يعتبر المونديال أكبر المحافل الكروية في العالم والمحطة التي يحلم كل لاعب في المشاركة فيها نظرا لما تحظى به من اهتمام واسع ومنقطع النظير من طرف كل عشاق الرياضة الأكثر شعبية في العالم، سواء أهل الاختصاص من لاعبين، مناجرة مدربين ورؤساء الأندية، إلى الجماهير وعشاق الفرجة واللعب الجميل، وهو ما يزيد من أهمية هذا الموعد الذي جلب اهتمام كل البلدان، كما أن هذه المنافسة العالمية تعتبر محطة هامة لبروز المواهب الشابة التي تجد في المونديال كل الظروف الملائمة والإمكانيات المطلوبة لتفجير طاقاتها ودخول عالم الشهرة من أوسع الأبواب، لأن البروز وتأدية دورة شرفية يجعل من اللاعب اسما كرويا معروفا، ويجلب له اهتمام كل المناجرة وأفضل العروض الاحترافية، لكن وعلى العكس من ذلك، فإن كأس العالم تعتبر أيضا مقبرة للعديد من النجوم الكروية العالمية المعروفة، مثلما حصل في جنوب إفريقيا، حيث لم يكن أول عرس كروي عالمي يقام في القارة السمراء فأل خير على العديد من كبار اللعبة على غرار رونالدو، دروڤبا، إيتو، جيرارد، روني، ريبيري.. وغيرهم من النجوم، التي فقدت الكثير من هيبتها وشهرتها في هذا المونديال، واكتفت بمشاركة سلبية ومخيبة، بعد أن اكتفوا الظهور بأسمائهم فقط والخروج من الباب الضيق، وسنحاول فيما يلي إبراز بعض الوجوه الكروية التي لم خيبت في مونديال جنوب إفريقيا. رونالدو.. خرج بلقطة غير رياضية ولا تشرفه لم تكن نهاية النجم البرتغالي والعملاق الإسباني ريال مدريد في العرس الكروي العالمي الجاري بجنوب إفريقيا مثلما كان يتوقعها اللاعب، بعدما عجز عن قيادة منتخب بلاده إلى المرور إلى الدور ربع النهائي ولعب الأدوار الأولى، والأغرب أن خروج رونالدو من الدورة وإقصائه جاء أمام المنتخب الإسباني وزملائه في ريال مدريد، على غرار الحارس كاسياس وسارجيو راموس، الذين عرفوا كيف يحدون من خطورة زميلهم وجعلوه يعود إلى الديار مبكرا بعدما كان يطمح في الذهاب بعيدا في وتنشيط المباريات النهائية. وسيبقى التاريخ يحفظ أن مونديال جنوب إفريقيا عرف خروج النجم البرتغالي من الباب الضيق بعد اتهامه بالبصق على مصور تليفزيوني عقب نهاية لقاء البرتغال أمام إسبانيا بهزيمة رفقائه بهدف يتيم، حيث نظر رونالدو مباشرة إلى الكاميرا التي تتعقبه بالملعب، وقام بالبصق على قدم المصور، ورغم أنه لم يتضح لحد الآن ما إذا كان رونالدو فعل ذلك عن قصد أم لا، إلا أن العديد من الجماهير وصفت النجم البرتغالي على مواقع الأنترنت بأنه بمثابة "الخاسر المسكين"، الأمر الذي جعله يغادر المنافسة وبلد الزعيم نيلسون مانديلا من الباب الضيق. ولم تكن دورة جنوب إفريقيا في صالح رونالدو الذي لم يقدم الأداء المنتظر من نجم بحجمه خلال المباريات التي خاضها في البطولة، بعدا عجز عن تخطي عقبة الدور ثمن النهائي وغادر المنافسة بعد الهزيمة أمام زملائه الإسبان، كما أن رونالدو عجز عن قيادة منتخب بلاده إلى التسجيل وهز شباك الخصوم في ثلاثة مباريات عن أصل أربعة لعبها البرتغاليون بالبطولة، وذلك أمام كوت ديفوار، البرازيل وإسبانيا، حيث جاءت كل أهداف البرتغال السبعة أمام منتخب كوريا الشمالية المتواضع، مما يعكس الصعوبة التي واجهها النجم الشهير في الوصول إلى المرمى. وقد كانت الجماهير البرتغالية والعالمية تعلق آمالا كبيرة على نجم ريال مدريد الإسباني رونالدو قبل انطلاق المنافسة العالمية، ولكن اللاعب لم يصل إلى مستوى نجوم آخرين مثل الإسباني ديفيد فيا، الذي سجل هدفه الرابع في جنوب إفريقيا أمام البرتغال وقاد إسبانيا لتحقيق الفوز، وأيضا الأرجنتيني جونزالو هيجوين الذي سجل أربعة أهداف هو الآخر حتى الآن، بينما لم يتمكن رونالدو من التهديف سوى في مناسبة واحدة طيلة كأس العالم، وكان ذلك في المباراة التي تغلبت فيها البرتغال على كوريا الشمالية بسباعية، ولكنه حتى في هذا الهدف كان محظوظا، بعدما ارتدت الكرة أمامه إثر ارتطامها بظهره ثم برأسه. وقد وعد رونالدو بأن "يفجر" نجوميته في المونديال على الأراضي الإفريقية لكن كل ما "فجره" هو بصقة في وجه مصور تلفزيوني كان يتبع خطاه بعد خسارة منتخب بلاده، وهو ما جعل كل العالم يدرك بأن رونالدو مجرد إنسان وليس رجلا خارقا للعادة بإمكانه أن يواجه العالم بأجمعه أو يختزل الفريق بشخصه. فالجميع يعلم أن صاحب الرقم 7 يعشق أن يكون في الأضواء لدرجة الغرور والتعجرف، لكن هاتين