تشهد شوارع العاصمة حركة غير عادية خلال السهرات الرمضانية وحتى الصبيحة رغم حرارة الجو التي لم تقف عائقا في وجه المتسوقين، حيث تقبل العائلات على المحلات والأسواق من أجل إقتناء ملابس العيد التي غالبا ما تكون من صنع تركي أو صيني، فيما تقصد كثير من العائلات أسواق شعبية من أجل الظفر بسلع في المتناول، لتتوجه أخرى إلى محلات بيع الملابس القديمة التي تعتبر الحل الوحيد لديهم أمام الارتفاع غير العادي لأسعار الملابس على مستوى المحلات، لكن الأهم في هذه المناسبة العظيمة هو إدخال الفرحة والابتسامة على الأطفال حيث أضحت المناسبات الدينية، كابوسا مرعبا يقضّ مضجع العديد من العائلات، هذا ولجأ عديد المواطنين إلى شراء ملابس العيد لأطفالهم في الأسبوع الأول من شهر رمضان وحتى قبل حلول شهر رمضان المعظم تفاديا لالتهاب أسعار الملابس في الأيام الأخيرة. العد التنازلي للعيد بدأ والأسعار تلتهب وخلال جولة استطلاعية قادت «السياسي» إلى محلات وسط العاصمة حيث تتجه اغلب العائلات بعد وجبة الإفطار للتسوق، أجمع أغلبهم على أن الأسعار هذا العام خيالية ولازلنا لم نصل إلى الاسبوع الأخير من هذا الشهر ويقول في هذا الشأن أحد المواطنين الذي وجدناه برفقة عائلته وأبنائه الصغار، أيعقل أن يصل سعر قميص طفل أربع سنوات 1800دينار؟ كيف يمكنك أن تتصور أن يصل سعر سروال نصف ساق «بنتاكور» لطفل لم يتجاوز عمره الخمس سنوات 2500 دينار؟ إنها أزمة كبيرة جدا، وأضاف قائلا «أنا مواطن متوسط الدخل، لكن هذه الأسعار لا تتماشى وقدرتي الشرائية، لن أشتري قميصا وسروالا لطفل أقل من 6 سنوات بحوالي 5000 دج»، أما أسيا أم لبنتين قالت «ما تركه غلاء المواد الغذائية في أسواق الخضر والفواكه سوف تجهز عليه أسواق الملابس، طيلة أربعة أيام تقريبا بعد كل وجبة إفطار أتوجه أنا وبناتي لنبتاع شيئا من ملابس العيد، لكن للأسف الشديد الأسعار أصبحت حائلا، كيف لي أن اشتري تنورة لبنت ذات8 سنوات ب3000 دينار متسائلة لماذا هذا الغلاء خاصة وإننا في شهر الرحمة فلا نكاد نستفيق من غلاء الخضر حتى تزيد من معاناتنا غلاء الملابس الذي نواجهه في كل سنة وتساءل المواطنون إن كان المسؤولون يدركون جيدا مدى معاناة المواطن المحصورة بين ارتفاع الأسعار اين هي مصالح المراقبة؟. نفس الأجواء لمسناها بعدة أسواق شعبية في العاصمة كسوق ساحة الشهداء، بومعطي، براقي أين وقفنا على تدفق قوي لمواطنين من مختلف الشرائح الإجتماعية على هذه الأسواق وعبرت مواطنة إلتقيناها بسوق ساحة الشهداء قائلة " غلاء الأسعار جعلنا نتجول مابين الأسواق حتى نتمكن من إقتناء ملابس لأبنائنا في مستوى قدرتنا الشرائية، مواطنة أخرى إلتقيناها بأحد محلات براقي رفقة ابنتيها قالت«غلاء الأسعار حرمنا من إقتناء ما نرغب فيه»، وتضيف «أعجبني طقم لإبنتي البالغة من العمر 6 سنوات لكن سعرة جعلني أغير رأيي، فكيف لطقم بنت في السادسة من العمر يباع ب8500دج رغم أنه عادي جدا». التجار: «قلة السلع من أسباب الغلاء» وخلال الجولة التي قادتنا إلى محلات العاصمة في سهرة رمضانية التقينا بالعديد من التجار لمحاولة معرفة أسباب الغلاء التي تواجهها الملابس خاصة خلال هذه الفترة أكدوا لنا بان هناك نقص فادح في الملابس خاصة التي يحتاجها الأفراد في هذ الفترة من الموسم لهذا يبقى التوجه لجلب الملابس التركية التي تتمتع بالجودة لكن السعر صراحة مرتفع لا يتماشى وأغلب مداخيل المواطن الجزائري حسب الباعة ذاتهم. تبقى السوق الجزائرية تعتمد على الاستيراد وخاصة الوجهة الآسيوية، وكذا الصين، وبالأخص الصين وتركيا، الأسعار في الجزائر لا تخضع إلى أي تسقيف ما عدا بعض لجان المراقبة التي تفرض أبجديات للتجارة على التاجر، لان أغلب هذه الملابس مستوردة، ولا أحد يعرف كم سعر التكلفة ليكون سعر البيع ماعدا