أكثر من ثمانية ملايين ناخب مسجلون في مالي مدعوون، اليوم، للاقتراع في الدورة الاولى للإنتخابات الرئاسية في البلاد لاختيار ممثلهم من ضمن 24 مرشحا لهذه الاستحقاقات التي يأمل في أن تشكل منعطفا هاما لاعادة الامن والاستقرار في البلاد، التي يفتقد وسطها وشمالها للأمن والاستقرار في ظل تواصل الهجمات الارهابية بالمنطقتين. ووسط توتر شديد وعدم استقرار أمني ومخاوف من التزوير، يشارك 24 مرشحا في الاقتراع، حيث يتوقع أن يكون بوبكر كيتا أكثر المترشحين حظا للفوز بها، باعتبار أنه يحظى بدعم غالبية أحزاب مالي بعدما أعلن تحالف يضم عشرات المنظمات والأحزاب المنتمية إلى الأكثرية الحاكمة دعمها لترشحه لولاية ثانية، غير أن آخر سبر لآراء الناخبين أظهر أن كلا من الرئيس المنتهية ولايته (التجمع من أجل مالي) الحاكم وسومايلا سيسي (الاتحاد من أجل الجمهورية والديمقراطية) المعارض، سيخوضان جولة ثانية من الاقتراع خاصة وأن العدد القياسي للمتنافسين يجعل من شبه المستحيل حسم السباق الرئاسي في الجولة الأولى، حسب المتتبعين للمشهد السياسي في جمهورية مالي. وكان كيتا قد انتخب في 2013 عقب التدخل الدولي ضد التنظيمات المتطرفة، ويعلق المجتمع الدولي الحاضر عسكريا بمهمة الأممالمتحدة الأمل على أن تؤدي هذه الانتخابات إلى الدفع بتطبيق اتفاق السلام المنبثق عن مسار الجزائر، الموقع في 2015 بين المعسكر الحكومي ومعسكر التمرد السابق الذي يهيمن عليه الطوارق قدما بعد أن شهد تأخيرا كبيرا في تطبيقه بسبب عدم تقيد الاطراف بتعهداتها. الأمن والإستقرار تعيش مالي، التي تعد واحدة من أفقر دول العالم، وسط حالة طوارئ دون انقطاع تقريبا منذ نوفمبر 2015، بسبب هجمات مجموعات متطرفة، بالإضافة إلى أعمال عنف قبلية وطائفية. ويلعب، في السياق، الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، ورقة الدفاع عن حصيلة أمنية وسياسية في بلاد كانت فريسة للتنظيمات المتشددة، حيث يقول: لم نرث بلادا هادئة وآمنة تعيش في ظروف عادية. لا على العكس، بذلنا طاقة هائلة وأبدينا شجاعة كبيرة ورؤية لتحريك هذه البلاد . لكن يسعى كيتا لولاية ثانية وسط تزايد الاستياء بسبب ضعف سجل الحكومة، تحديدا بشأن الأمن، لاسيما في وسط وشمال البلاد حيث تنشط الجماعات الإسلامية المتشددة. فينظر لانتخابات اليوم باعتبارها اختبارا للوضع الأمني في البلاد، ووزارة الأمن الداخلي قالت إنه تمت تعبئة 30 ألف عنصر من قوات الأمن والدفاع لحماية المرشحين خلال حملاتهم وعمليات التصويت، لكن وتيرة العنف في مالي تفاقمت قبل بضعة أيام من الاقتراع، فقد قتل ثلاثة مدنيين من قبيلة الفولاني في وسط البلاد الأربعاء في هجوم نسب إلى صيادين تقليديين، حسب مصادر أمنية. وصرح عبد العزيز ديالو، رئيس أبرز جمعية للفولاني في البلاد: لقد طوق صيادون من الدوزو قريبة سومينا (منطقة موبتي، وسط) وذبحوا كل الرجال قبل أن يلقوا بجثثهم في بئر . من جهته، قال حاكم مدينة تمبكتو، في شمال مالي إن اشتباكات اندلعت في المدينة الخميس بين جماعات من العرب والطوارق والسود، وأحرق محتجون مسلحون من العرب إطارات وأضرموا النار في سيارات في تمبكتو أمس احتجاجا على تدهور الأمن ومزاعم بسوء المعاملة على أيدي قوات الأمن. وقال السكان إن سبب العنف كان عملية سطو على صيدلية مملوكة لتاجر أسود، وردت قوات الأمن باعتقال بعض الشبان العرب المسلحين مما أشعل معركة بالأسلحة لم يصب فيها أحد. ونزل نحو 100 شخص إلى الشوارع الخميس ودارت اشتباكات بين العرب والطوارق ذوي البشرة البيضاء من جهة والسود من جهة أخرى. وأوضح حاكم المدينة ولد مودو إن أعمال العنف هدأت بعد الظهر، وأضاف أنه لم يصب أحد. تعبئة أمنية واسعة ولاستيعاب الأوضاع الأمنية، عبأت السلطات المالية نحو 11 ألف جندي لتأمين العملية الانتخابية على عموم تراب البلاد وضمان الحماية للمترشحين في السباق الانتخابي. وستجرى الانتخابات بحضور مراقبين من الاتحادين الافريقي والأوروبي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس)، حيث أوفد الاتحاد الإفريقي رئيس جمهورية بنين السابق توماس بونى يايي على رأس بعثته لمراقبة الانتخابات الرئاسية في مالي. إلى ذلك، شهدت الحملة الانتخابية جدلا حول اللوائح الانتخابية حيث نددت المعارضة من خطر التزوير، وندد فريق صومايلا سيسي الذي كان هزم بفارق كبير في الجولة الثانية من انتخابات 2013 أمام كيتا، بالاختلاف بين قاعدة البيانات التي أعدت وفقها بطاقات الناخبين وتلك التي نشرت إلكترونيا والتي تنطوي، بحسب الفريق المعارض، على تكرار لأسماء ناخبين وعلى مكاتب اقتراع لا وجود لها. لكن وزير الإدارة الإقليمية، محمد أغ إيرلاف، قال إنه لا وجود لقاعدتي بيانات، هناك وثيقة واحدة، مشيرا إلى أخطاء نجمت عن مشكلة في الخادم المعلوماتي. هذا ويخيم المشكل الأمني أيضا بصفة عامة وبصفة ظرفية، إلى درجة أن مخاطر عدم تنظيم الاقتراع يهدد العملية في قسم من البلاد. ففي مناطق شمال البلاد حيث لا تملك الدولة وجودا كاملا، يفترض أن تساهم المجموعات المسلحة التي وقعت اتفاق السلام في تأمين الاقتراع. ورغم كل هذه الاستعدادات، فإن نسبة المشاركة في التصويت عادة ما تكون ضعيفة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية وأقل من 50 بالمئة. ويتوقع أن تصدر أولى نتائج الاقتراع في غضون 48 ساعة، والنتائج الرسمية المؤقتة في 3 أوت على أقصى تقدير، وفي حال الاضطرار لجولة ثانية ستنظم في 12 أوت.