تجري حاليا عملية واسعة لجرد التراث اللامادي الذي تزخر به منطقتي ورڤلة وتڤرت العريقتين، وذلك في إطار المخطط الرامي إلى المحافظة وحماية هذا الموروث الثقافي، وفق مختصين في هذا المجال، الذين أبرزوا أهمية اعتماد الرقمنة في مسارات المحافظة على التراث بما يضمن تيسير شروط حمايته باستعمال وسائل عصرية، تسمح أيضا بالترويج ونقله عبر الأجيال. وقد مكنت هذه العملية، التي أطلقت خلال السنوات الأخيرة، من إعداد ملاحق حول نمط معيشة سكان كل من وادي مية (ورڤلة) ووادي ريغ (تڤرت)، وجوانب من الحياة اليومية واللغة السائدة آنذاك، وبعض العادات الاجتماعية على غرار الأعراس والألعاب التقليدية واللباس وإيقاعات موسيقية وحكايات شعبية وغيرها، مثلما شرح رئيس مصلحة ترقية التراث الثقافي بمديرية الثقافة بالولاية. وفي الإطار ذاته، فإن عملية التوثيق التي لا تزال متواصلة إلى غاية إنشاء بنك معلومات شامل حول التراث اللامادي المميز لهذه المنطقة بإشراك عديد الفاعلين في المجال من أعيان وشيوخ وباحثين ومراجع تاريخية وغيرها، إلى حماية الموروث الشعبي الخاص بالمنطقة وتدوين مكونات تراثها وصونها باعتبارها من أهم مكونات التراث الثقافي الوطني، يضيف عبد المجيد قطار. وتم وضع هذه الوثائق المتعددة التي تساهم في حماية الهوية الثقافية للسكان في متناول جميع فعاليات المجتمع من أفراد وجمعيات ناشطة في المجال وباحثين وجامعيين وطلبة لإجراء البحوث والتحقيقات، ولإبراز قيمتها الثقافية والتراثية باعتبارها إرثا ثقافيا للأجيال المقبلة، مثلما ذكر المتحدث. وضمن ذات الجهود دائما، يجري البحث في الآليات والوسائل الكفيلة من أجل إعادة إحياء هذا التراث اللامادي والتراث التقليدي المتعلق بها من خلال البحث في ظروف نشأتها وطرق حمايتها من الإندثار، ومن بينها تنظيم المعارض وعقد الندوات والحرص على الإهتمام بها لاسيما من قبل الشباب الذين يراهن عليهم للمساهمة في جهود المحافظة على التراث اللامادي، وفق ما أشير إليه. وفي هذا الصدد، أبرز رئيس مصلحة ترقية التراث الثقافي أهمية تضافر الجهود من أجل تثمين الموروث الثقافي اللامادي لسكان المنطقة وإعادة إحياءه، من خلال تعزيز آليات التواصل بين الأجيال السابقة والصاعدة، بما يضمن غرس ثقافة الإهتمام بهذا الرصيد الثقافي وحمايته من جيل إلى آخر. ودعا بالمناسبة إلى فتح معهد لعلم الآثار بالمنطقة يعنى ببحث ودراسة التراث المادي واللامادي بجنوب الوطن وإيجاد الآليات الكفيلة بتثمينه والتعريف به على المستويين المحلي والوطني، إلى جانب فتح ورشات على مستوى معاهد ومراكز التكوين المهني حول بعض مكونات هذا الموروث (نمط البناء المحلي ومأكولات شعبية واللباس التقليدي وصناعة الزربية وغيرها). إعتماد الرقمنة لتدعيم مسارات حماية التراث وأبرز، من جهته، باحث في تراث المنطقة، أهمية اعتماد الرقمنة في مسارات المحافظة على التراث (مادي ولامادي)، وذلك بغرض استغلال الإمتيازات المتعددة التي تتيحها التكنولوجيات الحديثة، بما يساعد كذلك على ضمان تيسير شروط حماية هذا التراث باستعمال تلك الوسائل العصرية التي تسمح أيضا بالترويج ونقله عبر الأجيال. واعتبر عبد الوهاب صحراوي تحويل هذا التراث من منظور تقليدي إلى شكل معاصر، مطلبا ملحا تفرضه التطورات المتسارعة التي تجتاح عالم الرقمنة، بما يسمح بمواكبة تلك التحولات وإدماج هذا التراث ضمن منظومة علمية حديثة. وتسمح الرقمنة بنقل هذا التراث من المستوى المحلي إلى الواجهة العالمية من خلال فتح مواقع وصفحات إلكترونية متخصصة للتعريف بمختلف كنوز التراث، سواء منه المادي واللامادي، ليس في هذه المنطقة فحسب، ولكن على مستوى الجنوب الكبير، حسب صحراوي. وبرمجت نشاطات تراثية وثقافية متنوعة في إطار شهر التراث (18 أفريل - 18 ماي) على مستوى دار الثقافة مفدي زكرياء بورڤلة، والتي تتضمن إقامة معارض حول التراث المادي واللامادي للمنطقة (صناعات وحرف تقليدية ومنتجات النخيل)، وأخرى في المخطوطات والنسيج المحلي وغيرها.