فصل فيما ورد عنه من تعبير الرؤيا - عن سعيد بن المسيب قال: رأت عائشة رضي اللّه عنها كأنه وقع في بيتها ثلاثة أقمار، فقصتها على أبي بكر -وكان من أعبر الناس- فقال: إن صدقت رؤياك ليدفنن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثًا، فلما قبض النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: يا عائشة هذا خير أقمارك. وأخرج أيضا عن عمر بن شرحبيل قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (رأيتني أردفت غنم سود، ثم أردفتها غنم بيض، حتى ما ترى السود فيها)، فقال أبوبكر: يا رسول اللّه أما الغنم السود فإنها العرب يسلمون ويكثرون والغنم البيض الأعاجم يسلمون حتى لا يرى العرب فيهم من كثرتهم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (كذلك عبرها الملك سحرًا). - عن محمد بن سيرين قال: كان أعبر هذه الأمة بعد نبيها أبوبكر. - عن ابن شهاب قال: رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (رؤيا فقصها على أبي بكر، فقال: رأيت كأني استبقت أنا وأنت درجة، فسبقتك بمرقاتين ونصف، قال: يا رسول اللّه يقبضك اللّه إلى مغفرة ورحمة، وأعيش بعدك سنتين ونصفا). - عن أبي قلابة أن رجلا قال لأبي بكر الصديق: رأيت في النوم أني أبول دمًا، قال: أنت تأتي امرأتك وهي حائض، فاستغفر اللّه ولا تعد. - عن عبد اللّه بن بريدة قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمرو بن العاص في سرية فيهم أبوبكر وعمر، فلما انتهوا إلى مكان الحرب أمرهم عمرو ألا ينوروا نارًا، فغضب عمر، فهم أن يأتيه، فنهاه أبوبكر وأخبره أنه لم يستعمله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عليك إلا لعلمه بالحرب فهدأ عنه. - وأخرج البيهقي من طريق أبي معشر عن بعض مشيختهم، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (إني لأؤمر الرجل على القوم فيهم من هو خير منه لأنه أيقظ عينًا وأبصر بالحرب). - عن زيد بن الأصم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لأبي بكر: (أنا أكبر أو أنت؟) قال: أنت أكبر وأكرم، وأنا أسن منك مرسل غريب جدًا، فإن صح عدّ هذا الجواب من فرط ذكائه وأدبه، والمشهور أن هذا الجواب للعباس، وقد وقع أيضا لسعيد بن يربوع أخرجه الطبراني ولفظه: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له: (أينا أكبر؟) قال: أنت أكبر وأخير مني، وأنا أقدم. - وأخرج أبو نعيم أن أبابكر قيل له: يا خليفة رسول اللّه ألا اللّه ألا تستعمل أهل بدر؟ قال: إني أرى مكانهم ولكني أكره أن أدنسهم بالدنيا. - عن إسماعيل بن محمد أن أبابكر قسم قسمًا فسوى فيه بين الناس، فقال له عمر: تسوي بين أصحاب بدر وسواهم من الناس، فقال أبوبكر إنما الدنيا بلاغ وخير البلاغ أوسعه، وإنما فضلهم في أجورهم. - عن أبي بكر بن حفص قال: بلغني أن أبابكر كان يصوم الصيف ويفطر الشتاء. - عن حيان الصائغ قال: كان نقش خاتم أبي بكر (نعم القادر اللّه). - عن موسى بن عقبة قال: لا نعلم أربعة أدركوا النبي صلى اللّه عليه وسلم وأبناءهم إلا هؤلاء الأربعة: أبو قحافة وابنه أبوبكر الصديق، وابنه عبد الرحمن وأبو عتيق ابن عبد الرحمن واسمه محمد. - عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: ما أسلم أبو أحد من المهاجرين، إلا أبو أبي بكر. - عن أنس قال: كان أسن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبوبكر الصديق وسهيل بن عمرو بن بيضاء. - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما كان عام الفتح خرجت ابنة لأبي قحافة فلقيتها الخيل، وفي عنقها طوق من ورق فاقْتطعه إنسان من عنقها، فلما دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المسجد قام أبوبكر وقال: أنشد باللّه والإسلام طوق أختي فواللّه ما أجابه أحد، ثم قال الثانية فما أجابه أحد، ثم قال: يا أخته احتسبي طوقك، فواللّه إن الأمانة اليوم في الناس لقليل. فائدة: رأيت بخط الحافظ الذهبي: من كان فرد زمانه في فنه: أبوبكر الصديق في النسب، عمر بن الخطاب في القوة في أمر اللّه، عثمان بن عفان في الحياء، علي في القضاء، أبي بن كعب في القراءة، زيد بن ثابت في الفرائض، أبو عبيدة بن الجراح في الأمانة، ابن عباس في التفسير، أبو ذر في صدق اللهجة، خالد بن الوليد في الشجاعة، الحسن البصري في التذكير، وهب بن منبه في القصص، ابن سيرين في التعبير، نافع في القراءة، وأبو حنيفة في الفقه، ابن اسحاق في المغازي، مقاتل في التأويل، الكلبي في قصص القرآن، الخليل في العروض، فضيل بن عياض في العبادة، سيبويه في النحو، مالك في العلم، الشافعي في فقه الحديث، أبو عبيدة في الغريب، علي بن المديني في العلل، يحي بن معين في الرجال، أبو تمام في الشعر، أحمد بن حنبل في السنة، البخاري في نقد الحديث، الجنيد في التصوف، محمد بن نصر المروزي في الاختلاف، الجبائي في الاعتزال، الأشعري في الكلام، محمد بن زكريا الرازي في الطب، أبو معشر في النجوم، إبراهيم الرماني في التعبير، ابن نباتة في الخطب، أبو الفرج الأصبهاني في المحاضرة، أبو القاسم الطبراني في العوالي، ابن حزم في الظاهر، أبو الحسن البكري في الكذب، الحريري في مقاماته، ابن منده في سعة الرحلة، المتنبي في الشعر، الموصلي في الغناء، الصولي الشطرنج، الخطيب البغدادي في سرعة القراءة، علي بن هلال في الخط، عطاء السليمي في الخوف، القاضي الفاضل في الإنشاء، الأصمعي في النوادر، أشعب في الطمع، معبد في الغناء، ابن سينا في الفلسفة.