مشتة «التوارة».. حكاية مجزرة نسيها التاريخ مع حلول الذكرى الستين لاستشهاد البطل ديدوش مراد على تراب بلدية زيغود يوسف، يسترجع قاطنو قرى هذه البلدية صورا مؤلمة لا تزال عالقة في أذهانهم، لمجزرة نفذها مستعمر غاشم أعدم إطلاقا بالرصاص، أزيد من 130 عائلة كانت تعيش بقرية «التوارة»، التي يقول السكان أن مأساتها غابت عن كتب التاريخ. «النصر» التقت بمواطنين من دوار «الصوادق» الذي شهد في العاشر أوت من سنة 1956، فاجعة لا يزال شيوخ القرية يتذكرونها لليوم و لم تدون في الأرشيف الثوري و لا الرسمي بالرغم من بشاعتها و فظاعتها.. ففي ذلك اليوم المشؤوم تفاجأ السكان بعدد كبير من الجنود الفرنسيين الذين حوّطوا في حدود الساعة الثامنة صباحا، مشتة «التوارة» الواقعة بجبال زيغود يوسف، ثم أخرجوا حوالي 132 عائلة من منازلها التي أحرقت بالكامل، قبل أن ينفذوا مخططهم الاجرامي بإطلاق وابل من الرصاص على أبرياء عزّل دون رحمة، ليسقطوا واحدا تلو الآخر أمام أعين الجنود الذين أنهوا مهمتهم القذرة بعد ساعتين، تحديدا عن عندما طلب منهم الضابط المسؤول وقف إطلاق النار و هو ينظر لساعة يده، بعد التأكد من أن القرية قد أبيدت بأكملها. الروايات التي يتداولها كبار المنطقة، تقول بأن المستعمر الفرنسي استغل انشغال المجاهدين ذلك اليوم في عرس أحد رفاقهم، لكن سكان دوار «الصوادق» لا يعرفون إلى اليوم السبب الحقيقي الكامن وراء هذه المجزرة، رغم أن البعض يعتقدون بأنها نفذت للانتقام من هذه العائلات كونها دعمت المجاهدين.. اليوم و بعد 59 سنة من الحادثة، لم يتبق من مشتة «التوارة» سوى اسمها بعد أن اختفى منها أي أثر لمعالم الحياة و تحولت إلى أرض جرداء، غير أن دماء شهدائها لا تزال خالدة خلود اسم الشهيدين زيغود يوسف و ديدوش مراد، هذا الأخير الذي أحيت قسنطينة يوم أمس الذكرى الستين لاستشهاده بالقرب من منطقة بوكركر غير بعيد عن مشته التوارة».