تنعقد ندوة الجزائر الدولية حول مكافحة الإرهاب في الساحل ''الساحل- شراكة''، وسط رهانات قوى إقليمية كبرى لترجيح إحدى الفرضيتين، الأولى تدعمها الجزائر، وتقول بوجود تحولات تخدم ''القاعدة'' من جهة، قياسا لتبعات الأزمة الليبية، وتضاعف ثقل الفقر على دول الساحل من جهة أخرى، في حين تدفع عواصم لها ثقلها الدولي عكس ذلك، ولو على حساب الوقائع الموجودة، ولا ترى أي تطور للإرهاب. ويأتي توقيت الندوة الدولية في ظرف حساس، بنهاية الجزء الأكبر من الحرب المسلحة داخل ليبيا. ورهان الجزائر أمام المجموعة الدولية أن تضعها أمام الصورة الحقيقة للوضع في الساحل الإفريقي، وتقديم ما يدلل على مخاوفها التي ظلت تجهر بها منذ بداية الصراع بين المجلس الإنتقالي ونظام معمر القذافي المنهار. في وقت لوحت دول أخرى بفرضيات مغايرة تستهدف مباشرة تصورات الجزائر، عسى ألا تكون ذائعة الصيت لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وباقي الدول الأعضاء الدائمين لدى مجلس الأمن. وتعول الجزائر، في ندوة اليوم، التي يحضرها خبراء من أكثر من أربعين دولة، وكبار المسؤولين عن سياسات مكافحة الإرهاب في أوربا والولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوربي والأممالمتحدة، على تقريب الصورة حول مسائل إعادة جهاديين تنظيم أنفسهم في منطقة الساحل، على ضوء الأزمة الليبية وروابطهم بالجريمة المنظمة، والثقل التنموي على كاهل حكومات المنطقة في مواجهة عودة آلاف التوارف والعمال، وأيضا في وجود أنباء عن إعادة تسلح فصائل متشددة لدى توارف تمردوا سابقا على حكومة مالي، بعد جهود مضنية من الجزائر لنزع السلاح. وراجع مسؤولون عسكريون جزائريون ومن دول الساحل أجندة القمة الدولية، مع مسؤولين أمريكيين وأوربيين، في الوقت الذي أعلنت فيه فرنسا (رأس الحربة في أحداث ليبيا) مشاركتها، لكنها قبل وصول ممثلها، سوقت لما يعاكس الوجهة الرسمية الجزائرية، وقالت إنها لم تلحظ أي استقواء ل''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' بالأزمة الليبية، ولا أي حركة مكثفة للسلاح من المخازن الليبية نحو معاقلها في الساحل. وتراهن مجموعة الساحل على توافق جزائري أمريكي بخصوص ضرورة التحرك العاجل لبسط سيطرة حكومات المنطقة على أراضيها، سيما أن الإجتماع يتوسع لبحث ثلاث إشكاليات تواجهها المنطقة جنوب الصحراء، هي: الإرهاب والجريمة المنظمة والتخلف الاقتصادي، والفكرة أن تضع الجزائر، المجموعة الدولية، ومن ورائها الأممالمتحدة أمام مسؤولياتها في تحمل تبعات ''الخيار العسكري'' الذي رفضته الجزائر بشدة، بينما روجت له بالمقابل دول كثيرة داخل الجامعة العربية وخارجها، من دون حسابات القرب الإقليمي. وتتوسع رهانات الجزائر من الندوة الدولية، إلى أبعاد دبلوماسية، قد تمكنها من تسويق مبرراتها من التحفظات التي أطلقتها إزاء طريقة التغيير الذي حدث في ليبيا (قوات الناتو)، وكسر ما بات واضحا أنه ''خناق دبلوماسي'' يصطلح الإعلام الغربي على تسميته ''عودة الجزائر للعزلة الدولية''. وتقول الخارجية الجزائرية إن اللقاء ''سيكون غير مسبوق''، نظرا لوزن البلدان والمجموعات والهيئات الدولية التي ستشارك فيه. وهي: الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي وهياكل من الأممالمتحدة، خاصة لجنة محاربة الإرهاب، وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا، وشركاء آخرين، زيادة على مؤسسات مصرفية دولية تمول مشاريع التنمية في إفريقيا، مثل البنك العالمي والبنك العربي للتنمية. وإن نجحت الجزائر في تمرير ثلاث رسائل: خطر القاعدة، والجريمة المنظمة، ومشاكل التنمية في الساحل، فإن ذلك سيكون عاملا داعما للتكتل المشكل بينها وموريتانيا ومالي والنيجر، قياسا لمحاولات كثيرة ومعلنة لكسر هذا التحالف، سواء من المغرب أو فرنسا، وقد كان واضحا حجم التنسيق في تصريحات رؤساء ومسؤولي البلدان الأربعة خلال أزمة ليبيا، ما يعزز لاحقا فرص هذا التكتل في مخاطبة الغرب كمجموعة، وفي تبني عمليات أمنية مشتركة، كما يسهل من مهمة التحدث إلى المجموعة الدولية في مسائل دعم صناديق التنمية المخصصة للمناطق