تستعد الجزائر بعد عيد الفطر المبارك وبالضبط في السابع والثامن من شهر سبتمبر المقبل لاحتضان ندوة عالمية ذات مستوى عال تشارك فيها جميع دول القارات الخمس، والتي ستكون جدول أعمالها مناقشة آليات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والعلاقة المرتبطة بالظاهرتين. وسيعكف الملتقى الدولي، الذي سينظم بنادي الصنوبر البحري من خلال مشاركة تجمع بلدان الساحل وشركائهم من القارة الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية وروسيا والصين الشعبية، وكذا العديد من بلدان أمريكا اللاتنية ودول آسيا، على مناقشة ووضع آلية ميدانية فعالة ومدروسة لمجابهة ظاهرة الإرهاب العابرة للقارات وتداعياتها على أمن واستقرار التنمية والسلم ليس على دول الساحل الإفريقي وبلدان الصحراء الكبرى فقط، وإنما يمتد الى جميع دول العالم. وتأمل الجزائر من الدول والقوى الكبرى لاسيما عواصم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية في تبني شراكة حقيقية فعالة وميدانية في مكافحة الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة مع دول منطقة الساحل الإفريقي، خاصة بعد إبداء نوايا جدية لتفعيل إستراتيجية صارمة للتصدي للظاهرة من قبل العواصمالغربية انطلاقا من قناعاتها التي تولدت في السنوات الأخيرة، والتي اكتشفت من خلالها بأن هناك علاقة وطيدة بين الأمن والاستقرار والسلم وبين التنمية والعمل على تطوير قدرات دول الساحل في إيجاد آفاق مستقبلية لاقتصاديات هذه البلدان. وتراهن الجزائر في ندوتها القادمة على مناقشة آليات مكافحة الإرهاب بالعاصمة للخروج بتصورات وخطط واضحة من طرف المجتمع الدولي، من أجل تجفيف منابع الإرهاب وخلاياه الناشطة عبر العالم، بما يسمح من وأد نشاطات الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة في مهدها. كما سترافع الجزائر، التي تقود تكتلا إقليميا في منطقة الساحل، لمواجهة تحركات المنظمات المسلحة، من أجل دعوة دول الاتحاد الأوروبي بالخصوص باعتبارها الحديقة الخلفية لدول الساحل الإفريقي إلى تبني مشاريع اقتصادية وضخ استثمارات فعلية في دول المنطقة لدعم استقرار السكان، وإخراجهم من حالات الفقر واليأس التي تستغلها الجماعات الإرهابية كوقود في حربها ضد الأنظمة القائمة سواء في إفريقيا أو على مستوى الاتحاد الأوروبي وحوض البحر الأبيض المتوسط. وكان الوزير المنتدب للشؤون الإفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل، قد كشف في تصريحات ل"السياسي" بأن "ندوة الجزائر لمكافحة الإرهاب تهدف إلى وضع إستراتيجية واضحة ومشتركة لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة"، كما تسعى هذه الندوة والمنتدى الدولي إلى الخروج برؤية واضحة وسياسة فعالة وميدانية وصارمة بين مختلف الأطراف المعنية في مجال مكافحة الإرهاب الدولي والجرائم اللصوصية الناتجة عن التهريب وتبييض الأموال، وكذا تعقب رواد الجريمة الإلكترونية في منطقة الساحل. وأمام التفجيرات التي ضربت الأكاديمية العسكرية بشرشال الجمعة، بات لزاما على الدولة الجزائرية استغلال احتضانها لهذا الحدث الدولي، من أجل إجبار القوى الكبرى على الإنخراط في مسعى سياسي وتعاون عسكري مشترك لدحر التنظيمات الإرهابية، مع الإحترام التام لسيادة بلدان الساحل الإفريقي ودول الصحراء الكبرى، وستتناول ندوة الإرهاب الدولي المعطيات المقلقة والإفرازات المأساوية والتداعيات الخطيرة للأزمة الدامية في ليبيا، مما استدعى دقّ ناقوس الخطر لتفشي تنقل وتهريب السلاح والعتاد الحربي الذي غنمته الجماعات الإرهابية من مخازن الأسلحة لنظام العقيد معمر القذافي. وحسب مصادر "السياسي"، فإن هذه الندوة التي سوف يشارك فيها العديد من الشخصيات السياسية العالمية، ستطرح فيها الجزائر قضية ما فتئت تدعو إلى الكف عن استغلالها وتبنيها كسلوك غير مشجع في سياسة مكافحة الإرهاب العالمي من قبل الحكومات الغربية، بل قوضت جهود بلدان الساحل الإفريقي بما فيهم الجزائر في مواجهة الجماعات الإرهابية المسلحة، ألا وهي مسألة الفدية، والتي تكيل فيها العواصمالغربية بمكيالين، حيث تدعو تارة إلى منع الفدية للإرهابيين عندما يتعلق الأمر برهائن أفارقة، بينما تدفعها تحت الطاولة وبالوكالة عندما تتعلق المسألة بمحتجزين غربيين خاصة الفرنسيين منهم،. وللإشارة، ليست هذه المرة الأولى التي تحتضن فيها الجزائر مثل هذه الندوات واللقاءات، إيمانا منها بحجم والخطورة التي يشكلها التهديد الإرهابي على مستقبل الأمة والقارة الإفريقية ودول الساحل، واستقرار المجتمعات والشعوب، وذلك بمشاركة خبراء دوليين مختصين في الإرهاب الدولي والجريمة المنظمة.