أصبحت الكثير من شوارعنا اليوم معرضا كبيرا على الهواء الطلق، يضم مختلف الباعة المتجولين من شتى المناطق والنواحي، بحثا عن سبل كسب الرزق بطرق يعتبرونها شرعية لأجل سد احتياجات أسرهم وقوت أولادهم، ينتشرون في الأزقة وشوارع العاصمة ما يكلفهم عناء البحث عن عمل في ظل انتشار ظاهرة البطالة التي أصبحت تمس شريحة كبيرة من شبابنا، وأمست الأرصفة والمساحات العمومية معارض مفتوحة لمختلف أنواع الكتب والمجلات يجد فيها المواطن ضالته، من هنا، ارتأت السياسي تسليط الضوء على الموضوع، لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء انتشار الباعة المتجولين في شوارعنا وساحتنا العمومية ورصد آراء المواطنين حول الظاهرة المنتشرة على حافة الطرقات وبوابات الجامعات والمدارس، في ظل الإقبال الكبير لمحبي القراءة من الطلبة والقراء ما جعل الباعة المتجولين ينافسون المكتبات العامة في الأسعار والعنوانين، وأصبح المتجول في شوارع العاصمة يلفت انتباهه العدد المتزايد للباعة يوما بعد يوم ما يرجعه بعض المواطنين لعجز المكتبات العمومية والخاصة في توفير سلع مناسبة لدخل المواطنين ومتطلباتهم في البحث والتعلم. الساحات والأزقة.. معرض كتب للباعة المتجولين تعتبر الساحات والشوارع أمكنة رئيسة وملاذا هاما لنشر مختلف معروضات المتجولين، ومن خلال جولة إستطلاعية في بعض الشوارع الرئيسية بالعاصمة، وقفنا عند باعة يشغلون أمكنة لمدة طويلة، هذا ما أكده لنا سمير، بائع متجول في شارع اودان بالعاصمة، حيث أكد لنا انه متواجد في هذا الرصيف لأكثر من 3 سنوات رغم المضايقات المستمرة التي يتعرض لها كمنع البيع في الشارع دون رخصة أو سجل تجاري، وعلى الرغم من ذلك، يضيف البائع أصبح لي زبائن خاصين تعودوا التردد على هذا المكان ، أما بالنسبة للأسعار، فوجدنا أن هناك بعض الكتب المعروضة لا تتجاوز ال300 دج للعنوان الذي يتجاوز ثمنه في بعض المكتبات والمحلات ضعف هذا الثمن بكثير، ما جعل الزبائن يتهافتون عليه ويتنظرون قدومه خصوصا طلبة الجامعات والمدارس، بسبب غلاء الكتب وندرتها في مكاتب المؤسسات التعليمية والجامعية، كما صرح احد الباعة في شارع البريد المركزي، أن هناك تجار يتعاملون مع تجار متجولين ويزودونهم بمختلف السلع سواء كانت كتب قديمة أو جديدة، ويتقاسمون ما يجمعونه من أرباح آخر النهار أو في بداية الأسبوع، وهذه المعاملات ليست بجديدة عنّا، بصفتي أزاول هذه المهنة لأكثر من خمس سنوات ، يقول البائع. عناوين نادرة ومنافسة في الأسعار خلال جولتنا التفقدية في الكثير من أزقة وشوارع العاصمة، اكتشفنا أن الكثير من العناوين والكتب أصبحت من التحف النادرة ويصعب لمحبي البحث والقراءة إيجادها إلا عند بعض الباعة المتجولين الذين عرفوا كيف يجذبون الزبائن بمختلف الكتب والعناوين القديمة، وعند سؤالنا لعمي احمد، بائع بأحد الأزقة في شارع حسيبة بن بوعلي بالعاصمة عن مصدر هذه السلعة النادرة، أكد لنا أنها من مخلفات بعض المكاتب العمومية والخاصة التي أراد أصحابها التخلص منها، أو من بعض التجار الذين غيروا مهنتهم التي أصبحت لا تعود عليهم بالربح السريع، وهذا ما جعلني أقتني هذه السلع وأستثمرها في عملي، كذلك لان الكثير من هواة القراءة والبحث يحبون مثل هذه المواد القديمة التي تحمل عناوين في مختلف المواضيع السياسية أو الاجتماعية ، وحتى بعض المجلات أصبحت تستهوي بعض الزبائن كونها تحتوي على بعض المعلومات التي أمست نادرة الوجود حاليا، وفي سياق متصل، أكد لنا عمي احمد، أن بعض الكتب والمجلات تعد أثمانها رمزية مقارنة بالأسعار الحالية المعروضة في المكتبات والمعارض المنتشرة. الأقراص المضغوطة تهدد الباعة المتجولين أصبحت الكثير من الكتب والمجلات المعروضة في طاولات وافرشة الباعة المتجولين معرضة للانقراض والضياع بسبب الانتشار الواسع لمختلف الأقراص المضغوطة التي تحتوي على كتب ومجلات وعناوين، تسهل على القارئ تصفحها وعلى الزبون شراءها بأثمان بخسة من الكتب المعروضة ولو كانت قديمة وبالية، وفي هذا الصدد، أكد لنا احد المواطنين، ان الكثير من شباب اليوم عزفوا عن شراء الكتاب وقراءتها نظرا لتوفر هذه الأقراص على جميع المعلومات، إضافة لاعتمادهم على شبكات الانترنت في بحوثهم المدرسية والجامعية. وعلى الرغم من ذلك، يبقى الكتاب له سحره الخاص في تثقيف المواطنين وتعليمهم المنهجية نظرا لكون الكتاب يعتمد على التركيز والتمعن في متابعته التي تتطلب وقتا في قراءته، وتكون لدى قارئه رصيدا فكريا وقدرة على أسلوب الكتابة، وهذا ما أحدثته وسائل الاتصال الحديثة التي عززت كسل الباحثين وأفقدتهم حب المطالعة والمعرفة، وأكد لنا بعض الباعة، انه على الرغم من الانتشار الكثيف لهذه الأقراص المضغوطة، إلا أن الكتاب لايزال الوجهة الأولى لبعض الطلاب والمهتمين بمجال القراءة خصوصا وان بعض المواقع الالكترونية لا تحتوي على دقة وشمولية المعلومات، ما جعل الكتاب يظل المرجعية الأولى ويبقى الكنز الزاخر بالمعرفة رغم ما نشهده من تقدم علمي وتكنولوجي.