التاجر، وكذلك المنافسة بين التجار من بين العوامل التي يمكن أن تتحكم في السعر، لكن للأسف أغلب التجار يرفعون السقف إلى أعلى المستويات وخاصة في ظل الظروف الاستثنائية مثل هذا العام، حيث تعاني السوق الجزائرية بعض الندرة إذ يفتح باب الجشع على مصراعيه لدى أغلب تجار الجملة وكذا تجار التجزئة فيتلاعب الجميع بالأسعار وطبعا يكون المواطن الضحية الأولى والأخيرة. الملابس التركية والصينية تغزوا الأسواق .. عرفت الأسواق والمراكز التجارية هذه الأيام، انتشارا غير مسبوق للألبسة الصينية الخاصة بالأطفال قبيل عيد الفطر، والتي يكثر عليها الطلب لتدني ثمنها وشكلها الذي يعتمد على الألوان والرسومات التي عادة ما تجذب الصغار وحتى الكبار، وأمام الإقبال المتزايد على هذا النوع من الملابس، نجد أن معظم السلع المتوفرة في السوق من صنع صيني تليها المنتوجات التركية التي تعرف ارتفاعا في السعر، في حين نجد ندرة في المنتوجات المحلية الجزائرية والسورية التي تكاد تكون منعدمة تماما في محلاتنا العديد من الأسر تفضل شراء ملابس صينية، خاصة الذين يعانون من دخل ضعيف، أما العائلات الميسورة فتتجه إلى المنتوجات التركية أو الأوروبية الأخرى، وهذا ما أكده لنا العديد ممن التقيناهم من تجار ومواطنون بان معظم السلع التي تعرض للبيع من صنع تركي أو صيني خاصة مع دخول الدراما التركية وتأثيرها على افراد المجتمع حيث اصبحوا يقلدون كل المشاهير وابطال الافلام من حيث اللباس وهذا ما قالته لنا فضيلة بأن السلع التركية هي أفضل السلع من حيث النوعية وأنها تتماشي ايضا مع الموضة في هذا الوقت ومع أنواع الألبسة الفخمة والتي يظهر بها معظم الممثليين. عائلات اشترت قبل رمضان خوفا من لهيب الأسعار ويؤكد أصحاب محلات بيع الملابس إقبال العديد من المواطنين على شراء ملابس العيد مبكرا وعلى غير العادة تجنبا لارتفاع أسعارها، حيث قامت العديد من العائلات أيام قبل حلول شهر رمضان العظيم توافدها من أجل إقتناء هذه السلع وهذا ما تحدثت عنه جميلة التي قالت إنها إشترت ملابس العيد لأبنائها قبل رمضان وهذا تفاديا لإلتهاب الأسعار بسبب سوء المراقبة وطمع بعض التجار. «الفريبري» و«البالة» للعائلات ذات الدخل الضعيف وخلال الجولة التي قادت «السياسي» إلى محلات بيع الملابس والأسواق لفت انتباهنا امتلاء محلات «البالة أو الملابس القديمة بالمواطنين وخصوصا المواطن البسيط الذي يلجأ إليها ليجد ضالته وبأسعار منخفضة ومعقولة جدا الإقبال عليها كبير إلا أن الكثير من المحلات المنتشرة في شارع حسيبة بن بوعلي وفي ساحة الشهداء وهذا ما أكده لنا صاحب أحد المحلات المتواجدة في العاصمة الذي يقول بان العديد من العائلات خاصة البسيطة تقصد هذه المحلات من اجل اقتناء بعض الملابس التي تكون نوعا ما جديدة او إيجاد ما يدخل الفرحة لقلوب هذه الاخيرة التي وجدت متنفسا لها في هذه المناسبة وهذا من أجل مواجهة أعباء المصاريف اليومية التي أنهكت كاهل الآباء في شهر رمضان وما يليه من مصاريف تحضيرا للموسم الدراسي المنتظر في سبتمبر المقبل. حيث يتكرر نفس المشهد من محل إلى آخر، الباعة ربطوا علاقات مع الزبائن، بل وهناك من يطلب طلبات لإحضار الألبسة في اليوم الأول لوصول الشحنة وطبعا في تلك الشحنات المتمثلة في «البالة» أو«الشكارة». السلع السورية تختفي وتحل محلها التركية والصينية تأسف العديد ممن التقيناهم خلال هذه الجولة الإستطلاعية لعدم وجود السلع السورية التي تغيبت عن الأسواق الجزائرية في الفترة الأخيرة بعدما كانت ملاذ العائلات خاصة من فئة النساء والبنات، حيث أكد لنا الباعة في هذا الشان بأن هذا الغياب يرجع للحرب التي تواجهها سوريا في هذه الآونة ما غيب السلع السورية من الأسواق رغم أن هذه الأخيرة ذات جودة عالية وحلت محلها سلع أخرى مثل التركية والصينية.