أجمعت أغلب دول العالم و المنظمات الدولية على وقف كل أشكال التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، داعية المجتمع الدولي، وبالخصوص مجلس الامن الاممي، الى اتخاذ موقف حازم لفرض احترام السلم والأمن في هذا البلد واللجوء الى الحوار، كسبيل اوحد من اجل التوصل الى تسوية سياسية للازمة في ليبيا. ونوهت منظمة الاممالمتحدة بالدعوات الرامية الى تسهيل تسوية سياسية وسلام دائم في ليبيا، مجددة رفضها لأي تدخل اجنبي في هذا البلد. وفي هذا الخصوص، أوضح بيان للبعثة الاممية للدعم في ليبيا، ان البعثة تنوه بجميع الدعوات من اجل تهدئة التصعيد وانهاء الاعمال العدائية والى سلام دائم. وبدوره، طالب مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة، الدول الخارجية إلى وقف التدخل لدى طرفي الصراع الليبي البقاء بعيدا عن ليبيا، وطالب بوقف كل أشكال التدخل الأجنبي، مشيرا أن دولا كثيرة تتدخل في شؤون هذا البلد. ومن جهته، أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، موسى فكي، عن انشغاله العميق ازاء تدهور الوضع في ليبيا ومعاناة الشعب الليبي، التي طال أمدها، لاسيما بعد قرار تركيا ارسال قوات عسكرية الى هذا البلد، موضحا أن التهديدات المختلفة بتدخل سياسي او عسكري في الشؤون الداخلية لهذا البلد تزيد من خطر المواجهة لدوافع لا تمت بصلة بالمصالح الاساسية للشعب الليبي، وتطلعاته للحرية والسلام والديمقراطية والتنمية. ودعا في هذا الصدد المجتمع الدولي الى الانضمام لإفريقيا في البحث عن تسوية سلمية للازمة في ليبيا، محذرا من العواقب الخطيرة لمثل هذه الازمة على القارة بأكملها. وقال الرئيس الكونغولي، دونيس ساسو نغيسو، الذي يرأس لجنة رفيعة المستوى للاتحاد الافريقي حول ليبيا، ان ليبيا تعد بلدا افريقيا وضحايا النزاع الليبي هم من افريقيا أساسا. وبالتالي، فان اي استراتيجية لتسوية الأزمة الليبية ترمي الى تهميش القارة الافريقية يمكن أن تكون غير فعالة وغير منتجة تماما، داعيا الى عدم تهميش افريقيا في تسوية الأزمة الليبية. وفي ذات السياق، اعلن مفوض السلم والأمن للاتحاد الافريقي، اسماعيل شرقي، اول امس، أن مجلس السلم والامن الافريقي سيعقد قمة يومي 8 و9 فيفري القادم باديس ابابا (اثيوبيا)، لبحث الوضع في ليبيا ومنطقة الساحل اللتين تشهدان حالة من عدم الاستقرار منذ سنوات. وصرح المفوض شرقي، أن هذا الاجتماع سيخصص للأزمة الليبية وتداول الأسلحة الذي عمل على تفاقم الوضع في منطقة الساحل، مضيفا انه بالاضافة الى التصعيد العسكري في ليبيا، فان التداول غير المراقب للأسلحة القادمة من الترسانات الليبية ساهم بشكل كبير في تدهور الوضع الأمني بمنطقة الساحل. ويبقى الاتحاد الافريقي، بعد نجاح وساطته الأخيرة بإفريقيا الوسطى، ملتزما باسترجاع الملف الليبي لدعم تسوية سلمية شاملة في هذا البلد. وأمام تأزم الوضع في ليبيا، ناشدت الجامعة العربية، من جهتها، جميع الفرقاء الليبيين، تغليب المصلحة الوطنية والشروع بوقف التصعيد والعودة إلى طاولة الحوار، وجددت في هذا الإطار دعمها وتضامنها الكامل مع ليبيا وشعبها في كل ما من شأنه إنهاء الأوضاع الحالية وتحقيق الأمن والاستقرار في هذا البلد. من ناحية أخرى، دعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى ضرورة إيجاد حل سياسي في ليبيا، محذرا من تصعيد وشيك للعنف حول طرابلس. وقال بوريل، في بيان أوردته تقارير اعلامية بخصوص الوضع في ليبيا: اليوم أصبح العمل الحقيقي على حل سياسي للأزمة في ليبيا ملحا أكثر من أي وقت مضى ، ودعا كل الأطراف إلى المضي في مسار سياسي برعاية الأممالمتحدة. من جانبها، ألحت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، على ضرورة التعجيل بإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية والوقف الفوري للنزاع المسلح ووضع حد للتدخلات العسكرية