قال الخبير الامني والعقيد المتقاعد، بن عمر بن جانة في حوار ل السياسي إن المسار الدستوري الذي اقترحه الجيش فضلا عن كونه آمنا فإنه سيخلص البلاد من الأزمة في أسرع وقت . و بحسب بن جانة فإن الوضع الامني في الجزائر يبقى مستقرا منذ بداية الحراك الشعبي،بفضل التعامل الاحترافي للاجهزة الامنية مع المتظاهرين،فضلا عن تجند و يقظة وحدات الجيش لحماية الحدود. و في الشأن الإقليمي قلل محدثنا من حجم مخاطر العملية العسكرية لقوات حفتر على الوضع الأمني بالجزائر، لأن الحراك السلمي بحسبه أعطى راحة تامة للجيش الذي يبقى مجندا تجاه كل التهديدات الخارجية. ما تحليلكم لموقف المؤسسة العسكرية من الحراك الشعبي المتواصل في الجزائر منذ 22 فيفري 2019، و هل تتوقعون إجراءات وقرارات في الساعات القادمة من أجل الخروج من الأزمة؟ موقف الجيش كان واضحا باقتراحه لتفعيل المواد 7 و 8 و 102 من الدستور منذ البداية،هذا الموقف هو من الناحية الدستورية مشروع لكنه بالمقابل موقف سياسي،رسم خارطة طريق دستورية و اقترحها على الحراك الشعبي ،فالمؤسسة العسكرية هي اولا مؤسسة دستورية تمثل ابرز أركان الدولة الجزائرية،كما ان موقف المؤسسة العسكرية جاء بعد المظاهرات المتتالية التي عرفتها معظم ربوع البلاد لعدة أسابيع و لتفادي تعميق الأزمة اقترح ثم طالب بتفعيل المادة 102 من الدستور و إعلان شغور منصب رئاسة الجمهورية،كما أن هذه المادة تشير إلى تولي رئيس مجلس الأمة إدارة شؤون البلاد لمدة 3 أشهر وفق المسار الدستوري الذي أعتبره آمنا و سيخلصنا من الأزمة في أسرع وقت،لكن المشكلة تكمن في أن الجهة المقابلة أي الحراك الشعبي يرفض كل رموز و رجالات النظام السابق و يطالب بالتغيير الجذري . ما هو المطلوب الآن-حسبكم- من المؤسسة العسكرية خلال المرحلة الدقيقة و الحساسة التي تمر بها بلادنا ؟ المؤسسة العسكرية مطالبة بمرافقة الحراك الشعبي و المرحلة الانتقالية التي قد تمر بها الجزائر،لكن عليها أن تلتزم بعدم التدخل في الشأن السياسي ،فالجيش كلما كان بعيدا عن السياسة كلما ابتعدت عنه الشكوك و الاتهامات ،و بقي يحظى كما هو الحال حاليا بالمصداقية و ثقة الشعب الجزائري و مختلف الفاعلين في المشهد السياسي الجزائري،و الكل شاهد و سمع شعارات الجيش و الشعب خاوة خاوة التي دوت الساحات و الشوارع الرئيسية في مختلف مدن الوطن و التي تؤكد لمرة جديدة الرابطة القوية و المتينة بين الشعب الجزائري و جيشه،و لذلك فكما أسلفت الذكر فالجيش يجب أن ينأى بنفسه عن المناكفات السياسية من أجل حماية المصداقية التي كسبها منذ سنين طويلة. كيف تقيمون الوضع الأمني في الجزائر بالتزامن مع الحراك الشعبي المتواصل منذ 22 فيفري ؟ الوضع الأمني في الجزائر مستقر و لا توجد أية اضطرابات و مشاكل داخلية على المستوى الأمني،فالأمن يبقى منذ 22 فيفري مستتبا في كل ربوع الوطن،و المشكل في الجزائر يبقى سياسيا بالدرجة الأولى و ليس هنالك في ظل سلمية الحراك الشعبي أي خطر على الأمن الوطني . ثم إن الجيل الجديد من الشباب الجزائري أبان عن وعي سياسي كبير من خلال الحراك الشعبي، ويقظة الشعب تسمح بتجاوز أي خطر قد يأتي من الخارج، و الجزائريون كما يعلم الجميع عاشوا تجربة مريرة مع الإرهاب، وهم أكثر استعدادا الآن لمواجهة أي طارئ مهما كان مصدره . ما تقييمكم لأداء مختلف الأجهزة الأمنية منذ بداية الحراك ، و خصوصا في تأمين المظاهرات الشعبية ؟ حقيقة و منذ بداية الحراك الشعبي لاحظ الجميع الاحترافية الكبيرة التي تعاملت بها مختلف الأجهزة الأمنية و التي نجحت لحد بعيد في تأمين المظاهرات الشعبية الضخمة التي لم يشهد لها مثيل في تاريخ بلادنا،كما أن المواطنين كذلك سهلوا من مهمة رجال الأمن و ذلك لتقيدهم بالسلمية و التنظيم و السلوكات الحضارية التي أدهشت العالم ،أضف إلى هذا فإن نشاطات أفراد الجيش و الأمن و الجمارك المرابطين على الحدود مستمرة في تأمين التراب الوطني . ما رأيكم في قرار إقالة اللواء بشير طرطاق منسق الأجهزة الأمنية و إعادة إلحاق المخابرات بوزارة الدفاع الوطني ؟ و هل حقيقة أن ارتباطها بالرئاسة خلال السنوات الماضية كان خطأ جسيما ؟ من المعلوم بأن جهاز المخابرات تابع لقيادة أركان الجيش و لذلك فإن عودته تحت إمرة وزارة الدفاع الوطني أمر عادي و طبيعي،لكن أنا ضد شخصنة مؤسسات الدولة لأنها لا تتوقف باستقالة أو إقالة مدير أو مسؤول سام،لكن اغلب الظن أن اللواء طرطاق هو من أقدم على الاستقالة من منصبه بعد استقالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لأنه كان تابعا لمؤسسة الرئاسة . أثار إعلان اللواء خليفة حفتر،شن هجوم عسكري على العاصمة الليبية طرابلس،بالتزامن مع الحراك في الجزائر، العديد من الشبهات، ما رأيكم في القضية ؟ اللواء خليفة حفتر يقود مجموعة مليشيات لا يتعدى تسليحها المشاة الخفيفة، وتحركاته داخلية أكثر منها خارجية، هدفه الاستحواذ على العاصمة طرابلس، وهو يغتنم فرصة الحراك الشعبي السلمي الذي تشهده الجزائر، لكن حفتر لن ينجح في مسعاه لأن المحيط الجيوسياسي يرفض كل تحركاته، وكذلك البيئة الداخلية أيضا ترفض العملية التي يقودها. لكن من الناحية الأمنية أرى أن العملية التي يقودها حفتر داخل بلاده لا تشكل أي خطر على الجزائر، وإنما يقلقها من الناحية الجيوسياسية وليس من الناحية الجيوإستراتيجية، لأن الجزائر قد تواجه مشكلا آخر يتعلق بالنازحين من ليبيا في حال انفرط الوضع الأمني هناك. ويضاف أن تحركات حفتر محدودة جدا ولا تقلق الجزائر أمنيا، لأن الحراك السلمي أعطى راحة تامة للجيش الذي يبقى مجندا تجاه كل التهديدات الخارجية، كما أن الحراك الشعبي السلمي لا يستدعي تجنيد وإقحام الجيش، ولن يمس أبدا تموقع وانتشار القوات المسلحة المرابطة على حدود البلاد،حيث أن الجيش الجزائري يضرب طوقا أمنيا على مستوى الحدود مع ليبيا بشكل يسمح له بالتصدي لأي مناورة او تحرك من قبل الجماعات التي تنشط هناك. نفت فرنسا مؤخرا أي علم مسبق لها بتقدم قوات خليفة حفتر نحو طرابلس،و هي التي دعمته لفترة طويلة،ما قراءتكم لهذا التصريح ؟ في الحقيقة الدور الفرنسي و الوجود الفرنسي في ليبيا و دول شمال إفريقيا و الساحل معلوم و لا يمكن لأي كان نفيه،و لذلك فإن تصريح باريس بعدم علمها مسبقا بتقدم قوات حفتر،هدفه التملص من المسؤولية في حال حدوث مجازر و كوارث إنسانية في العاصمة الليبية طرابلس، ففرنسا تفتعل الأزمات في الخفاء و تحاول النأي بنفسها عن الكوارث الإنسانية فيما بعد ،لذلك فعدم علمها بمساعي خليفة حفتر أمر لا يصدقه عاقل،لأن دورها المشبوه في الأزمة الليبية و المالية لا يخفى على الرأي العام الدولي و بالأخص على شعوب شمال إفريقيا