يعرف العديد من الأزواج والزوجات الجزائريين نشوب خلافات بينهما تصل أحيانا إلى حد الطلاق، سببها تسمية المواليد الجدد، بحيث يصر كلا الطرفين على تسمية ابنه الاسم الذي اختاره، فسرعان ما ينقلب جو فرحة العمر بقدوم المولود إلى خلافات وتساؤلات لمن الحق في تسمية المولود، الأب أم الأم؟ من اجل هذا، تقربت السياسي من الأزواج وعامة المواطنين والمختصين ورجال الدين، لمعرفة آرائهم في الموضوع. تسمية المواليد.. هاجس الأزواج تقربنا من بعض المواطنين من مختلف الاعمار لمعرفة رأيهم في الموضوع، حيث أكدت هناء بهذا الخصوص قائلة صديقتي وزوجها كانا ينتظران قدوم ابنهما الأول بفارغ الصبر وعند ولادته، أصرت حماتها على تسمية ابنها على اسم جده عياشي وصديقتي رفضت تماما هذا الاسم، أما زوجها، فأصر عليها بتقبل هذا الاسم وتطورت الأمور من اختيار اسم إلى مشاكل عائلية تسبّبت في طلاقها ، وتضيف حسناء قائلة شخصيا أنا ضد فكرة تدخل العائلتين في تسمية الأبناء التي اعتبرها من حق الزوجين وإذا تدخلت فيها أفراد العائلتين، فمن الطبيعي ان تكون هناك خلافات ، ويقول عبد الكريم، متزوج أنا من يحق لي تسمية أبنائي، لكن هذا لا يدعي أن أتشاجر وأخسر زوجتي من اجل هذا الأمر ، ويشاطره الرأي حكيم، الذي أعرب قائلا تحدثنا في هذا الأمر أنا وزوجتي واتفقنا أن اختار أسماء الأولاد وهي تختار أسماء البنات ، أما جهيدة، فتقول: عندي 4 أبناء وأسماؤهم كلها من اختيار والدهم، هم قطعة منه ويحق له تسميتهم كما يشاء وهذا لا يستحق مني التسبب في مشاكل مع زوجي الذي هو أبو أبنائي بسبب تسمية الأبناء ، ويقول رشيد اتفقت مع زوجتي على اختيار اسم لائق ومحترم، فنحن محاسبون على تسمية أبنائنا أمام الله ، وتضيف نبيلة مرة اختلفت مع زوجي في تسمية ابنتي حيث أصر على تسميتها ذهبية على اسم أمه ومع احترامي لامه، لكنه لم يفهم أنني كنت أفضّل لها اسما جميلا ولائقا وعصريا مثل لينا، رتاج، ماريا، لكنني صبرت واحترمت رأيه لأنه زوجي وعليّ أن أتجنّب خلافات تبدو بسيطة في البداية لكن لها نتائج سلبية على العلاقة الزوجية، والحمد لله، رزقت بطفلة أخرى أسميتها أميرة، فكل هذه الأمور تشكّل هاجسا لدى الأزواج لأنها غالبا ما تنجر عنها مشاكل وخلافات عائلية تصل الى حد الطلاق، لذا علينا ان نتعامل وهذه المرحلة بطرقة جدية ونتفادى تلك الصراعات القائمة على هذا الموضوع . الاسم البديل.. خيار لتجنّب الشقاق وأمام هذه الآراء، أجمع العديد من الأزواج على وضع اسم بديل من أجل تفادي الانشقاقات بينهما وهو ما راحت إليه فايزة التي قالت عندي 3 أبناء ويوم ولادة كل منهم يحدث خلاف في الرأي مع زوجي حول موضوع تسميتهم وهو الأمر الذي جعلنا مضطرين إلى إضافة اسم بديل وكل من أبنائي يحمل اسمين وهكذا نتجنّب الشجار الذي أجده تافه إذا تمكّن من تحطيم علاقة زوجية ، ومن جهتهم، اجمع الكثيرون على استعمال الاسم البديل من اجل تفادي تعصب الحماة أو الزوج أو الزوجة لاسم معين وإصرارهما عليه سواء بتدوينه على الدفتر العائلي أو دون ذلك. وحسب هذه الفئة، فإن الأمر يعد بالنسبة إليهن المخرج الوحيد لتجنّب الوقيعة بين بعضهم وبذلك يكون كل واحد منهم قد حقّق رغبته دون تسلّط وله الحق في مناداة الصغير بالاسم الذي يعجبه. نفسانية: تسمية المواليد هي قناعات شخصية وفي خضم هذا الواقع الذي يعيشه العديد من الأزواج، تقول الأخصائية النفسانية، عائشة شباك: إن هذا النوع من الخلافات الزوجية لا علاقة لها باي جانب و إنما هي خلافات تعود إلى العناد بين الزوجين، بحيث يحب كلا الطرفين فرض رأيه على الآخر، وأيضا سببها الذوق إذ يرغب احد الطرفين بتسمية الأبناء أسماء تقليدية قديمة عكس الطرف