خلّد الشعب الصحراوي، أول أمس، الذكرى ال42 لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب بجبهة البوليساريو ، في ظروف كادت أن تكون استثنائية لولا أن مجلس الأمن رفض توسيع صلاحيات بعثة المينورسو واكتفى بتمديد المهمة لسنة أخرى، بالرغم من تنامي الأصوات الدولية المنادية بضرورة توسيع صلاحياتها وإلزام المحتل المغربي من تمكينها من مهمتها الرئيسية ألا وهي مراقبة حقوق الإنسان والتقرير عنها، وتنظيم استفتاء حر وعادل لتقرير مصير الشعب الصحراوي. كما حملت الذكرى 42 لتأسيس البوليساريو معها قرار الجيش الصحراوي في المناطق المحررة، والقاضي بفرض حمل آليات بعثة المينورسو للوحات ترقيم أممية بدل الترقيم المغربي للتعبير عن موقفها الحيادي من النزاع، بعد الاستياء الكبير الذي خلّفه قرار مجلس الأمن، الذي لم يتمكن من وضع حد لتماطل النظام المغربي وتعنته واعتماده على سياسة الهروب للأمام، بل ورفض اتخاذ قرارات شرعية تنص عليها المواثيق الدولية لإيجاد حل للقضية الصحراوية، بالرغم من أن التقرير الأممي اعتبرها منطقة تصفية استعمار، مما يعني أن لغة المصالح هي التي تفرض منطقها وفقط في قرارات مجلس الأمن، وهو ما يبرره موقف 243 منظمة غير حكومية والتي تحذر من النهب الممنهج للثروات الطبيعية للصحراء الغربية سيما ثرواتها المنجمية، غير أنها لم تجد الآذان الصاغية من الأممالمتحدة ولا حتى من القوى الغربية، خاصة وأن السلطات المغربية المحتلة قامت بمنح حقوق الامتياز للبحث النفطي لعديد الشركات الأجنبية في إطار برنامج للتنقيب مع الهيئة المغربية للبحث المنجمي. وكانت الاستشارة القانونية للأمم المتحدة الصادرة في جانفي 2002 بطلب من مجلس الأمن قد خلصت إلى أن كل استكشاف أو استغلال نفطي في الإقليم غير المستقل للصحراء الغربية يعتبر انتهاكا للقانون الدولي إذا لم يكن يراعي تطلعات ومصالح شعب هذا الإقليم . وفي انتهاك فاضح لهذه الاستشارة القانونية للأمم المتحدة قام المغرب حسبما أوردته وكالة الأنباء الصحراوية حتى الآن بمنح سبع رخص نفطية وغازية عبر كامل الإقليم. في هذا الصدد انتهت الشركة النفطية الأمريكية كوسموس إينيرجي بالتعاون مع الشركة الاسكتلندية كيرن إينيرجي بي.أل.سي من إجراء التجربة الأولى لحفر آبار في المياه الإقليمية للصحراء الغربية في فيفري 2015. وأضافت ذات المنظمات أن المجمع الفرنسي توتال والأمريكي قليكور بي.سي وشركات نفطية أخرى من شأنها أن تحذو حذو كوسموس إينيرجي من أجل الاستكشاف النفطي ما وراء الحدود الدولية للمغرب أي في الصحراء الغربية. وتجاهل مجلس الأمن الدولي في اجتماعه الأخير حول الصحراء الغربية، المطالب الإفريقية الواسعة بضرورة الإسراع بتطبيق قرارات الاممالمتحدة المتعلقة بالصحراء الغربية، وذلك من أجل تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير مصيره لإنهاء معاناة آخر مستعمرة في إفريقيا. كما يأتي تخليد هذه الذكرى في ظل تشبث إفريقي قوي بحق تقرير مصير الشعب الصحراوي ودعم مستمر لقضيته العادلة، وكذلك مطالبة العديد من المنظمات الدولية بضرورة احترام حقوق الانسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، وكذا تنديد واسع بالنهب غير الشرعي للثروات الطبيعية الصحراوية من طرف الاحتلال المغربي وشركائه من الشركات الأجنبية. وفي 10 ماي 1973، عقد المؤتمر التأسيسي تحت شعار بالبندقية ننال الحرية ، من أجل إعلان ميلاد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ( جبهة البوليساريو) واندلاع الكفاح التحريري المسلح. وحلل البيان السياسي الذي حمل لواء الفقيد محمد سيدي إبراهيم بصيري، الوضع والأسباب العميقة التي دفعت الشعب الصحراوي إلى حمل البندقية وإعلان الكفاح المسلح ضد الإدارة الاستعمارية الإسبانية وذلك بعد فشل كل أساليب النضال السلمي التي قمعت بعنف وهمجية من قبل المستعمر في 17 جوان 1970.