أصبح بيع التين الشوكي أو الهندي، منذ اشتداد درجة الحرارة في أوت الجاري، تجارة رائجة في العديد من الأحياء الشعبية والأسواق، حيث لم يعد الإقبال يقتصر في هذه الفترة على مختلف أنواع الفواكه الموسمية اللذيذة كالعنب، البطيخ و الدلاع ، بل امتدت شهية المستهلكين إلى التين الشوكي الذي يجدون فيه نكهة خاصة، لغناه بالسكريات والفيتامينات، ما جعله يزاحم الفواكه الرائجة خلال هذا الموسم. غزى التين الشوكي مؤخرا أسواق وأرصفة الشوارع بالعاصمة، فلا يلبث الشخص أن يسير من رصيف نحو آخر، إلا و قد وجد بائعا يعرض فوق طاولته الخشبية كميات الهندي أو كرموس النصارى كما يسمى بالعامية. ونحن نتجول بين ارجاء العاصمة اتجهنا نحو بعض هذه الطاولات، فتراءى لنا بائع الصبَار على الرصيف، وقد ارتدى قفازتين تحميه من أشواك هذه الفاكهة الموسمية عند تقطيعها، في الوقت الذي يتوافد فيه الزبائن بكثرة على الطاولة من أجل اقتناء ما لذّ وطاب منها. وما لفت انتباهنا هو طريقة البائع في عرض فاكهته، حيث يقدمها مباشرة للزبون حتى يأكلها، ويلتفت إلى تقطيع الكمية المتبقية ووضع 10 أخرى في أكياس شفافة، حتى يتمكن الزبائن من أخذها إلى المنزل ووضعها في الثلاجة، هذا ويعمل البائع طيلة اليوم على رش فاكهة التين الشوكي قبل تقطيعها بالماء لتحافظ على درجة حرارة منخفضة وتأكل باردة حين تقطيعها. وأطفال يتخلون عن عطلتهم لبيع التين الشوكي هذا وقد وجد العديد من الأطفال في التين الشوكي فرصتهم لشراء مختلف المستلزمات التي تنقصهم لضمان دخولهم المدرسي بشكل عادي كغيرهم من الاطفال الآخرين، الامر الذي دفعهم للعمل خلال عطلة الصيف بدلا من الراحة، وهو حال الطفل كريم، 16 سنة، المنحدر من ولاية بومرداس والذي قرر بيع التين الشوكي على حافة الطريق حيث أضحى التين الهندي هو الرزق المناسب إن لم نقل الوحيد لعشرات الأطفال باختلاف أعمارهم ومن الجنسين لتوفير مستلزمات تجهيزات الدخول المدرسي. وأمام هذا الوضع الذي تشهده العديد من شوارع العاصمة، اقتربت السياسي من بعض الأطفال الذي وجدناهم يعرضون هذه الفاكهة على قارعة الطرقات، فاقتربنا من محمد الذي لا يتجاوز سنه ال15 عاما والذي كان بصدد التحضير لعرض الفاكهة على الطاولة لبيعها، فقال إن الظروف الاجتماعية القاسية التي نمر بها في الأسرة دفعتني لبيع التين لمساعدة عائلتي قصد شراء بعض اللوازم الضرورية الخاصة بالبيت وحتى أتمكّن من شراء مستلزمات الدخول المدرسي . وغير بعيد من هنا، التقينا بطارق بأحد الأحياء ببلدية خميس الخشنة والذي كان مستلقيا تحت ظل الشجرة ينتظر إقبال الزبائن على شراء هذه الفاكهة لعل وعسى ان يسترزق ببعض المصروف الذي يمكّنه من إعالة عائلته المعوزة، حيث قال بفضل هذه المهنة الموسمية التي أقوم بها في كل سنة، أتمكّن من شراء بعض الملابس . وبالرغم من صعوبة المسالك وامتلاء هذه الفاكهة البرية بالأشواك، إلا انه، وكما يقول طارق، أصبحت يداه متعودتان على الشوك، وبذلك، يقوم ببيعها ب10 دج للحبة الواحدة، لتأمين مصاريف الدخول المدرسي الذي هو على الأبواب.