الصفتين لا مكان لهما في المونديال وقد اكتشف هذا الواقع القاسي عن كثب. وأدرك أن الدفاع عن ألوان المنتخب يختلف تماما عن ارتداء قميص أي فريق كان. روني.. من الهدّاف البارع إلى أسوأ لاعب في تشكيلة الإنجليز ومن جهته فقد مُنيَ النجم الإنجليزي والفتى الذهبي لكرة القدم البريطانية واين روني بنفس مصير زميله السابق في مانشستر يونايتد رونالدو، حيث لم يكن هذا المهاجم القوي أفضل من البرتغالي واكتفى بمشاركة جسدية فقط في جنوب إفريقيا إلى درجة أن العديد من المتتبعين وصفوه بأسوأ لاعبي المنتخب الإنجليزي على الإطلاق في هذا العرس الكروي العالمي بالنظر إلى الوجه الشاحب الذي قدمه طيلة المباريات التي شارك فيها، حيث قدم أداء متواضعا للغاية خلافا للمستوى الرائع الذي قدمه مع "الشياطين الحمر" الموسم الماضي محلياً وأوروبيا، كما أنه عجز عن التهديف بعدما كان المهاجم الذي يرعب دفاعات الخصوم، بل أنه لم يهدد حتى مرمى المنتخبات التي واجهها منتخب "الأسود الثلاثة" إلا في مناسبات قليلة ونادرة، ليخرج أيضا خالي الوفاض بعدما ودع الإنجليز النهائيات من الدور الثاني بعد الهزيمة المذلة التي تلقوها أمام ألمانيا بنتيجة 1-4. وهي الهزيمة الأقسى لهم في تاريخ مشاركاتهم في النهائيات. وقد انتظر عشاق إنجلترا والأهداف الجميلة مشاهدة إبداعات واين روني في نهائيات كأس العالم بعدما تمكن من تسجيل 34 هدفا في كافة مشاركاته الموسم الماضي وظهوره بشكل بارع في دوره الجديد مع فريق مانشستر يونايتد. خاصة وأنه تحدث عن طموحاته في التفوق على البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي والإسباني فرناندو توريس والبرازيلي كاكا خلال كأس العالم، إلا أن الضغوط الكبيرة المفروضة عليه حرمته من البروز بمستواه المعروف، ويمتلك روني سجلا لا يحسد عليه بعدما عجز عن تسجيل أي هدف في تسع مباريات دولية على الرغم من أن الكثيرين قالوا أنه وبفضل 25 هدفا التي سجلها في 64 مباراة دولية مع منتخب إنجلترا بات في طريقه لتحطيم الرقم القياسي الذي دام طويلا باسم بوبي تشارلتون الذي سجل 49 هدفا. ورغم ذلك يبدو هذا الأمر بعيد المنال حاليا. ريبيري... ذهب ضحية تكتلات وفضائح الفرنسيين كما لم يكن مونديال جنوب إفريقيا فأل خير على النجم الفرنسي لبايرن ميونخ فرانك ريبيري، الذي استهل المنافسة العالمية على أمل التألق ومحو الصورة التي رسمتها عنه الجماهير عقب الفضيحة الأخلاقية التي كان بطلها رفقة زميلاه غوفو وبن زيمة وفجرتها المراهقة المغربية الأصل زهية دهار، غير أن آمال النجم الفرنسي اصطدمت بمشكل الخلافات والتكتلات التي نشبت داخل التشكيلة الفرنسية بسبب قضية النجم أنيلكا ومدربه دومينيك، حيث دفع ريبيري ثمن الوجه الشاحب الذي ظهر به المنتخب الفرنسي وخروجه المبكر والمذل من المونديال، وخيب آمال كل عشاقه الذين كانوا يأملون في التمتع بفنياته العالية وإبداعاته أمام نجوم الكرة العالمية، إلا أن الأمر لم يكن ممكنا أمام المشاكل التي صادفت منتخب الديوك. كانافارو.. من أكبر مساهم في التتويج إلى متسبب في الإقصاء كذلك مست مشنقة قبر النجوم الكروية العالمية المدافع الإيطالي القوي كانافارو، الذي أمضى في مونديال جنوب إفريقيا على وثيقة نهايته الكروية في المستوى العالي بعد الوجه الشاحب الذي ظهر به في العرس الكروي العالي الجاري حاليا بجنوب إفريقيا، وهو الأمر الذي ساهم في الكارثة الكروية التي حلت بالإيطاليين الذي غادروا المنافسة مبكرا وعجزوا حتى عن تخطي عقبة الدور الأول بعد هزيمتهم التاريخية أمام المنتخب السلوفاكي المتواضع ومفاجأة المونديال، كما أن الملفت للانتباه هو أن التحول الذي شهده صخرة دفاع إيطاليا كانافارو الذي حقق مشاركتين متباينتين تاماما بين آخر مونديال في ألمانيا ودورة إفريقيا الجنوبية، لأنه كان في الدورة السابق أفضل لاعب في صفوف منتخبه وصاحب الفضل الأكبر في تتويج إيطاليا بكأس العالم على حساب فرنسا بعد الدور الكبير الذي لعبه في الدفاع إلى درجة أنه توج بلقب أفضل لاعب في العالم حينها، قبل أن تنقلب الأوضاع بالنسبة إليه ويصبح أحد أسوأ لاعب في تشكيلة الأزوري، نظرا للأخطاء الدفاعية الفادحة التي ارتكبها طيلة المباريات التي خاضها في الدورة الحالية، وخاصة أمام سلوفاكيا عندما تسبب في هدف المنافس، وهو ما جعل شعبيته تتقلص بشكل كبير في الأوساط الكروية الإيطالية والعالمية ككل.