ترامب الكاميكاز الأمريكي الذي دخل البيت الأبيض، ليلوث ما تبقى من سمعته ويحول لونه إلى الأسود بسياسته الرعناء، رفع منذ البداية شعار أمريكا أولا ، ومن خلال هذا المنطلق يتحرك في العالم ليحقق مصالح العم سام ، وخاصة في الشرق الأوسط، الذي يعتبر رقعة الشطرنج المفضلة لواشنطن لتحريك دمى الغراغوز بعد أن غُرس الكيان العبري في جسمه منذ 1948، فجميع الصراعات تبدأ وتنتهى في هذه المنطقة التي تتوسط العالم، لكن يبقى التساؤل الرئيس، أين العرب والمسلمون من كل هذا؟،أين ذهب الملايين؟، الذين غنت عنهم الفنانة اللبنانية جوليا بطرس خلال ثمانينات القرن الماضي، والذين تضاعف عددهم كثيرا منذ ذلك الوقت ليصبحوا أضعافا مضعفة؟، السؤال الذي لم تجد له الفنانة اللبنانية جوابا بقي معلقا منذ 28 سنة كاملة،عاد اليوم بكلماته يدندن عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام، والقدس تتجه لتُدنس بأقدام أمريكية بعد أن عاث فيها الصهاينة فسادا، الإجابة طبعا لا تحتاج إلى الكثير من التفكير.. بل هي بديهية، فملايين العرب والمسلمين غارقون في الحروب الطائفية الطاحنة التي تسببت فيها فتاوي علماء البلاط والحكام الذين باعوا ضمائهم للشيطان، وخانوا كل القيم والمبادئ، في نفس الوقت يصارع فيه الملايين من الشعوب البطالة والفقر والمجاعة والكوليرا.. بينما يفضل آخرون ركوب عباب البحر بحثا عن حياة أفضل ولو في بطون الحيتان !، أما إذا تحدثنا عن ملايين المثقفين والمتعلمين العرب والمسلمون فأفضلهم حالا ينظر في الجامعات ويكتب عن مدنه الفاضلة ، لأنهم في الواقع أجبن من أن يقودوا حملة تنظيف للشارع وليس حتى أحيائهم التي يقطنون فيها، أما بيت القصيد وملايين الدولارات التي يتمتع بها ملوك وحكام العرب، فهي محفوظة بإحكام في بنوك غربية وبتهربات ضريبية كذلك وما وثائق وكيليكس ، و بنما بايبز ، و أوراق الجنة ، التي فضحتهم خلال السنوات والشهور الأخيرة، ليست سوى تلك الشجرة التي تغطي الغابة، فأموالهم الطائلة بدل أن يوجهونها للقضاء على الفقر والمجاعة وتحسين الوضع التعليمي المتردي وجهت لشراء اليخوت واللوحات الفارهة، خاصة إذا كانت للمسيح وبأنامل الرسام الايطالي ليوناردو ديفينشي وبسعر قياسي وصل الى 450 مليون دولار !. ملايين الشباب من الجيل الجديد،الذين كان من الممكن أن يشكلوا علامة فارقة وحقيقة، بين فكرة الخيانة والنضال داخل المجتمعات العربية نفسها ضد الكيان الصهيوني،غارقون في استهلاك الحشيش لنسيان واقعهم المرير،في حين يفضل البعض الموت بين أحضان لعبة الحوت الأزرق ، أما أحسنهم حالا تجدهم قابعون بيومياتهم في مواقع افتراضية الفايسبوك والتويتر لا تسمن ولا تغني من وعي، وفي حالة الاستفاقة يغردون لنصرة فلسطين التي لا يعرفون عنها أي شيء سوى الاسم، تجرهم عواطف جياشة دون هدف، بالطبع يحدث كل هذا وهم جالسون وراء هواتفهم النقال المصنوعة في واشنطن وبتطبيقات معدة في تل أبيب ، وبتعليقات تدر الملايين على اليهودي مارك زوكربيرغ مؤسس الفضاء الأزرق !. سؤال قصيدة (وين ..وين.. الملايين) التي ألفها الشاعر الليبي علي الكيلاني، سيواصل شق طريقه للبحث عن إجابات حقيقية وشافية، وسيحفر بعمق في ذاكرة ومستقبل الشعوب العربية، التي كانت في وقت قريب تتحرك صوب الشارع لتفريغ شحنات الغضب العارمة التي كانت تجتاحها من الحين للأخر، خاصة اذا كانت متعلقة بقضايا مصيرية مثل فلسطين والأقصى والقدس، تم تلخيص كل ذلك اليوم بنقرة زر عبر مواقع الشبكات الاجتماعية، لتقلب رسالة التهديد التي بعث بها معاوية بن سفيان يوما، إلى قيصر الروم والتي تدل على مدى علو كعب العرب والمسلمين أنذاك، من إن لم تُخرِس نباحك أرسلت إليك بجيشٍ أوله عندك وآخره عندي الى إن لم يخرس ترامب نباحه سنرسل له جيشا أوله عند الفايسبوك وأخره عند التويتر !! ، وسيستمر هذا الهوان إن لم نأخذ بأسباب الخروج من (شرنقة الجهل) بمشروع مجتمع حقيقي يعيد الكرامة للعرب والمسلمين، غير ذلك ومثلما فقدنا القدسوفلسطين سنفقد كل مقدساتنا مستقبلا، سنذرف الدموع على حالنا كالحريم في بيوتها، مثلما ذرفها أخر ملوك الأندلس وهو يشهد سقوط غرناطة، ليأتي التوبيخ من أمه وهو على تلك الحال في مقولة لاتزال خالدة ترددها بطون كتب التاريخ : ابكِ كما تبك النساء على مُلك لم تحافظ عليه كالرجال !.