تأهلنا أعلن عن اكتشاف صورة مغاير وجميلة للمجتمع الجزائري - مباراة الجزائر ومصر كانت اختباراً حقيقياً لصحافتنا - تزاوج الإعلام والرياضة كان له دور سحري في سعادتنا - وقفت شخصياً على تزايد الأجانب المتصفحين لجرائدنا - علينا الوقوف إلى جانب أشبال سعدان هو ابن الجزائر العميقة، وبالضبط بالحي الشعبي الحراش، من عشاق المولودية العاصمية واتحاد الحراش، سطع نجمه في التلفزيون الجزائري فأصبح رقم واحد داخل استديوهات الرياضة في شارع الشهداء ومدلل الجماهير الجزائرية، لينتقل فيما بعد إلى قناة "الجزيرة الرياضية" ليضيء أروقتها ببحته السحرية وحضوره القوي رغم حداثة التحاقه بهذه المؤسسة الإعلامية الخليجية، ليؤكد مرة أخرى على جودة وكفاءة الإنسان الجزائري، فأصبح بذلك مرجعية للمشاهد الجزائري خاصة في الأحداث الهامة التي تلعب فيها الجزائر أدواراً فاعلة. إنه الإعلامي الجزائري حفيظ دراجي الذي قال ل "السياسي" ما يلي: * السياسي: يلاحظ في الأعوام الأخيرة بروز تأثير رهيب للرياضة، خاصة على وسائل الإعلام ورجال السياسة والمال والأعمال، ناهيك على تجلياتها بالنسبة للشباب؟ - الجميع تأكد في الوقت الحاظر بما لا مجال فيه للشك أن الرياضة لم تعد لعبة خاصة لدى الملاحظين القريبين في هذا المجال، ولم تعد أيضا وسيلة للتسلية والترفيه خالصة، وإنما تحولت إلى وسيلة وغاية في آن واحد. والرياضة لم تعد فوز وخسارة، ولم تعد سياسة ودبلوماسية فقط، ولا مال وتجارة كذلك، ولم تعد أيضا انتماء ووطنية، وإنما هي كل هذه الأشياء المتربطة فيما بينها ومتشابكة مع بعظها البعض. * لكن الخارطة الإعلامية الحالية لعبت دوراً كبيراً في بعث الرياضة في المجتمع الجزائري في الآونة الأخيرة، أليس كذلك - أولاً لابد لي التوقف عند الأرقام المتعلقة بعدد الصحف وأرقام سحبها ومبيعاتها وحتى مداخلها من الإشهار وعدد المتصفحين أيضا لصفحات الأنترنت اليوم، كل هذا يؤكد الدور البارز الذي لحق بالإعلام الجزائري خاصة وحتى العالمي بصفة العامة. وأذكر بالأرقام المتداولة حالياً، خاصة سنة 2009، أنه قبل صدور قانون الإعلام الجزائري سنة 90 كانت بلادنا بها ست يوميات تسحب ما يقارب 666 ألف نسخة يوميا، أربع أسبوعيات، اثنتان منهما رياضيتين تسحب 430 ألف نسخة، ومجموع عدد السحب في سنة 1990 كل هذه العناوين كان فقط 747 ألف نسخة مجتمعة. لكن بعد شهر أفريل من سنة 1990، أي بعد صدور قانون الإعلام الجديد، صارت لدينا 75 يومية بعد أن كانت ست يوميات، و119 أسبوعية بعد أن كانت أربع أسبوعيات، وعشرين نصف شهرية، و57 جريدة شهرية، وبعد 20 سنة صار عندنا 291 عنوان بعد أن كانت 75 عنواناً في سنة 90، وبمجموع إجمالي لسحب أكثر من أربع ملايين لجميع الجرائد يوميا، دون أن ننسى ارتفاع عدد الصحفيين من 1500 صحفي فقط سنة 90 إلى 40 ألف صحفي في مختلف وسائل الإعلام الوطنية. هذا دليل على أن الإعلام الجزائري والصحافة الوطنية لعبت دوراً بارزاً في تنشيط الساحة الرياضية الوطنية في الآونة الأخيرة وبعثها من جديد داخل المجتمع الجزائري وبالخصوص داخل شريحة الشباب. * ألا ترى أن ريع الإشهار لعب دوراً كبيراً في الطفرة الإعلامية الرياضية بالجزائر، خاصة في الآونة الأخيرة؟ * حسب الأرقام المتداولة حالياً، فإن القيمة الإجمالية للموارد المالية الموجودة في عالم الإشهار اليوم وصلت قبل تأهل الفريق الوطني إلى المونديال إلى حوالي 200 مليون دولار، ولو أنه رقم قليل بالمقارنة بحجم بلاد مثل الجزائر والتحول الاقتصادي الذي تعرفه بلادنا. أعتقد أن الرقم يفوق هذا بكثير، لأن هناك أرقام لم تظهر للعيان وبالتالي فالإشهار هو المحرك الرئيسي لهذه الديناميكية الإعلامية الوطنية وحتى العالمية. * ألا ترى أن تأهل الفريق الوطني عاد بالفائدة على سحب الجرائد الوطنية خاصة منها المتخصصة؟ - طبعا، تأهل أشبال سعدان جعل الخبر الرياضي يخطف الأنظار وأصبح موجود بشكل أساسي على صفحات مختلف وسائل الإعلام الوطنية، وبالتالي برزت هذه المؤسسات الإعلامية الرياضية، وكذلك راجع إلى الممارسة الرياضية ومتابعة الجماهير عبر مختلف وسائل الإعلام الوطنية المكتوبة منها أو المسموعة أو المرئية، ما أدى إلى بروز صحافة متخصصة، حيث تحولت الأسبوعيات الرياضية إلى يوميات، كما ارتفعت الصفحات الرياضية داخل الجرائد اليومية وزادت بالتالي مقروئية هذه الأخيرة. * ألا تلاحظ أن مناسبة فوز الفريق الوطني على المصري وحّد الصحافة الجزائرية وبرهن عن تعلقها بالوطن وبرموزه؟ - نعم، منذ الفوز على مصر في شهر جوان سنة 2009 بالبليدة، وعودة الأمل في تأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا إلى كل الجماهير العريضة في بلادنا، وكذا عودة الأمل للجزائريين للتفوق والتألق، هذه الأمور عكستها الصحافة الجزائرية في تضامنها ووحدتها من التصدي للانحرفات الإعلامية المصرية التي طالت الجزائر وشهدائها ورموزها، وذلك ما يبين وعي وسائل الإعلام عندنا عندما يتعلق الأمر بالجزائر وتاريخها ورموزها. مباراة الجزائر ومصر هي اختبار حقيقي لصحافتنا، حيث برهنت تداعيات هذه المقابلة عن مدى تعلقها بالوطن والتي كانت في الكثير من الأحيان منقسمة، وفي الكثير من الأحيان متهمة بأنها ضد مصالح البلاد، حيث صارت منذ تلك الواقعة حاملة للواء الوطنية ومحركة لمشاعر الناس، وفعلت ما لم تفعله الاختصاصات الأخرى وما لم تفعله المؤثرات الأخرى في المجتمع. وما لاحظته بنفسي، هو تزايد أعداد الأجانب الذين يتصفحون الجرائد الجزائرية عبر الأنترنت منذ تداعيات المباراة الفاصلة بين الجزائر ومصر، واكتشف العالم من خلالها، أن الجزائر ليست جزائر الثورة فقط، أو بولمرقة أو مرسلي وماجر، وليست كذلك جزائر سنوات التسعينيات وسنوات الدمار، وإنما جيل جديد قادر على أن يبدع ويتألق ويعطي الأمل من خلال الرياضة لكل فئات المجتمع بأن تتقدم وتتفوق. تأهلنا إلى جنوب إفريقيا أدى إلى الإعلان عن اكتشاف صورة مغايرة وجميلة للمجتمع الجزائري، إذن تزاوج الإعلام والرياضة كان له دور سحري في سعادتنا واعتزازنا بانتمائنا وببلادنا، وأظهر قدرتنا على المضي قدماً نحو الأمام. * هل أنتم متفائلون بالخضر في جنوب إفريقيا؟ - بكل تأكيد، وما علينا جميعاً كإعلاميين ورياضيين وسياسين وكل الفاعلين داخل الحركة الرياضية إلا الوثوق في قدرات عناصرنا الوطنية، وبالتالي الوقوف دائماً وراء الفريق الوطني الجزائري من أجل تشريف الراية الوطنية وكذا كل العرب. * آخر كلمة أخ دراجي؟ - أتمنى أن يسعد فريقنا الوطني الشعب الجزائري ويرسم البسمة والفرحة على وجوه جماهيرنا الكبيرة في الداخل والخارج. وشكراً.