يتوجه عدد كبير من العائلات البليدية وأيضا تلك التي تسكن بالولايات المجاورة كل مساء من أيام رمضان إلى مرتفعات الشريعة، للسهر هناك بحثا عن الراحة والهدوء بعد يوم من الصيام ومنها من تفضّل إقامة جلسات إفطار في أحضان الطبيعة وفي الهواء الطلق. فبمجرد الإنتهاء من تناول وجبة الإفطار، تتجه العائلات عبر الطريق المؤدي إلى مرتفعات الشريعة بالسيارات والدراجات النارية التي تحاول الوصول بسرعة إلى هذا الموقع لقضاء سهرة طويلة والتمتع بالهواء المنعش بهذا الفضاء السياحي الواقع على ارتفاع نحو 1600 م. كما أن الروائح المنعشة المنبعثة من أشجار الأرز وغيرها من أنواع الأعشاب العطرية و الطبية تجعل من الشريعة مكانا مفضلا لدى الكثيرين خاصة في هذه الفترة من السنة. وبالإضافة إلى هوائه النقي وأعشابه العطرية، فإن هذا الموقع هادئ وهو بعيد عن الضوضاء التي تسود التجمعات الحضرية في مثل هذه المناسبات. وقد صرح العديد من أرباب العائلات أنهم يفضّلون الصعود إلى مرتفعات الشريعة بدلا من التوجه إلى شواطئ العاصمة أو تيبازة بحثا عن الهواء المنعش، مضيفين أنهم يقضون سهرات ممتعة وسط أجواء حميمية. ولتجنّب وقوع أي حادث محتمل بهذا الطريق الملتوي، فإن أصحاب المركبات يسيرون ببطء وبصبر كبير معتبرين أنه لا مبرر للإسراع بما أن الجميع متجه إلى فضاء للراحة والاستجمام لقضاء سهرة رمضانية. وبعين المكان، يجلس الكبار حول طاولة لارتشاف فنجان قهوة أو كأس شاي بينما يطلق الأطفال العنان لمرحهم وهم يركضون في كل اتجاه. وصرح العديد من الأولياء في هذا الصدد أنه لا يوجد مكان أفضل من الشريعة لقضاء السهرات وحتى الأطفال يفضّلون هذا الفضاء الطبيعي ويلحون على التردد عليه. الإفطار في الطبيعة عامل جذاب آخر. وتفضّل بعض العائلات الإفطار بمرتفعات الشريعة، حسب أصحاب المقاهي والمطاعم. فبعد طلب وجبة الإفطار، تصل العائلات بدقائق قبل موعد آذان المغرب والإفطار للتمتع بجمال الطبيعة ومشاهدة غروب الشمس الشبيه بصورة تذكارية. وتعد الكاميرات من ضمن الأغراض التي يحملها معهم زوار الشريعة في هذه الفترة. وهناك عائلات تجلب معها وجبات الإفطار المحضّرة في البيت لتناولها في هذا الوسط الطبيعي بأعالي الجبل. وتقوم العائلات في مجموعات بإعداد وجبات الإفطار التي يتم تناولها معا وهو ما يعزز روح الألفة والروابط فيما بينها خلال الشهر الفضيل. ويجمع عدد كبير من أرباب العائلات على أن الهواء النقي والمنعش يزيد من الشهية ويعطى نكهة خاصية للإفطار قائلين إن تواجدنا هنا، يجعلنا نشعر بسعادة كبيرة في رمضان بمرتفعات الشريعة له نكهة متميزة . ومن جهته، أفاد سيد أحمد براهيمي، صاحب مطعم يقيم بالشريعة بعد أن قضى عدة سنوات في سويسرا ينشط في نفس الفرع، أن بعض العائلات القادمة من ولايات أخرى اعتادت التردد على هذا الفضاء وتقصده بانتظام خلال الشهر الفضيل، مشيرا إلى أن عدد الزوار في ارتفاع في المدة الأخيرة. ويتم تنشيط السهرات بتقديم عروض مسرحية من طرف فرق محلية بالساحة التي يطلق عليها الباركينغ ، أي موقف السيارات. وهي عبارة عن مسرحيات موجهة للأطفال تعالج مواضيع متنوعة لها علاقة بالتربية والبيئة والحس المدني ويتسنى بذلك لزوار الشريعة الجمع بين المفيد والسار. منظر خلاّب للبليدة انطلاقا من مرتفعات الشريعة ويغتنم هواة الصور السهرات الرمضانية بمنطقة الشريعة لتخليد المنظر الخلاّب لمدينة البليدة تحت الأضواء. فالديكور الطبيعي جذّاب للغاية، لدرجة أن الكثير من العائلات تتوقف خلال رحلة العودة إلى البيت عدة مرات للتمتع بمشاهدة هذه المناظر الخلابة الشبيهة ببطاقة تذكارية. وذكر عدد من الشبان أن الصور الملتقطة لمدينة البليدة ليلا والتي تم نشرها في شبكات التواصل الاجتماعي نالت إعجاب مواطنين جزائريين وحتى الأجانب، وهو ما يزيد في تعزيز الجاذبية السياحية لمنطقة الشريعة. وقد تطول السهرات إلى ساعة متأخرة