الأجنبية، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون. الجزائر ودول الجوار ملتزمة بمبدأ عدم التدخل من جهتها، دعت الجزائر، خلال استقبال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، المجموعة الدولية وخاصة مجلس الأمن الدولي، إلى تحمل مسؤولياتهم في فرض احترام السلم والأمن في ليبيا. وناشدت الجزائر الأطراف المتنازعة إنهاء التصعيد، ودعت الأطراف الخارجية إلى العمل على وقف تغذية هذا التصعيد والكف عن تزويد الأطراف المتقاتلة بالدعم العسكري المادي والبشري، مطالبة ايضا باحترام الشرعية الدولية لتسهيل استئناف الحوار من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة. وأكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مرة أخرى، على ضرورة إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة يضمن وحدة ليبيا شعبا وترابا وسيادتها الوطنية، بعيدا عن أي تدخل أجنبي، مبرزا أن هذا الموقف تجسد منذ اندلاع الأزمة الليبية في الدفاع عن الوحدة الترابية الليبية في المحافل الدولية، وعلى كل المستويات، وفي تقديم مساعدات للشعب الليبي الشقيق تعبيرا عن المودة التي يكنها له الشعب الجزائري ويمليها عليه واجب الأخوة والتضامن وحسن الجوار، وأيضا التزاما من الجزائر باحترام مبادئ القانون الدولي. وبدورها، جددت تونس رفضها السماح لأي كان باستخدام أراضيها لتدخل عسكري في ليبيا، رافضة رفضا قطعيا أي تدخل أجنبي في ليبيا، بما فيه التدخل التركي، وهو موقف تونس منذ الأول ولم ولن يتغير، حسب ما صرحت به المكلفة بالإعلام والاتصال في الرئاسة التونسية، رشيدة النيفر. وحذرت مصر، على لسان وزارة خارجيتها، من مغبة اي تدخل عسكري في ليبيا وتداعياته، مشددة على ان هذا التدخل سيؤثر سلبا على استقرار منطقة البحر المتوسط وان تركيا ستتحمل مسؤولية ذلك كاملة. وأكدت في هذا الصدد على وحدة الموقف العربي الرافض لأي تدخل خارجي في ليبيا، والذي اعتمده مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه الأخير ديسمبر الماضي. كما اعربت البحرين عن رفضها للتدخل في الشأن الداخلي الليبي، مؤكدة دعمها للجهود الدولية الساعية لتسوية شاملة للازمة الليبية وللجهود الدولية الساعية الى استعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها القادرة على القيام بدورها في تحقيق التنمية والرخاء للشعب الليبي. إستمرار الأزمة في ليبيا سيزيد من تدفقات الهجرة بدورها، حذرت المختصة الفرنسية في السياسة وقضايا الهجرة، كاترين ويتول دي ويندن، بالجزائر العاصمة، من تفاقم الأزمة في ليبيا الذي سيزيد من تدفقات الهجرة في المتوسط. ففي مداخلة لها خلال ندوة متبوعة بنقاش نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، حذرت ويندن، التي تشغل أيضا منصب مديرة أبحاث بالمركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية، من خطر تفاقم الأزمة في ليبيا المتمثل في تزايد تدفقات الهجرة، موضحة أن ليبيا هي بلد عبور بالنسبة للمهاجرين المنحدرين من دول افريقيا الواقعة جنوب الصحراء وافريقيا الغربية. وأشارت إلى أن المهاجرين العابرين لليبيا يتعرضون لأعمال تعذيب، لاسيما الاستعباد والاحتجاز وبيع الأعضاء. واعتبرت أنه من الصعب تحديد عدد المهاجرين الذين يعبرون هذا البلد، لكونهم بدون وثائق. وأشارت في ذات السياق، إلى أنه من الأسهل بالنسبة للمهاجرين عبور المتوسط الذي وصفته بأكبر فضاء للهجرة عبر العالم المتميز بالأزمات والنزاعات. وفي هذا الصدد، ذكرت المحاضرة هلاك 34000 مهاجر عند عبورهم المتوسط، استنادا إلى آخر احصائيات الأممالمتحدة. بعد الإشارة إلى الانتقادات الكثيرة التي لاقتها سياسة استقبال المهاجرين في الدول الأوروبية، أوضحت ويندن أن هذا الوضع المأساوي ما هو إلا نتيجة صعود تيار اليمين المتطرف لسدة الحكم في العديد من الدول الأوروبية.