كشفت الوقفات الأخيرة لما يعرف بحركة بركات عن فشل كبير في حشد الشارع لصالح مشروعها الرامي إلى حرمان الرئيس بوتفليقة من الترشح لعهدة رابعة، ما يؤشر على اندثارها تماما في الأيام القليلة المقبلة، لكون هذا المشروع يحمل بذور فنائه في ذاته. ويُرجع المتابعون للشأن السياسي في الجزائر، فشل هذه الحركة في تأليب الشارع ضد العهدة الرابعة ، لجملة من الاعتبارات السياسية والإيديولوجية، وعدم عقلانية المطالب المرفوعة، التي تتناقض والشعارات التي رفعت في ساحة موريس أودان وشارع باستور سابقا. فالناشطة بوراوي ومن معها من بين ما يرفعون من شعارات، شعار الجزائر حرة ديمقراطية ، وفي الوقت ذاته يلومون الرئيس بوتفليقة على الترشح لعهدة رابعة. والمعروف أن من أكثر المبادئ الديمقراطية رسوخا، مبدأ الاحتكام الحر ، ومعنى هذا أن الترشح لأي انتخابات مكفول لأي مواطن يتمتع بالحقوق السياسية والمدنية، طالما أن الشعب هو من يقرر عبر ورقة الانتخابات التي يضعها في صندوق يوم الاقتراع، في الشخص الذي سيوكله لتسيير شؤونه. وحتى لو تركنا التنظير الإيديولوجي الذي يعتبر الخلفية الفكرية الموضوعية لمناقشة مثل هذه القضايا، وتوجهنا نحو البعد التشريعي والقانوني، نجد أن المطالب التي ترفعها ما يسمى بحركة بركات لا تستند على أي أساس في التشريع الجزائري، إذ ليس هناك لا في القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، ولا في الدستور المعدل في العام 2008، ما يمنع الرئيس بوتفليقة من التقدم للانتخابات. نعم، قد يقول قائل أن دستور الولاياتالمتحدةالأمريكية يعمل وفق مبدأ عهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة وكذلك الشأن بالنسبة لديمقراطيات أخرى مثل فرنسا، فإنه بالمقابل هناك ديمقراطيات أخرى لا تعمل وفق مبدأ العهدتين، وتجدر الإشارة هنا إلى دستور ألمانيا الاتحادية وأستراليا والمملكة المتحدة، وبالتالي فالاستشهاد بتجربة ديمقراطية واعتبار غيرها من التجارب الديمقراطية الغربية غير صالح، محاولة لتوظيف الإيديولوجيا من أجل تحقيق مصالح سياسية ضيقة. وبعيدا عن المبادئ والشعارات التي يرفعها دعاة بركات من أجل معارضة العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، يوعز المحللون فشل الحركة في تجنيد الشارع ضد السلطة، إلى طبيعة الأطراف التي تسعى إلى تحريك الشارع، والفئات التي تنحدر منها والأفكار التي تؤمن وتسعى إلى إقناع الجزائريين بها، بالرغم من غرابتها عن المجتمع وتقاليده.