تمثل أحداث ساقية سيدي يوسف أصدق صور النضال المشترك الجزائريوالتونسي في مواجهة وحشية المستعمر الفرنسي، والتي يحيي ذكراها ال59 الشعبيين اليوم الأربعاء، وبعودتها، تعود معها ذكرى الجريمة الشنيعة التي ارتكبها المحتل الغاشم، حيث قصف، آنذاك، منطقة ساقية سيدي يوسف التونسية، بحجة حق ملاحقة ومتابعة وحدات جيش التحرير الوطني. واعتبر أستاذ التاريخ بجامعة محمد الشريف مساعدية بسوق أهراس، رياض بولحبال، تلك الأحداث رمزا للنضال المشترك بين الشعبين تعتبر خير شاهد على التلاحم الأخوي بينهما ماضيا وحاضرا ومستقبلا. وذكر الجامعي بأن الهجوم الفرنسي على ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958 بدأ في يوم السوق الأسبوعي حيث نفذ من قبل إحدى 11 طائرة مقنبلة من نوع ب26 و6 طائرات من نوع كورسير و8 طائرات من نوع ميسترال واستغرق ساعة وعشرون دقيقة مخلفا استشهاد 79 شخصا من بينهم 20 طفلا و11 امرأة وإصابة 130 آخر بجروح إلى جانب تدمير 3 عربات للصليب الأحمر الدولي وحوالي 130 سكن و85 متجرا ومدرستين. وقد اعترف الجنرال صالان في برقية بعث بها إلى وزير الدفاع الفرنسي آنذاك يخبر مهاجمة الساقية وأنها هدمت بنسبة 80 بالمائة من الأهداف، مضيفا بقوله: ستصلكم الصور الملتقطة جوا هذا المساء ، مشيرا إلى أن ذلك الهجوم حق وفي حالة الدفاع المشروع، وفقا لذات الأستاذ الجامعي. من جهته، أفاد الدكتور جمال ورتي، أستاذ بجامعة سوق أهراس، كذلك بأن صور التلاحم وروابط الأخوة ما بين الشعبين ضاربة في القدم، إذ أن اثنين من بايات الأسرة المرادية في تونس أمهاتهما من لحنانشة بمنطقة سوق أهراس، لافتا الى أن الحواجز والحدود لم تفصل يوما بين الشعبين الشقيقين، بل سمحت بفعل امتزاج دماء الضحايا الأبرياء الذين خلفهم القصف بهذه القرية بتجديد التضامن والدعم للثورة التحريرية. واعتبر الأستاذ ورتي بأن الاعتداء على ساقية سيدي يوسف التونسية كان يعبر عن الوضعية المتدهورة التي آلت إليها الجمهورية الفرنسية الرابعة وترديد مقولة الجزائر فرنسية فازداد الوضع تفاقما والتحرش الفرنسي حدة إثر القرار الذي أصدرته فرنسا في أول سبتمبر 1956 والذي ينص على حق الملاحقة لوحدات جيش التحرير الوطني بعد لجوئها إلى داخل الأراضي التونسية، مضيفا أن بين جويلية 1957 إلى غاية جانفي 1958 نفذ جيش التحرير الوطني 84 عملية على الحدود الجزائرية - التونسية. وأدت الغارة إلى تحول هام في مسار الثورة الجزائرية حيث اتسع طرح القضية الجزائرية على الصعيد الدولي، إذ أن قيادة الثورة أعربت عن تضامنها المطلق مع الشعب التونسي ووضعها لوحدات جيش التحرير الوطني تحت تصرف الحكومة التونسية للوقوف في وجه العدو المشترك. وتعتبر العلاقات بين الجزائروتونس عريقة بحكم التاريخ المشترك والموروث الحضاري والثقافي للشعبين حيث وعلى إثر اندلاع ثورة التحرير الوطنية وأمام المراقبة المشددة التي فرضتها الآلة العسكرية الفرنسية على المجاهدين فوق التراب الجزائري اتخذت قيادة جبهة التحرير في تونس، لاسيما بعد استقلال الجارة تونس سنة 1956 قاعدة خلفية لها واستقر آلاف المجاهدين مع عائلاتهم ومعداتهم بمختلف الأرياف والمدن التونسية.