بمناسبة إحياء الذكرى الثامنة والأربعين لعيدي الاستقلال والشباب، نظم المركز الثقافي الإسلامي محاضرة بعنوان -من أجل تأهيل الأجيال لحمل أمانة الاستقلال- من إلقاء الشيخ مأمون القاسمي الحسني شيخ زاوية الهامل القاسمية تطرق فيها إلى ضرورة تمسك أجيال الاستقلال بقيم الأمة والمحافظة على أمانة الشهداء والمجاهدين· وعلى هامش المحاضرة التقت ''السياسي'' بالمجاهد الكبير رابح مشحود الذي كان له تاريخ نضالي عريق يعد قدوة للأجيال الصاعدة، والذي دعا من خلال هذه المقابلة شباب اليوم إلى التسلح بالعلم والتمسك بمقومات الوطن النابعة من قيم الدين الإسلامي الحنيف، معتبرا أن هذا الجيل لا تنقصه الوطنية وحب الوطن كما يدعيه البعض· ؟المشوار السياسي: ماذا يمكن للمجاهد الكبير رابح مشحود أن يرويه عن مسيرته النضالية لأجيال الاستقلال؟ المجاهد رابح مجحود: أنا أنتمي لعائلة علمية قرآنية، فجدي هو الذي أفتى بتحريم العمل في الجيش الفرنسي عندما سنت فرنسا قانون التجنيد الإجباري عام 2191، ومشى على رأس مظاهرة في سكيكدة، وانطلاقا من هذا كانت العائلة لا تسجل الذكور في الحالة المدنية حتى لا تأخذهم الإدارة الفرنسية إلى الجيش الفرنسي، حفظت القرآن في سن مبكرة ثم درست في معهد ابن باديس بقسنطينة ونلت الشهادة الأهلية، انتسبت إلى الحركة الوطنية (حزب الشعب، حركة انتصار الحريات الديمقراطية) وكنت عنصرا من عناصر المنظمة السرية الشبه عسكرية، لأنتقل بعدها إلى الدراسة بجامع الزيتونة، حيث توليت مسؤولية النظام السري للحركة الوطنية ضمن الجالية الجزائرية بتونس، ألقي علي القبض رفقة الشهيد برحال المختار، وحكمت مع مجموعة من المناضلين، فررت بعدها من سجن عنابة وعشت باسم مستعار -عبد الستار محمود- إلى غاية الاستقلال حيث نلت به مختلف الشهادات العلمية وعلى رأسها ليسانس في تاريخ الأدب العربي من جامعة بغداد، أشاعت سلطات الاحتلال مقتلي في ربيع 6591 بعد استشهاد كل العائلة، إلا أنني استعدت اسمي الحقيقي والاعتراف بأنني على قيد الحياة من خلال حكم قضائي عشية الاستقلال، كان لي الشرف بأن كلفت من طرف الشهيد زيغود يوسف بربط الاتصال إبان الثورة بين الداخل والخارج، عملت مستشارا للرئيس بن بلة ثم انتقلت إلى وزارة الخارجية أين مثلت الجزائر في عدة بلدان عربية، وأعكف حاليا على كتابة مذكراتي ولدي مذكرات تحت الطبع بعنوان -دور المخابرات الإسرائيلية في حرب76· ؟يتهم الكثير شباب اليوم بنقص الروح الوطنية لديه، كيف ترد على هذه الاتهامات؟ لا أعتقد أن شباب اليوم تنقصه الوطنية وحب الوطن وإنما في الحقيقة المسؤولية يتحملها الآباء الذين لم يلقنوا الشباب تاريخ وطنهم وأن يذكروا لهم الحقائق، وإنما هناك من لعب دورا في تزهيد الشباب في وطنهم عن قصد أو غير قصد· ومما يدل أن شباب اليوم لا تنقصه الوطنية ما لاحظناه خلال تشجيعه للفريق الوطني لكرة القدم، ذلك الحماس درس للأحزاب والمتحزبين ودرس للجميع،فالشباب خرج يهتف ويحمل علم وطنه من أقصى الجزائر إلى أدناها، لكننا نريد دائما المزيد من شبابنا ونطلب منه التسلح بالعلم والتقوى وبالتمسك بالمثل والأخلاق العربية والإسلامية، لأن العلم بدون تقوى لا يساوي شيئا· ؟ ما هي إذن النصيحة التي يقدمها جيل الثورة لجيل الشباب اليوم؟ أدعوهم إلى أن يتمسكوا بدينهم وأن يحافظوا على منجزات الشهداء والمجاهدين الصادقين الذين جاهدوا في الله حق جهاده، وأن يحافظوا على الأمانة التي تركها الشهداء، وأن يعتبروا أنفسهم في جهاد مستمر لأن الجزائر مستهدفة داخليا وخارجيا من طرف الأعداء التقليديين والحاقدين والطامعين وغيرهم وهم كثيرون، وعلى الشباب أن ينتبه إلى الحرب التي تشن على وطنهم من مختلف الجهات وهي حرب المخدرات، والتي إن نجح الذين يقومون بها فإنهم حقيقة سيضربون الجزائر في العمق، لأن الشباب هو أمل الجزائر وسيحافظ على منجزات الشهداء والمجاهدين·