الجزائر لن تتراجع عن مبدأ رفض التدخل الأجنبي تفرض التطورات الأخيرة بليبيا على الجزائر ضرورة إعادة تفعيل وتنشيط دورها على الصعيد الإقليمي والدولي، دون الحياد عن مبدأها الراسخ في رفض اي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية، وهو ما يجعل خيار دخول الجزائر في أي تحالفات مستبعد، فيما يحذر الخبراء من الأبعاد الأمنية الخطير للوضع الراهن. ويرى خبراء في المجال الأمني والعلاقات الدولية، أن للجزائر دور محوري بارز في ضمان استقرار المنطقة، وهذا لما لها من وزن سياسي واقتصادي يجعلها من بين الفواعل القائدة في المنطقة، مؤكدين في السياق على ضرورة الحفاظ على مبدأ الدبلوماسية الذي يقضي بعدم التدخل في الشأن الداخلي للبلدان المجاورة. وفي السياق، يرى الخبير الأمني، احمد ميزاب، في تصريح ل السياسي ، أن الوضع في ليبيا يفرض أبعاد أمنية خطيرة وكأنها في صورة أشكال رمال متحركة على مستوى الحدود الجزائرية. وأضاف ميزاب، أن المشهد الأمني يبعث على التخوف خاصة في ظل صعوبة رصد و تحديد المخاطر التي من الممكن أن تحدث، موضحا أن عودة التهديدات الإرهابية والتجمعات الإرهابية، فضلا عن انخراط المقاتلين العائدين من الشرق الأوسط، وانتشار السلاح الاستراتيجي، يوحي بحرب دولية بالوكالة داخل الأراضي الليبية. واقترح المتحدث من أجل سلامة الوحدة الترابية عدم دخول الجزائر في مستنفع هي في غنى عنه مقاربتين: الأولى تتمثل في مقاربة تفعيلية وفعلية للتعاطي مع هذه الملفات بما يحفظ السيادة الترابية للبلاد، في حين الثانية تكون بتحديد حجم المخاطر التي من الممكن حصولها في منطقة الساحل الإفريقي، مستبعدا دخول الجزائر في أي تحالفات مع أطراف أخرى وهذا راجع لمبدأ دبلوماسياتها المتجذر منذ الاستقلال وهو عدم التدخل في شؤون الداخلية للدول، مشيرا في السياق أن الحل الليبي يكمن داخل الحدود الليبية وعن طريق الحوار فقط. بدوره، أكد المحلل السياسي، عبد الرحمان بن شريط، في تصريح خص به السياسي ، أن مشكل القضية الليبية يسير نحو التعقيد، وهذا في ظل الانقسام الحاصل داخل ليبيا وكذا في ظل وجود تحالفات داعمة للأطراف المتصارعة، كل حسب مصلحته ورؤيته للوضع. وبخصوص موقف الجزائر ودورها الدبلوماسي في القضية الليبية، أكد بن شريط أن الدبلوماسية الجزائرية فصلت في هذا الأمر وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، مشيرا أن اجتماع المجلس الأعلى للأمن بقيادة رئيس الجمهورية أعطى تعليمات صارمة لتأمين الحدود بشكل واسع ويقظ، موضحا أن الجزائر أمام ورشة ترميم البيت حاليا، كما أنها حريصة على استقرار المنطقة لأن التهديدات والمتربصين بالجزائر كثر، ينتظرون الفرصة. من جهته، أشار المحلل السياسي، إسماعيل دبش، إلى أن الحدود الجزائرية الليبية تمتد على مسافة 982، وهو ما يجعل أي توتر في الجهة الغربية لليبيا ينعكس على الأمن الاستراتيجي للجزائر التي تسعى إلى وقف إطلاق النار ووقف الصراعات المسلحة بين المتحاتربين والذهاب إلى حل سياسي داخل ليبيا وليس من خارجها، حيث لم تأت الحلول الخارجية بأي نتيجة منذ 8 سنوات. وفي هذا الصدد، أكدت المحللة السياسية، نبيلة بن يحيى، أن تفعل دور الجزائر الديبلوماسي في الأزمة الليبية الراهنة، لن يخرج عن إطار تفعيل الحل السياسي ولم شمل الفرقاء الليبيين. وأوضحت الدكتورة بن يحيى، أن الجزائر ومنذ أول حراكها الدبلوماسي من اندلاع الأزمة تحاول أن تصلح بين الإخوة الليبيين حتى لا تأخذ الأزمة أبعادا خطيرة، مشيرة إلى إمكانية الدبلوماسية الجزائرية لتفعيل بعض المنظمات الإقليمة، لاسيما الاتحاد الإفريقي لجعل هذه المنطقة آمنة من خلال سياسة حكيمة ومتبصرة لحماية مصالحنا الإستراتيجية. بدوره، أكد المحلل السياسي والأمني، عمر بن جانة، أن اجتماع المجلس الأعلى للأمن الذي ترأسه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، جاء في ظروف استثنائية، خاصة بعد الانتخابات ووفاة قائد اركان الجيش الشعبي الوطني، أحمد ڤايد صالح، بالاضافة إلى التطورات على الجنوب الشرقي وتنامي بؤر التوتر. واضاف بن جانة، أن الاجتماع خلص إلى تفعيل دور الجزائر في إقليمها الجواري مع تأزم الوضع في الجارة ليبيا والتلويح بالتدخل الخارجي وهو ما يحتم، حسبه، جعل هذا الاجتماع دوريا. هكذا لعبت الجزائر دور الوساطة في حل الأزمة الليبية للتذكير، فإن الدبلوماسية الجزائرية، منذ اندلاع الأزمة الليبية، لم تتوقف على لعب دور الوسيط بين الفرقاء المتصارعين، هذا في إطار الدور المحوري الذي تلعبه بالمنطقة، ووفق لمبدأ التدخل في الشأن الداخلي، وتجنيبا للبلد والمنطقة برمتها مخاطر التدخل العسكري الأجنبي المتربص. وكان رمطان لعمامرة، وزير الشؤون الخارجية السابق، قبل أشهر من الآن، ترأس اجتماعا لمشاورات بين الفرقاء الليبيين والوساطة ومساعدتهم إذا ما طلبوا ذلك، وسعوا لحل مشكل الأزمة التي تعصف ببلادهم عن طريق حوار ليبي - ليبي ومصالحة وطنية، يخدم لحمة الشعب الليبي الشقيق وأمنه واستقراره.