يعتبر الكلام أو النطق أحد أهم مظاهر ومؤشرات التطور الطبيعي عند الأطفال، غير أن هناك البعض من يجدون صعوبة في تلفظ الكلمات ويستمر ذلك لعدة سنوات، وهو الأمر الذي يرجعه مختصون في المجال إما لأسباب عضوية أو نفسية أو بيئية، مما يتسبب لهم في مضاعفات وآثار سلبية على نفسيتهم تستدعي علاجا خاصا. أطفال معرضون لمضاعفات نفسية بسبب تأخر النطق يواجه بعض الأطفال الصغار صعوبة في النطق خلال بداياتهم وهو ما يقلق الأولياء ويزعجهم، إذ ما يلبث ان يبلغ الطفل سن السنتين حتى يتلهف والداه لسماع أولى كلماته والتي تمثل لهم حدثا وخطوة ولكن في بعض الأحيان يصبح الانتظار هاجسا كبيرا لديهم إذ يقول يوسف في هذا الصدد بأن ابنه بلغ السنتين ولم ينطق بعد. ويضيف المتحدث بأنه متخوف من يصبح ابنه أخرس وتشاطره الرأي دليلة لتقول بأنها تراقب حركات ابنتها التي لم تنطق بعد رغم بلوغها السنتين، وتضيف ذات المتحدثة بأنها تخشى بأن لا تنطق وتصبح خرساء، ويواجه بعض الأطفال صعوبة في الكلام رغم نطقهم حيث يتلعثمون ولا يوضحون كلمتاهم رغم محاولتهم النطق وينطقون الكلمات بشق الأنفس، وهو ما أشارت إليه سعدية، حيث أطلعتنا بأن ابنها نطق متأخرا ويتلعثم كلما رغب في الكلام وعباراته غير مفهومة. أولياء يعرضون أطفالهم على مختصين لمساعدتهم على النطق ويرى الكثير من الأولياء عرض أطفالهم على المختصين النفسانيين والأرطفونيين لمساعدتهم على النطق والطلاقة في الكلام، وهو ما أطلعتنا عليه نوال لتقول في هذا الصدد بأن ابنتها تجاوزت سن السنتين وهي تنطق بصفة متلعثمة، وتضيف المتحدثة بأنها تخضع ابنتها لعلاج نفسي لتخطي المشكل، وتشاطرها الرأي سهام وتضيف بأن أبناءها عانوا من مشكل التلعثم وتخطوا الأمر بعد خضوعهم لحصص تأهيل نفسي، على غرار الجانب النفسي هناك أسباب أخرى تجعل الأطفال يتأخرون عن النطق والكلام بطلاقة والتي من بينها مشكلة التصاق اللسان بالجزء السفلي للفك حيث يمنع الطفل عن النطق أو محاولة النطق رغم رغبته في فعل ذلك وهو ما أطلعتنا عليه نسيمة والتي أخبرتنا بأن ابنها لم ينطق حتى سن الثالثة، وذلك بسبب التصاق لسانه بالفك، وتضيف المتحدثة بأنها لطالما لاحظت المشكل في ابنها في محاولاته للكلام، مضيفة بأنها تمكنت من إزالة المشكل ولكن رغم ذلك فإن الطفل يواجه نوعا من التلعثم والتأتأة في كلامه لانعدام تعوده على النطق، ويضيف عادل في السياق ذاته بأن ابنته واجهت الأمر ذاته وتأخرت عن النطق وتواجه صعوبة في الكلام رغم نطقها وتعلمها. مختصون: هذه هي عوامل تأخر الطفل عن النطق والكلام وفي ظل هذا الواقع الذي أثار استياء وقلق العديد من الأولياء، أوضحت عائشة شباكي، مختصة في علم النفس، بأن هناك عدة عوامل تمنع الطفل من النطق منها العامل العضوي حيث يكون لدى الطفل مشكل الحبال الصوتية أو مشكل في السمع أو مشكل في الفك أو اللسان. ومن جهة أخرى، يكون الجانب النفسي له علاقة بنطق الطفل حيث أن العقد النفسية الناتجة عن عنف أسري أو جو أسري مضطرب تنشئ طفل يعاني الخوف من الكلام وقلق حيث يصبح يعاني اضطرابات في النطق والكلام معا حيث يتكلم بطريقة غير مفهومة ويتلعثم بصورة ملفتة، وهناك عامل مرضى التوحد والذين يعاني أغلبهم من التأتأة وصعوبة في التواصل في الكلام مع الآخرين ولديهم تأخر في النطق، وهناك العامل الوراثي والذي لديه أيضا علاقة في تأخر النطق لدى الأطفال حيث إذا كانت حالات صم أو خرس أو إعاقة ذهنية أو تأخر ذهني في العائلة. وعن أسباب تأخر النطق لدى الطفل، تضيف حمايزي، أخصائية أرطفونية، أنها قد تكون نتيجة عوامل وراثية، ومن العينات التي تتذكرها حالة مجيد، صاحب 16 سنة، تقول أنه كان يعاني صعوبة في النطق، يتكلم تحت لسانه وكلامه غير مفهوم، حسب ما أكدته أمه، التي قالت أن زوجها هو الآخر لا يتكلم كثيرا وأحيانا كلامه غير مفهوم وهو ما ورثه بدوره عن أبيه. ومن بين التصرفات التي تصدر عن بعض الأولياء والتي انتقدتها الأخصائية الأرطفونية بشدة لكونها قد تكون سببا في تشتيت انتباه الطفل وهي تكلم الأهل أمام الطفل بعدة لغات تشرح قائلة: هنا يفقد الطفل الصغير تركيزه في تعلم الكلمات، حيث تكون العمليات العقلية الخاصة به بسيطة وغير ناضجة، وبالتالي تؤدي هذه العادات في الكلام أمام أو مع الطفل في حد ذاته إلى تأخر عملية النطق لديه بسبب أنه لا يستطيع تركيز ذاته حول ما يريد قوله للآخرين . وأشارت المتحدثة إلى كون الطفل الأول لدى العائلة هو الأكثر عرضة لتأخر النطق على عكس الطفل الذي يولد في عائلة كبيرة ولديه عدد معين من الأولاد، حيث يفتقد هذا الطفل عدة أطراف للتحاور من شأنها أن تساهم في تعلمه النطق بسهولة. لا يملك بعض الأطفال رغم بلوغهم مرحلة الطفولة المبكرة سوى رصيد كلامي بسيط جدا بسبب افتقاد بعضهم لعوامل التفاعل الاجتماعي والنقص العاطفي، حيث لا يجد بعض الأطفال مع من يتكلمون سواء داخل أسرهم أو في محيطهم الاجتماعي لكون الطفل قد يعرف نوعا من العزلة كأن لا يملك بعض الأصدقاء مما يؤدي إلى تأخر عملية النطق عنده. وهنا ننصح الأولياء بأهمية الكشف المبكر وعدم تفادي عرض الطفل على أرطفوني ونفساني لتفادي تعقيدات هذه المشكلة التي قد تتأزم مع الوقت .