الآخر الذي يرغب في أسماء عصرية، كما تتدخل اسر الزوجين في ذلك إذ يرغب الزوج تسمية ابنه أو ابنته على أمه أو أبيه ونفس الشيء بالنسبة للزوجة وفي الكثير من الأحيان تفرض اسر الزوجين اختيار اسم المولود خاصة الحماة وبالتالي، فهي قناعات شخصية . ومن جهة أخرى، تضيف المختصة، أمينة. ح : إن الأسماء لها تأثير على شخصية وسلوكيات الفرد لان لها دلالات ومعان، وهو ما يحتم على الآباء أن يختاروا لأبنائهم أسماء ملائمة، فنحن مسؤولون عن تربية أبنائنا ومسؤولون كذلك عن اختيار أحسن الأسماء لهم، ولابد أن ندرك أننا محاسبون على ذلك ، وأشارت المتحدثة إلى أن للاسم أثر نفسي على الطفل قد يشعره بالحرج أمام الناس، إن لم يحسن الأولياء اختياره، بحيث قد يكون مصدرا للاستخفاف أو الاستهزاء من طرف الآخرين وقد يصل إلى حد الاستهجان أحيانا. اجتماعيون: اختيار اسم المولود لم يكن مشكلة في السابق ومن جهته، يقول الأخصائي الاجتماعي، رشيد بوسعادة، ان هذه الظاهرة تعد من بين الظواهر الاجتماعية التي يجب البحث فيها عن البعد الخفي لمعرفة السبب فيما يكمن هل في الاسم ام أنها اسباب زمنية أخرى تراكمت من قبل وانفجرت عند نقطة تسمية المولود وليست هي السبب الحقيقي وراء خلافات التسمية، كما ان هناك اسبابا مثل ان تكون للزوج، على سبيل المثال، ميولات دينية يرغب في تسمية أبنائه مثل أسماء الرسل، عليهم السلام، او الصحابة والتابعين وتكون زوجته ذات نزعة حضارية عصرية تحب تسمية أبنائها على أسماء أبطال المسلسلات التركية مثلا، وهو ما قد يطرح خلافات بين الأزواج لذا يجب التعامل بذكاء مع هذه الأمور. وفي ذات السياق، يشير أستاذ علم الاجتماع ح. محمد إلى أن أسماء المواليد في القديم كانت غالباً ما تمزج بين أسماء أقارب والد أو والدة المولود، بالإضافة إلى أسماء الصحابة، وزوجات الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكان الأمر المتعارف عليه منذ القدم أن الابن الأول، خاصة إذا كان ذكراً، غالباً ما يسمى باسم والد أبيه، حيث يساهم ذلك، حسبه، في توطيد العلاقات الاجتماعية، وأواصر الترابط بين أفراد الأسرة. وأضاف أن اختيار اسم المولود لم يكن مشكلة في وقت سابق، حيث كان غالباً ما يسند اختيار اسم المولود إلى الشخص الأكبر في الأسرة، من باب التقدير، إضافة إلى أن الحكم كان ممنوحا لكبار العائلة آنذاك، وهو ما يساهم، حسبه، في توطيد العلاقات الاجتماعية، إلا ان هذه المشاكل حول هذه الموضوع زادت بعناد الأزواج لذا يجب تفادي هذه الأمور لتجنّب المشاكل. إمام: الحياة الزوجية يجب أن تُبنى على التواصل والرحمة وفي هذا الصدد، اكد الإمام يوسف بن حليمة قائلا الحياة الزوجية يجب أن تبنى على التواصل والرحمة كما قال الله، تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَل بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ، ولتفادي هذه المشاكل، يجب التشاور بين المرأة والرجل حتى لا يكون هناك خلاف يؤدي الى مضاعفات سلبية، كما يجب ان يكون التواصل بين الزوجين ليس من ناحية التسمية فقط، بل في كل ما يخص الاسرة، وعند اختيار الاسماء، يجب ان تكون اسماء لها معنى لان لها أثر على شخصية وسلوكيات الابن في المستقبل، وفي حال وجود تنافس وخلاف بينهما، يتوجب على الزوجين مراجعة بعضهما البعض لإنشاء التوافق والتنافس وتجنّب اتخاذ موقف المنافسة والشجار، وفي الاصل وفي حال نشوب خلاف ان لم ينجحوا في المشاورة بينهما، كما قال الله، تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ، (النساء: 34)، اي الاولوية للاب في تسمية الابن والمسؤولية راجعة للرجل، إلا إذا اختار اسما لا يصلح، فالزوجة يحق لها الاعتراض عليه .