لاتزال السياسة الفرنسية تجاه الجزائر تؤكد صحة المقولة الشهيرة: الاستعمار تلميذ غبي. وها هو وزير الخارجية الفرنسي يؤكد صحة هذا المبدأ وهو يعتقد أو يأمل ويحلم برحيل جيل الثورة كي تتحسن العلاقات بين الجزائر وبلده فرنسا. كوشنير مازال يتعامل مع الجزائرئ وفق المنطق الاستعماري نفسه الذي تتعامل به الدول الاستعمارية مع باقي الكيانات الأخرى. ولأن الاستعمار سيظل ذلك التلميذ الغبي الذي لا يحسن حسابات الجمع والضرب والطرح، فإن العلاقات بين باريس والجزائر ستظل على نفس درجة التأرجح مادام جيل الاستعمار هو المهيمن على صناعة القرار الفرنسي ومن ورائه طابور من صناع اللوبي اليهودي الذي يعيش على ذكريات أحداث مصطنعة لاستجداء عطف الرأي العام العالمي وابتزاز المجتمع الدولي. التصريح المستفز والخطير الذي أدلى به وزير الخارجية الفرنسي، روبار كوشنير، لصحيفة ''لو جورنال دي ديمانش'' الأسبوعية يوم أمس، يعكس إصرارا فرنسيا على التصعيد نحو أعلى سقف للتوتر في العلاقات الثنائية. فقد قال قبل أسبوع إنه يشكك في قدرة البرلمان الجزائري على اتخاذ قرار يجرّم تمجيد الاستعمار، وقبلها أجاب بشكل مهين على سؤال يتعلق بتصريحات سابقة أدلى بها وزير المجاهدين الشريف عباس بشأن تغلغل اللوبي اليهودي في الإدارة الفرنسية والجذور اليهودية للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. الشخص نفسه الذي يقود الدبلوماسية الفرنسية كسر أمس الأعراف التي تحكم العلاقات بين البلدان، وأعلن أن العلاقات الثنائية بين الجزائروفرنسا ستتحسن أو قد تتحسن برحيل جيل الثورة. هذا التصريح يأتي وكأنه من أجل الدفع بالجزائر إلى موقف أكثر صرامة من فرنسا... قد نعتقد هذا الرأي ونحن نسخر من الصمت الذي يلف الرد على فرنسا الاستعمارية بشكل عملي وليس إعلاميا، لكن تصريح كوشنير يفترض أن يدفع بنا نحن في الجزائر إلى موقف صارم وحاد. وإذا كان كوشنير ومن ورائه الإدارة الفرنسية التي تتعمد ومنذ بداية فتح ملف الاعتذار والتعويض والتجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، إذا كان كوشنير وإدارته الاستعمارية يعتقدان أن العلاقات مع الجزائر ستتحسن مع رحيل جيل الثورة فإن الجزائريين الذين يؤمنون بعظمة تاريخهم الرجولي والبطولي يدركون أن مشكلة العلاقات مع باريس في جيل الاستعمار الفرنسي المتمسك بتاريخ جيشه وبلده الاستعماري، وأن الجزائريين سيدفعون ذات يوم بملف الاستعمار الفرنسي والجرائم البشعة التي ارتكبتها الآلة الفرنسية طيلة 130 سنة إلى المحاكم الدولية لإدانة فرنسا.. الأمة والتاريخ والدولة، لأن الذين سنوا قانون تمجيد التاريخ القذر لفرنسا في الجزائر سيحاكمون أيضا على فعل الإشادة بالجريمة... إن شواهد الجزائريين أمام محكمة التاريخ كثيرة وإن حجة فرنسا ضعيفة.