مركز الإيواء الإستعجالي يتكفل ب900 مشرد يشتد برد الشتاء في هذه الأيام، وتتفاقم معه معاناة آلاف المشردين، فالمتجول ليلا بين ارجاء العاصمة يرى معاناتهم، ففي وقت تعصف فيه الرياح بشدة بين أزقة وطرقات مختلف ولايات الوطن، تتمسك عائلات كثيرة بما لديها من أغطية بالية وعلب كرتونية لا تكاد تقيها من البرد القارس الذي يضرب في كل الأرجاء، ومعها يحبس العشرات من المشردين في الطرقات أنفاسهم، متسائلين عن مصيرهم الحتمي في ظل هذا الواقع الذي يشتد فيه البرد القارس وتتهاطل فيه الثلوج. لا تخلو الشوارع والأحياء من المشردين، بحيث لا يعتبر انتشارهم بالأمر الجديد بالنسبة للمجتمع، فانتشارهم يزداد يوما بعد يوما، أين نجدهم يغزون محطات النقل والساحات العمومية امتدادا إلى أماكن أخرى، والتي توفر لهم الحماية من الأمطار والبرد وغيرها، إذ يختار غالبيتهم أماكن مغلقة على غرار الجسور للاحتماء تحتها وهو ما نشهده بصفة يومية، أين يرتحل عشرات المشردين نحو هذه الأخيرة. ففي شوارع العاصمة، يختار بعض المشرّدين النوم على مقربة من الأفران طلباً للدفء في ليالي البرد، ويختار مشرّدون آخرون محطات الحافلات وسيارات الأجرة على غرار محطة المسافرين بالقبة والشراڤة ومحطة خروبة، هذا المكان الذي يعج بالمسافرين يعد مكاناً آمناً بعدما تخلت عنهم عائلاتهم أو قست عليهم الظروف. تفحم مشرد بسبب انفجار قارورة غاز بأم البواقي ويواجه العديد من هؤلاء المشردين خطر الموت بسبب البرد القارس الذي تعرف العديد من ولايات الوطن، وهو ما تعرض له مؤخرا احد المشردين بام البواقي، والذي تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صور تبرز مدى تفحمه نتيجة انفجار لقارورة غاز البوتان. إستياء كبير لدى رواد الفايسبوك تفاصيل الحادثة تعود لحدود الساعة الثامنة مساء، أين كان الضحية المسمى خنفر عبد الكريم البالغ من العمر 62 عاما، داخل احد المحلات والتي حوّلها الضحية منذ مدة لمخبأ يقيه من قساوة الطبيعة بالمنطقة خاصة في فصل الشتاء. وقال نشطاء في جمعيات خيرية في عين البيضاء، إنّهم صادفوا الضحية خلال خرجاتهم الميدانية لمساعدة المحتاجين وحاولوا التكفّل بحالته ووضعه بدار المسنين، إلاّ أنّه وبعد تنقّلهم لمديرية النشاط الاجتماعي قوبل طلبهم بالرّفض، كون الضحية له أبناء ولا يمكن تخصيص له مكان بدار المسنين، وهو السبب الذي وصفوه هناك بالقانوني. وحسب أحد موظفي مديرية النشاط الاجتماعي، بقى عمي عبد الكريم يعيش بما جادت به نفوس الخيّرين والمحسنين داخل محلات الرئيس غير المستغلّة، إلى أن سمع الجيران دوي انفجار قارورة غاز بوتان بالمحل أين سارع بعض الشباب لمحاولة إنقاذه، إلاّ أنّ الجثة كانت قد تفحّمت كليا وتفاجؤوا أيضا بانفجار قارورة غاز بوتان أخرى، ليُسفر الحادث الأليم عن وفاة الضحية عبد الكريم وإصابة أربعة ضحايا آخرين غالبيتهم من المتشردين بحروق متفاوتة الخطورة على مستوى الوجه واليدين تراوحت أعمارهم ما بين ال16 وال49 سنة، حادثة وفاة الضحية عبد الكريم خلّفت استياء لدى كافة سكان المدينة. التكفل بحوالي 900 مشرد منذ بداية 2019 وفي ظل هذا الواقع الذي يعيشه هؤلاء المشردين خلال مثل هذه الايام القارسة، تعمل العديد من الهيئات والجمعيات على غرار وزارة التضامن الاجتماعي على تكثيف دورياتها للتكفل بهذه الفئة، خاصة في مثل هذه الايام التي تمتاز بشدة البرودة. تراوح معدل الأشخاص المشردين المتكفل بهم والذين تم إيوائهم بصفة استعجالية بالجزائر العاصمة، منذ الفاتح جانفي الجاري، بين 85 الى 90 شخصا يوميا، حسبما علم لدى مدير مؤسسة مكتب التضامن الاجتماعي التابع لولاية الجزائر، محمد العيشي. وأوضح