أجمع المشاركون في ندوة عودة القصة القصيرة ، التي نظمت اول امس بالجزائر العاصمة ضمن فعاليات صالون الجزائر الدولي للكتاب، على أن القصة القصيرة لم تتراجع لكنها تعاني من مشاكل بالنقد والنشر والترجمة. وقد شدد المشاركون من جامعيين وكتاب قصة ورواية في هذا اللقاء الذي دشن سلسلة الندوات واللقاءات المبرمجة في إطار الطبعة ال22 للصالون على أن القصة القصيرة هي جنس أدبي قائم بذاته وله فنياته وجماليته، وليس تمرينا قبل التوجه لكتابة الرواية. وقالت الجامعية والروائية، ليلى حموتان في هذا السياق، أن ممارسة الكتابة من خلال فن القصة القصيرة ليس فقط توجها من الكاتب، ولكن ضرورة لأن هذا الجنس الأدبي هو الملائم للأحداث أو للرسالة المراد تبليغها، مضيفة أن القصة القصيرة لها دوما خاتمة يراد من خلالها إبراز وضع أو إحساس. وأشارت حموتان إلى أن هذا الجنس الأدبي وظف في التسعينات للتعبير عن ما يهم المجتمع آنذاك. وفند من جهته، الكاتب بشير خلف مقولة أن القصة القصيرة تراجعت مؤكدا أن هذا النوع من الكتابة بخير مدعما ذلك بتقديم أدلة استقاها من بحث قام به حول التطور الذي عرفه هذا الجنس الأدبي عبر العالم. وأضاف الأديب الذي له مؤلفات قصصية أن القصة القصيرة عرفت رواجا في الأعوام الأخيرة عبر العالم حيث استحدثت العديد من الجوائز الخاصة بالقصة القصيرة ذات قيمة مالية معتبرة وكذا في بعض البدان العربية، مؤكدا من جهة أخرى، أنه لا يمكن للقصة القصيرة أن تتراجع لأنها جنس سردي واكب الحكاية منذ القدم. وركّز الكاتب نور الدين سعدي على الجانب التاريخي للقصة القصيرة التي تعود إلى القرن ال16 في فرنسا مثلا حيث كانت في البداية، كما قال، عبارة عن نصوص قصيرة توزع مجانا على القراء في الأسواق مضيفا أن القصة تطورت اليوم وأصبحت تقسم في بعض البلدان عدة أنواع بحسب عدد حروف القصة، مشيرا إلى أن ميزة اقتصاد السرد الذي تعرف القصة القصيرة لا تمنع وجود نصوص طويلة نوعا ما بحسب الضرورة على أن تحترم في النص وجود خاتمة تعطي توضيحات عن الحكاية. وفي مقارنة بين القصة القصيرة والرواية، قال المتحدث أن كل الروائيين في غالبيتهم مارسوا كتابة القصة القصيرة من بينهم كبار الكتاب العالميين على غرار الروسي تولستوي الذي ألف 660 قصة قصيرة، مضيفا أن القليل من الأدباء اكتفوا بالقصة القصيرة. وأكد المتحدث من ناحية المحتوى على أن كل المواضيع واردة في القصة القصيرة، مذكّرا بأن جيل السبعينيات والثمانينيات استفاد كثيرا من مجلة آمال التي كانت تنشر الكثير من أعمال الكتاب الجزائريين الشباب الذين كتبوا القصة القصيرة وهم اليوم من بين الاسماء المتألقة في الساحة الأدبية. وطرحت الكاتبة والجامعية أمينة شيخ التي كتبت الرواية والقصة القصيرة مشكل التجنيس قائلة أن كتابة القصة القصيرة هي مثل الرواية أو أي جنس أدبي آخر كالشعر والمسرح لها فنيات وجماليات خاصة بها وأضافت شيخ في هذا السياق أنه يجب التفريق بين القصة القصيرة والخواطر، محذرة مما ينشر عبر الفايس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي الاخرى ويقدم على أنه أدب وهو ليس سوى خواطر. وأوضحت المتدخلة أن هذه التجاوزات لا تمنع وجود نصوص جيدة، لكن في حاجة إلى تمحيص، معيبة عليها النقص الملحوظ في مستوى النقد حيث أن بعض النقاد الجامعيين يحتقرون القصة القصيرة التي تعاني أيضا من مشكل النشر وتعتقد أمينة أن الناشرين يتهربون من القصة القصيرة لأنهم يفكرون في القارئ والجوائز وأن الجوائز المخصصة للقصة القصيرة مفقودة تقريبا، برأيها. وطرح الكاتب محمد جعفر مجموعة من الأسئلة في مداخلته تتعلق بتاريخ وتطور القصة القصيرة والمشاكل التي تعرقل انتشارها في مقدمتها إهمال النقد والصحافة الثقافية للقصة القصيرة واعتبارها تمرينا للمرور لكتابة الرواية الى جانب عزوف دور النشر الكبيرة عنها مما أدى إلى قلة قراء هذا الجنس الأدبي. وكشف الجامعي والكاتب سعيد بوطاجين الذي أدار الندوة عن رقم مخيف بخصوص المقروئية الأدبية التي لا تتجاوز في الجامعة ال0,87 % وذلك بناء على دراسة حول المقروئية أنجزها شملت 9 جامعات من بينها جامعات الجزائر وتيزي وزو ومستغانم. وأضاف بوطاجين أن الرواية لا تقرأ لا في الجامعة ولا في غيرها، داعيا النقاد إلى الاهتمام أكثر بالأدب بمختلف أجناسه وأشار الى أنه على النقاد أن لا يخافوا من المبدعين، كما لاحظ من خلال اهتمامهم أكثر بالدراسة الواصفة عوض النقد.