لا يزال الحزن والأسى يخيّم على بلدية القليعة بعد الحادثة الأليمة التي أودت بحياة ثلاثة تلاميذ من أبناء المنطقة المتوجهين لمقاعد دراستهم بحدود الساعة السابعة والنصف، وذلك بعد انحراف حافلة لنقل المسافرين متجهة من محطة القليعة إلى بوفاريك عن مسارها بالمكان المسمى الوادي ، وتحديدا على مستوى الطريق الولائي رقم 69 الرابط بين البلدية ووادي العلايق، أين خرج السكان الذين لا يزالون تحت تأثير الصدمة ولا يكادون يستوعبون ما حصل عن صمتهم، حيث قاموا بغلق الطريق الوطني رقم 69 تعبيرا عن غضبهم، كما أقدموا على حرق الحافلة التي تسببت في مقتل الأطفال الأبرياء، تعبيرا منهم عن شدة معاناة أبنائهم بشكل يومي وعلى طول العام الدراسي. وأكد بعض المواطنين الساخطين عن الوضع المتردي بالمنطقة ممن إلْتقتهم السياسي يوم أمس إثر زيارتها لبلدية القليعة، أن التلاميذ الذي يقطنون ببعض الأحياء المعزولة يقطعون منذ عشر سنوات حوالي 2 كلم للوصل إلى مكان توفر النقل المدرسي، هذا الأخير الذي من المفروض أن يحمل التلاميذ من مجمعاتهم السكنية المعزولة وليس العكس، متسائلين في ذات السياق عن سبب تغيير مشروع إنشاء مدرسة بالمكان إلى مشروع سوق السيارات. وأضاف مواطن آخر وهو يتأمل المكان الذي وقع به الحادث الأليم، أن حافلات النقل المدرسي لا تقدر على احتواء الأعداد الهائلة من التلاميذ الوافدين من جميع الأحياء المجاورة، ما يجبر البقية على التوجه إلى حافلات الخواص التي يتنقلون عبرها بطريقة غير لائقة وفوضوية، ناهيك عن التأخر اليومي عن مقاعد دراستهم. وفي سياق ذي صلة، أضاف بعض المواطنين أن هذا الحادث لا يعدّ الأول من نوعه بالمنطقة التي شهدت عدة ضحايا، آخرها كانت لإمْرأة كبيرة في السن دهسها أحدهم بدراجة نارية أين لفضت آخر أنفاسها بنفس المكان. ومن جهة أخرى، فقد كشفت الحادثة الكثير من الخبايا والنقائص التنموية على مستوى الحي الذي يعتبر من المناطق النائية، حيث أكد السكان أن من بين أسباب الحادث هو طبيعة الطريق المتهرئة وانعدام الأرصفة بها، بالإضافة إلى افتقار المنطقة لموقف الحافلات حيث تتوقف بشكل عشوائي وسط الطريق لنقل المسافرين، كما أشار أحد السكان إلى ضرورة حضور أخصائيين ومهندسين أكفاء لأجل القيام بدراسة بتعبيد الطريق ومن ثم وضع الممهلات وليس بطريقة فوضوية -كما وصفها المتحدث- خاصة وأن الطريق يعرج انعراجات عديدة. وعلى هذا الأساس، فقد وجّه قاطنو المنطقة نداء استغاثة بوضع حلّ لإرهاب الطرقات الذي يطال أبناءهم ونساءهم وأطفالهم، مطالبين بضرورة فرض عقوبات صارمة على الناقلين المتسببين في مثل هذه الحوادث الأليمة، كما أصروا على ضرورة توفير النقل المدرسي الكافي أو إنشاء مؤسسات تربوية بالمنطقة.