مختصون يحصون 300 حالة في الولايات الوسطى أطفال لا ذنب لهم إلا أنهم وجدوا في الحياة، ليجدوا أنفسهم أعداء الشمس ، هي عداوة مستمرة مدى الحياة وإلا سيكون المرض الخبيث المصير الحتمي لهم، إنهم أطفال القمر الذين لا تزال معاناتهم في استمرار لتزيد في ظل عدم توفر مراكز تتكفل بهم، وهو ما أكده العديد من أولياء المرضى ل السياسي ، التي تقربت من البعض منهم للتعرف كيف يقضي هؤلاء الأطفال يومياتهم تحت ضوء القمر. معاناة أطفال القمر تبدأ مع طلوع الشمس لا يستطيع أطفال القمر مغادرة أسوار البيت إلا مع حلول الظلام الدامس، فمن المحظور عليهم التعايش مع المجتمع العادي. بليدي عبد الجليل من وهران، واحد من بين العينات المتواجدة بيننا، إلا أنهم يعانون في صمت أتجنّب الحديث مع ابني كي لا يجهش في البكاء ، هي العبارة التي أخبرنا بها محمد عن حالة ابنه الذي لا يتجاوز عمره الأربع سنوات والذي بدأت أعراض المرض تظهر عليه وعمره لا يتجاوز السنتين ما جعل المرض يتطور وتصعب معالجته، حيث يبدأ باحمرارات جلدية غالبا ما يصعب تشخيصها لتتطور إلى بقع داكنة بسبب الجفاف الشديد للبشرة ما يجعل التعرض لأشعة الشمس يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، وهو ما قد يتسبّب في الإصابة بسرطان الجلد، هذا المرض جعل من عبد الجليل يعاني في صمت وظلام، فعدم قدرته على الخروج نهارا واللعب مع أقرانه، جعل نفسيته متأزمة. وعلى غرار ما يعانيه عبد الجليل نفسيا، فقد اشتكى محمد، والد الطفل المريض، من غياب مراكز للتكفل بمثل هذه الحالات المرضية وهو ما زاد من تعقيد حياة المرضى أكثر، فهم لا يخرجون إلا بعد غروب الشمس، فيما يلازمون أربعة جدران طيلة النهار، حياتهم ليلية، ونمط عيشهم منزلي بامتياز، يعيشون في ظلام دامس فقط، وحين تختفي أشعة الشمس تماما، تسمح لهم الطبيعة بمغادرة حبسهم الاضطراري. مهدي يحلم أن يدرس.. لكن ولم يكن عبد الجليل الوحيد المصاب بهذا المرض، فقد كان ل السياسي حديث مع أبي بكر من بلدية عين الشيح بولاية عين الدفلى، الذي وصف لنا الحالة المأساوية التي يعاني منها مهدي 10 سنوات وعبد الله 5 سنوات، إذ لا يجد من حل بديل إلا التوجه لذوي القلوب الرحيمة لمساعدته على التخفيف من الآلام النفسية والاجتماعية اليومية لابنيه. كانت بداية المرض باعتقاد الحساسية الجلدية والتي تزداد مع التعرض لأشعة الشمس، إلا ان الصدمة كبيرة بإخبار الطبيب المختص في مستشفى مايو بالمرض النادر أطفال القمر ، كما وصف الحالة النفسية لأطفاله ب المتأزمة ، خاصة مع الإلحاح المتكرر لمهدي على التمدرس كغيره من الأطفال واللعب معهم، إلا ان ضوء النهار وأشعة الشمس حالت دون تحقق المبتغى، أطلب الإعانة من الجهات الرسمية والجمعيات المتكفلة بهم خاصة في مصاريف عملية استئصال الورم ، كان هذا هو الرجاء الذي يرى فيه أبو بكر للتخفيف من المعاناة أبنائه، كما تجدر الإشارة الى ان جمعية آلاء الخير للأمراض المستعصية والنادرة