العيشي، ان الفرق المتنقلة التابعة لهذه المؤسسة قامت منذ الفاتح جانفي من السنة الجارية بالتكفل والايواء الاستعجالي لقرابة 900 شخص بالجزائر العاصمة بمعدل يومي تراوح بين 85 الى 90 شخصا، حيث تم توجيههم على اثرها الى مركز الايواء الاستعجالي بدالي ابراهيم قبل ان يتم تحويلهم (حسب كل حالة: سيدات او رجال) الى المراكز التابعة للمؤسسة الموزعة عبر الولاية، من اجل متابعة وضعيتهم بصفة أدق. وكثفت الفرق المتنقلة التابعة للمؤسسة دورياتها عبر جميع المقاطعات الادارية بالعاصمة، لاسيما عبر الاماكن المحتملة لتواجد أشخاص من دون مأوى، من اجل السهر والتأكد من عدم وجود اشخاص في العراء في هذا الفصل البارد، دون استثناء اي شخص مشرد من حق التكفل به وضمان توفير مأوى له عبر المرافق المخصصة لذلك، يضيف العيشي. وذكر المتحدث بعدد الدوريات التي تمت عبر مختلف المقاطعات الادارية بالعاصمة خلال سنة 2018، والتي بلغت 2190 دورية، في حين يتم تكثيف تلك الدوريات منذ بداية شهر نوفمبر الفارط، لتقديم المساعدة اللازمة للفئات الهشة المتواجدة في العراء. وكانت مصالح ولاية الجزائر قد اكدت مع بداية الشهر الحالي وضعها تحت تصرف المواطنين خدمة الإتصال المجاني لمركز النداء على الرقم: 1100 للتبليغ عن الحالات لمتواجدة في الوسط المفتوح، خاصة منها تلك المعرضة للخطر المادي والمعنوي على غرار الأطفال القصر الذين يٌستغلون في التسول والأعمال المشبوهة، وكذا الأشخاص الذين لم يتم العثور عليهم أو الكشف عن مواقعهم أثناء مرور القوافل الميدانية التابعة. وأكدت ذات الجهة انه وفي إطار التكفل الإنساني والاجتماعي بالأشخاص بدون مأوى، فقد جندت قوافل ميدانية متنقلة تجوب كافة أحياء العاصمة بصفة يومية وعلى مدار 24 ساعة، بهدف جمع هؤلاء الأشخاص وتحويلهم إلى مركز الإيواء الإستعجالي لولاية الجزائر الكائن مقره بدالي ابراهيم، قبل تحويلهم إلى مراكز الإيواء المتخصصة، أين يستفيدون من جميع الخدمات الاجتماعية والصحية والرعاية النفسية. واعتبرت إسهام المواطنين في هذا المسعى بمثابة العمل الانساني، يضاف إلى جهود الدولة الرامية إلى حماية الفئات الهشة التي هي بحاجة إلى تضامن وتكافل كافة أفراد المجتمع. يشار الى ان مؤسسة مكتب التضامن الاجتماعي لولاية الجزائر تشرف على متابعة وتسيير عدد من المراكز الخاصة بإعانة المتشردين والفئات الهشة التي تتواجد في وضعية صعبة، والشباب المعرض للخطر (المعنف والمدمن على المخدرات)، وتتوزع هذه المراكز عبر بلديات بولوغين والرغاية شاطئ وباب الوادي ودالي ابراهيم. وللتذكير، تقبل مركز الإيواء الاستعجالي بدالي ابراهيم بولاية الجزائر خلال سنة 2018 ازيد من 18 الف شخص منهم حوالي 140 طفل واكثر من 400 سيدة، تم نقلهم من مختلف الشوارع والساحات العمومية عن طريق الفرق المتنقلة للتكفل بفئة المشردين التابعة لمؤسسة مكتب التضامن الاجتماعي بالعاصمة، حسبما علم عن محمد العيشي، مدير المؤسسة. متطوعون يطلقون حملة للتكفل بالأشخاص دون مأوى ومن جهته، عملت العديد من الجمعيات على تكثيف نشاطاتها التضامنية للتكفل بهؤلاء المشردين لتمكينها من قضاء شتاء دافئ، من خلال تزويدها بعدد من المستلزمات الضرورية المتمثلة في المؤن والأفرشة والأغطية، حسبما اكده العديد من المنظمون لمثل هذه المبادرة الخيرية، والتي لقيت استحسانا كبيرا، ما دفع بالكثير من رواد الفايسبوك يتفاعلون معها عبر الفضاء الازرق لتجسيدها على ارض الواقع، وهو ما عملت على تحقيقه العديد من المجموعات الخيرية التي تنشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتوزيع وجبات ساخنة والبسة وافرشة قد تقيهم من البرد القارس.