفاقسي والترجي التونسيين والأهلي بنغازي الليبي ويحتل بعد ذلك المركز الثاني ويتأهل إلى نصف النهائي. وفي المربع الذهبي، تفوّق النسور السوداء على العملاق الكونجولي تي بي مازيمبي بعد التعادل بنتيجة 4-4 في مجموع المباراتين بفضل الأهداف المسجلة خارج ملعبه وهو نفس العامل الذي ساعده للفوز بالمباراة النهائية على فريق كونجولي آخر هو فيتا كلوب بعد التعادل بنتيجة 3-3 في مجموع المباراتين. لم تكن مكافأة وفاق سطيف هي الفوز باللقب الأهم على صعيد الأندية في القارة السمراء فحسب، بل أصبح بذلك أول نادي جزائري يشارك في كأس العالم للأندية FIFA حيث مثّل أفريقيا في المغرب 2014 ليحتل المركز الخامس بعدما سقط في المباراة الأولى أمام أوكلاند سيتي النيوزيلندي بنتيجة 1-0 قبل أن يتفوّق بركلات الجزاء الترجيحية في مباراة تحديد المركز الخامس على بطل آسيا ويسترن سيدني واندرز الأسترالي بنتيجة 5-4 بعد التعادل 2-2 في الوقتين الأصلي. وقد أوضح اللاعب الجزائري الدولي السابق ولاعب وفاق سطيف عبد الملك زياية السبب في النتائج اللافتة التي حققها فريقه قائلاً لموقع FIFA.com "كلما كانت نتائج المنتخب الأول جيدة كلما كان الدوري قوياً، وهذا ما ينعكس بالإيجاب على نتائج الفرق المشاركة في المنافسات الأفريقية، وهو ما يفسر تتويج وفاق سطيف بدوري أبطال أفريقيا." وختم قائلاً "اللاعب المحلي يكون متحمساً أكثر لبدل عطاء أفضل حتى يجد مقعداً في المنتخب الأول أو الإنتقال للإحتراف في أحد الدوريات الأوروبية في ظل السمعة الجيدة للاعب الجزائري، والتي اكتسبت من خلال النتائج الأخيرة للمنتخب الأول." وإذا ما استمر العمل بنفس الحماسة التي تكلم عنها زياية، فإن القادم سيكون أجمل بالتأكيد للكرة الجزائرية لإثبات أن ما تحقق في 2014 لم يكن وليد الصدفة.