ستكون لها زيارة الأسبوع المقبل الى العائلة للتكفل الصحي بحالة مهدي وعبد الله التي أسندت للطبيب المختص في الجمعية، وهو ما صرح به كمال ملياني، رئيس الجمعية في اتصال ل السياسي . مختص: تعرض المريض لأشعة الشمس يسبّب السرطان وفي هذا الإطار، أكد البروفيسور آيت بلقاسم، مختص في الأمراض الجلدية، أن هذا المرض الذي يسمى أيضا كزينوديرما يتميز بحساسية جلد شديدة ضد أشعة الشمس التي من شأنها أن تتسبّب في التهابات في العين وخطر الإصابة بسرطان الجلد والعين عند عدم متابعة المريض طبيا، وقال الدكتور ان العديد من الجمعيات تهدف إلى إدماج هذه الشريحة في المجتمع عن طريق نيل حقوقهم في الدراسة والحماية الاجتماعية والطبية، بالإضافة إلى ضمان استفادتهم من العلاج والأدوية، خاصة في ظل الأعراض الخطيرة التي يعانيها أطفال القمر، على غرار خطر الإصابة بسرطان الجلد والتهاب العينين وصعوبة شفاء الجروح الجلدية، ليضيف ذات المتحدث ان الحالات المرضية التي تزور مستشفى مصطفى باشا من كل الولايات في تزايد مستمر والحالات متقدمة، مما يتطلب التدخل السريع للتكفل بهذه الفئة من المرضى. تسجيل 300 حالة مرضية في الولايات الوسطى فقط كما أشار ذات المتحدث ل السياسي إلى الأعراض الأولية للمرض والمتمثلة في ظهور بقع بيضاء وبنية على مستوى الأماكن المعرضة لأشعة الشمس، في حين تتطور الحالة الى احمرار، التهاب حاد على مستوى كامل الحسم، كما أضاف البروفيسور حول تفاصيل المرض انه ومع تقدم الحالة، تظهر أورام جلدية تتطلب التدخل الجراحي كي لا تتسبّب في سرطان الجلد. وعن أسباب الإصابة بهذا المرض، أخبرنا آيت بلقاسم، أنها تنجم عن وجود صلة قرابة بين الزوجية بالإضافة الى اضطرابات جينية تمنع الطفل من التعرض لأشعة الشمس والاحتمال الدائم لمرض السرطان والعمى الكل، كما أضاف محدثنا ان الأطباء والأخصائيين قاموا بتسجيل 300 حالة مرضية مصرح بها بولايات الوسط خلال المؤتمر الدولي المنعقد شهر مارس الفارط، أين تطرق من خلاله المتدخلون الى جوانب مختلفة من المرض بحضور عدد من الأطباء المتخصصين والجمعيات الخاصة بأطفال القمر. جمعية أطفال القمر : نقص التكفل بالمرضى يزيد من معاناتهم وفي ذات السياق، أكد نور الدين، رئيس جمعية أطفال القمر بوهران، أن الجمعية تحصي حوالي 500 مصاب بوهران في حين تتكفل الجمعية ب200 حالة، مضيفا انه رغم المعاناة التي يعيشها المرضى مع مرضهم، إلا انه لم يصنّف ضمن الأمراض المزمنة وهو مازاد من حدة معاناة الأولياء مع أطفالهم، كما أشار الى النقص الفادح في المراكز التي تهتم بهذه الفئة اجتماعيا ونفسيا كغيرها من فئات المجتمع. وعن الإعانات التي تقدّمها الجمعية للأطفال، أخبرنا رئيسها أنها عبارة عن مراهم وأقنعة بلاستيكية وصابون خاص بهم، ومن الأمور التي تطرق إليها نورالدين ضرورة تواجد مدارس ومراكز خاصة بأطفال القمر، خاصة مع رفض العديد من المؤسسات التربوية وجدود هذه الفئة ضمن صفوف المدرسة.