عين، أمس، الشيخ الطاهر آيت علجت على رأس اللجنة الوزارية الوطنية للإفتاء، خلفا للشيخ عبد الرحمان الجيلالي المتوفى سنة 2010، وبقي هذا المنصب شاغرا، حيث كانت وزارة الشؤون الدينية ترجع إلى عدد من الشيوخ الكبار لاستشارتهم في جملة من القضايا، من بينهم عضو اللجنة الشيخ محمد الأكحل الشرفاء الذي وافته المنية العام الماضي. يأتي الكشف عن تعيين الطاهر آيت علجت على رأس اللجنة الوطنية للفتوى بوزارة الشؤون الدينية، على هامش استقبال الوزير، محمد عيسى، مفتي دولة التشاد، أمس، بإقامة الميثاق بالعاصمة، حيث كشف الوزير أن هذا القرار قد تم اتخاذه قبل عدة أيام، غير أن الضجة الإعلامية التي أحدثتها بعض وسائل الإعلام حول الإساءة التي يكون قد تعرض لها الشيخ محمد الطاهر آيت علجت من قبل إطارات بمديرية الشؤون الدينية للعاصمة، التي تكون قد أمرت بتجميد منحة الشيخ، ومنعه من إلقاء خطب الجمعة، عجلت بالإعلان عن القرار. وكان رد فعل وزير الشؤون الدينية، محمد عيسى، أن سارع في فتح تحقيق معمق لمعرفة مصدر هذه "الإشاعة" التي تم إطلاقها في فترة تواجده بالمملكة العربية السعودية لتحضير موسم الحج 2016. ومباشرة بعد عودته من البقاع المقدسة، أشرف الوزير على تنظيم يوم تكريمي للشيخ آيت علجت، نفى خلاله ما أسماه بالإشاعات المغرضة التي طالت الشيخ. وأكد أن المعني يقوم بعمله في الوعظ والإرشاد وبتشجيع من وزارة الشؤون الدينية، ووعد الوزير بتصوير فيلم عن حياة الشيخ يقدم في ملتقى تكريمي ينظم بالمركز الثقافي الإسلامي لاحقا. في نفس الإطار، أكد مسؤول بوزارة الشؤون الدينية، ل"الخبر"، أن وزير الشؤون الدينية كان يحضر لتعيين آيت علجت على رأس اللجنة الوزارية للإفتاء، وكان من المفروض أن يعرض عليه ذلك، غير أن أطرافا قامت بتسريب ما اعتبره معلومات مغلوطة، من أجل تعطيل هذا الإعلان. وأضاف محدثنا أن اللجنة الوزارية للإفتاء تختلف عن مشروع ما يصطلح على تسميته منصب "مفتي الجمهورية"، مضيفا أن مشروع مفتي الجمهورية يوجد قيد التحضير وستتم إحالة هذه المسألة على مجلس الحكومة قبل شهر جوان المقبل. وكشف محدثنا أن الإطار القانوني والتأسيسي للهيئة الجديدة قد اكتمل بتعيين الأمناء العامين للمجالس العلمية على مستوى مختلف الولايات، الذين يتمتعون بصفة الإفتاء أو يحملون اسم "الإمام المفتي". وولد الطاهر آيت علجت بقرية ثمقرة بمنطقة بني عيدل ببجاية سنة 1912 م. وحفظ القرآن بزاوية جده الشيخ سيدي يحيى العيدلي، حيث تلقى المبادئ الأولى لعلوم الأدب واللغة العربية على يد شيخه العلامة السعيد اليجري، ثم رحل إلى زاوية الشيخ بالحملاوي بوادي العثمانية، قرب قسنطينة، حيث درس مختلف العلوم الشرعية، من فقه ولغة، كما تعداها إلى غيرها من العلوم الصحيحة كالحساب، والفلك، بالإضافة إلى العلوم الإنسانية كالتاريخ والجغرافيا، ليتفرغ بعد ذلك للتعليم والتدريس والإفتاء في زاوية ثمقرة، وهذا قبل الحرب العالمية الثانية، فأحدث نهضة علمية إلى غاية 1956، أنشأ من خلالها نظاما خاصا بزاويته، شبيها بنظم المعاهد الإسلامية الكبرى، فكان تلامذته يلتحقون بالزيتونة. وتخرج على يديه جملة من الطلبة المتمكنين، وما زال نشاطه مستمرا، فهو إلى يومنا هذا يعقد دروسا في الفقه والنحو وفن القراءات وغيرها من العلوم الشرعية بمسجد بوزريعة الجديد الذي يحمل اسم "الإمام مالك بن أنس" الواقع بالقرب من مقر سكناه. ومن أبرز تلاميذه، المفكر المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم ومحمد الشريف قاهر والشيخ أبو عبد السلام. وشارك الشيخ آيت علجت في الثورة الجزائرية، هو وسائر طلبة الزاوية الذين التحقوا كلهم بركب المجاهدين بعد أن أحرق الاحتلال الفرنسي زاويتهم في أوت 1956 م. وسافر إلى تونس في أواخر سنة 1957 م بإشارة من العقيد عميروش حيث كان الشيخ يتولى منصب القضاء في جيش التحرير، كما كان يتولى فصل الخصومات. ثم انتقل إلى طرابلس بليبيا حيث عين عضوا في مكتب جبهة التحرير. بعد الاستقلال وفي سنة 1963 عاد إلى الجزائر وعين أستاذا بثانوية "عقبة بن نافع" في باب الوادي بالعاصمة وثانوية "عمارة رشيد" بابن عكنون، إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1978. ثم وبطلب من وزارة الشؤون الدينية، عاد إلى نشاطه المسجدي، ليمارس دروس الوعظ والإرشاد وخطابة الجمعة بمسجد "الغزالي" بحي حيدرة وغيره من المساجد. ويعد الشيخ من الأعضاء البارزين ومن المؤسسين لرابطة الدعوة الإسلامية بالجزائر، التي ضمت مختلف أطياف الأحزاب الإسلامية بعد الانفتاح الديمقراطي في البلاد،. له مؤلفات في فنون كثيرة، كما هو الآن بصدد كتابة مذكرات تروي تاريخه وتاريخ الثورة الجزائرية، وتقييمه للأحداث ومواقفه عبر مسيرته الرائدة.