ستكون الأزمة السياسية القائمة في فنزويلا، منذ إعلان رئيس البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، خوان غاديو، نفسه رئيسا انتقاليا للبلاد، محور لقاء اليوم الاثنين في إيطاليا، بين نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريبا كوف والمبعوث الأمريكي إلى فنزويلا، الغوت أبرام، في الوقت الذي حمّلت فيه كراكاسالولاياتالمتحدة مسؤولية انقطاع الكهرباء في فنزويلا لمدة أسبوع كامل، بهدف دفع الشعب الفنزويلي نحو اليأس والمطالبة برحيل الرئيس المنتخب، نيكولاس مادورو. وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أنه من المقرر أن يبحث المبعوث الأمريكي إلى فنزويلا، الغوت أبرام الأزمة التي تشهدها البلاد مع نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي رياب كوف ومسؤولين روس آخرين في روما يومي 18 و19 مارس الجاري. وأضاف بيان الخارجية الأمريكية أنه سيتم بحث الوضع المتدهور في فنزويلا، كما سيلتقي أبرام مع مسؤولين إيطاليين بما في ذلك المستشار الدبلوماسي لرئيس الوزراء، بيتور بغناسي. ويأتي لقاء المسؤول الأمريكي مع المسؤولين الروس في إطار مساعي الطرفين للبحث عن مخرج للأزمة في فنزويلا والتي تتباين مواقف البلدين بشأنها. فبينما أبقت موسكو على موقفها المؤيد للرئيس الفنزويلي نيكولاس مداورو رئيسا شرعيا للبلاد لاسيما وأنه انتخب لعهدة رئاسية ثانية بكل شفافية ونزاهة باعتراف عديد من العواصم والمنظمات الدولية، كانت واشنطن أول بلد يعلن تأييده لغوا يدو ويدعو الرئيس مادورو إلى تسليم السلطة لغوايدو وعدم استخدام العنف ضد المعارضة. وأدى هذا الموقف إلى إعلان كراكاس قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة وطرد الدبلوماسيين الأمريكيين من أراضيها معتبرة أن التأييد الأمريكي لغوايدو هو مؤامرة أمريكية إمبريالية للإطاحة بحكم الرئيس نيكولاس مادورو. وسعت واشنطن مباشرة إلى تصعيد الضغوطات على الحكومة الفنزويلية معلنة أن كل الخيارات مطروحة لحل الأزمة في فنزويلا بما في ذلك التدخل العسكري. وكشفت التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، تمسك واشنطن بهذا الموقف بقوله أن بلاده ستستخدم كل أساليب ووسائل الضغط الاقتصادية والدبلوماسية المتاحة لتنحي مادورو. من جانبها، جددت روسيا وقوفها إلى جانب الحكومة الفنزويلية الشرعية على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف الذي أكد الخميس الماضي خلال لقائه مع نظيره الفنزويلي، خورخي أرغاس، في فيينا أن موسكو تواصل دعم كاراكاس مشددا على أهمية إيجاد حلول سياسية سلمية للخلافات الداخلية في فنزويلا، دون تدخل مدمر، لاسيما بالقوة من الخارج. ونقلت وكالة أنباء سبوتنيك الروسية عن لافروف قوله في تصريح على هامش الدورة الثانية والستين للجنة الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات في فيينا، أن موقفنا غير قابل للتغيير، موسكو تدعم حقوق فنزويلا . وقال خورخي أرغاس، من جهته، أن الزيارة الأخيرة التي قام بها نائب الرئيس الفنزويلي، ديلي ورديغي إلى روسيا، كانت ناجحة للغاية وشكر روسيا على دعمها لبلاده مضيفا: لقد تقدمنا في العديد من القضايا التي نعمل معها معا . وتسعى روسيا التي تؤيد إلى جانب الصين وتركيا والمكسيك وبوليفيا وكوبا شرعية الرئيس مادورو إلى تفادي أي تدخل عسكري في فنزويلا. كركاس تحمّل واشنطن المسؤولية اتهم الرئيس الفنزويلي وزارة الدفاع الأمريكية بشن هجمات إلكترونية ضد شبكة الكهرباء في بلاده، في إطار إستراتيجية تهدف لدفع الشعب الفنزويلي نحو اليأس وإعادة تحريك محاولات إدخال المساعدات الإنسانية بالقوة لتبرير تدخل عسكري أمريكي. وبعد دخول أزمة انقطاع التيار الكهربائي يومها السابع على التوالي، أدت إلى إصابة البلاد بحالة من الشلل التام في جميع مرافقها، حمّل الرئيس مادورو في خطاب له ما وصفه بالإمبريالية الأمريكية المسؤولية عن الحادث، قائلا أن سبب انقطاع الكهرباء في بعض المناطق بفنزويلا جاء بعد هجوم إلكتروني استهدف نظام التحكم الآلي بمحطة توليد الطاقة الكهرومائية، مما استدعى إغلاقها مؤقتا، ما تسبب في انقطاع إمدادات الطاقة. وأعلنت شركة الكهرباء الفنزويلية أن حالة الظلام التي تعرض لها 23 إقليما من أقاليم البلاد منذ السابع من مارس الجاري، نجمت عن حادث في محطة سيمون بوليفار للطاقة الكهرومائية. وبالرغم من نفيها الضلوع في حادث انقطاع الكهرباء في فنزويلا، جدد وزير الخارجية الأمريكي التأكيد بأن بلاده ستستخدم جميع الأدوات الاقتصادية الممكنة في فنزويلا من أجل الضغط على الرئيس نيكولاس مادورو ودفعه إلى التنحي. ومن جهته، دعا غوايدو، الذي يحظى بعد واشنطن، إلى مظاهرات جديدة ضد الرئيس مادورو وذلك بعد إعلان البرلمان خلال جلسة استثنائية حالة الإنذار في البلاد بناء على طلبه تمهيدا لدخول المساعدات الإنسانية البالغة 250 طن والمتكدسة منذ شهر عند الحدود مع البرازيل وكولومبيا. ويرى المراقبون للمشهد في فنزويلا أن قرار البرلمان، وهو المؤسسة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة في فنزويلا يبقى دون قوة حقيقية لإنفاذه في ظل سيطرة الجيش والشرطة اللذان أكدا ولائهما للرئيس مادورو خلال الأزمة، على الأوضاع في البلاد ومنعهم حتى الآن من دخول المساعدات الخارجية.