بلدية ورماس بالوادي قادرة على إطعام الجزائر تقدم بلدية ورماس بولاية الوادي نموذجا ملموسا عن نجاح الفلاحة الصحراوية، رغم أن المساحة المستغلة قليلة جدا مقارنة بالمساحات القابلة للفلاحة مما يعطي صورة عن الحجم الكبير من الربح الناقص ليس فقط بهذه البلدية وإنما بكل البلديات المشابهة لها بالولاية و على امتداد المناطق الصحراوية الشاسعة التي تنام على محيطات من المياه . فمن بين 44280 هكتار مساحة بلدية ورماس وهي كلها صالحة للفلاحة لم توزع سوى 9400 هكتار للنشاط الفلاحي ومن بين هذا الرقم الأخير لا توجد سوى 3000 هكتار مستغلة في محصول البطاطا ما يمثل حوالي 7 بالمائة فقط من المساحة الكلية، و مع هذا تعد هذه البلدية التي يبلغ عدد سكانها 6022 نسمة فقط رائدة على مستوى الولاية 39 في إنتاج هذه المادة.روبورتاج وتصوير - م / بن دادة يشكل محور الطريق الممتد من مقر البلدية ورماس حتى قرية الهدهودي على مسافة 16 كلم أغلب المحيطات الفلاحية الستة زائد محيطين فلاحيين تم توزيعهما في إطار الإمتياز الفلاحي وبالتالي فأينما وجهت النظر بهذه الجهة تلاحظ على امتداد البصر آلاف الدوائر المتقاربة من المساحات الخضراء كل واحدة مساحتها تقارب هكتارا واحدا تحيط بها الرمال التي أوقفت كثبانها عند شريط من سعف جريد النخيل يشكل محيط الدائرة التي يساوي قطرها طول آلة الرش المحوري التي تتوسطها و المبتكرة هي الأخرى محليا و المصنوعة بآلاف النماذج المتماثلة من طرف محترفي تلحيم الحديد المنتشرين بالعديد من بلديات الولاية. هذه المساحات الخضراء هي الأجزاء المستصلحة من الأراضي التي كانت تغطيها جبال من الكثبان الرملية التي سواها الإنسان السوفي و جعل أغلبها منتجة للبطاطا أو زرعها بأشجار الزيتون و بعض المساحات القليلة خصصت للنخيل.كما أن المتجول عبر هذه الحقول يلاحظ آلات الرش المحوري وهي تسقيها بسخاء دون خوف من نفاد المياه ، لأن هذه المادة متوفرة بما يزيد عن الحاجة في الطبقة القريبة من السطح على عمق يتراوح بين 15 إلى 20 مترا.و من كثرة المساحات الخضراء و عشرات الشاحنات المتوقفة على امتداد الطريق المعبدة التي تتوسط المساحات المستصلحة يدرك كل زائر مدى النشاط الموجود بهذه الجهة و حاجتها المتزايدة لأيد عاملة كثيرة. الفلاحون : أعطونا الكهرباء و المسالك وسنطعم العالم لا تزيد مطالب الفلاحين بالوادي عن توفير الكهرباء الفلاحية و المسالك. لأن هذين العاملين ضروريين و لا يمكن في غيابهما استصلاح مساحات جديدة بعيدة عن شبكتي الكهرباء و الطرق . ففيما يخص الكهرباء توجد محاولات ذاتية من الفلاحين لمد كابلات لتوصيل التيار انطلاقا من البيوت أو المزارع المجهزة إلى مزارع أخرى بعيدة على مسافة عدة كيلومترات لكنهم اصطدموا بعائق ضعف التيار الكهربائي عندما ينقل بهذه الطريقة خاصة عندما تكون المسافة طويلة. أما استعمال المازوت لتشغيل مولدات كهربائية فقد وجدوا أن كلفته مرتفعة فضلا على أنه يحتاج إلى وسائل نقل ثقيلة من أجل توصيل هذه المادة للمزارع. و تعتبر مشكلة المسالك الفلاحية أصعب على الفلاحين نظرا للطابع الرملي بالمنطقة مما يجعل أي وسيلة نقل ليست رباعية الدفع لا تستطيع السير فوق هذه الأرضية. و هو ما حتم على الفلاحين كراء شاحنات رباعية الدفع لشحن غلة البطاطا من مزارعهم إلى الطريق المعبدة أين توجد شاحنات التجار الذين يشترون هذا المنتوج. مما يزيد في ثقل الأعباء فضلا عن ضياع الوقت في الشحن والتفريغ و تكلفة اليد العاملة. وقد وجدنا بالفعل شاحنات رباعية الدفع تقوم بإخراج البضاعة من مزارع لا تبعد سوى بمائة متر أو أقل عن الطريق المعبدة لأن الشاحنات العادية للتجار لا يمكنها الدخول و لو لعدة أمتار في الأرض الرملية و إذا حاولت المغامرة فإن عجلاتها تغوص في الرمال وتصبح في حاجة إلى جرها حتى تخرج من الرمال. و يؤكد أحد الفلاحين بحماس كبير أن كل الصحراء الموجودة ببلدية ورماس و كذلك البلديات الأخرى بالولاية يمكن استصلاحها و تحويلها إلى مساحات خضراء لو يتم توفير الكهرباء والمسالك مما يؤدي إلى إنتاج يكفي لإطعام العالم كله وليس الجزائر فقط لو تم تنظيم عملية التصدير بما يحقق رغبة المنتجين في عائدات محفزة. وحول ما يطالب به الفلاحون من الكهرباء الفلاحية ذكر رئيس بلدية ورماس السيد معراج ضيف أنه توجد أربعة مشاريع في طور الإنجاز تمس أربع مناطق بالبلدية هي : بو بياضة، أهواد الجبسة، جنوب الدويرة ، منطقة القويرات. وتبلغ المسافة الإجمالية 17 كلم ضمن البرنامج الخماسي السابق. و أضاف ذات المسؤول أن وزير الفلاحة عند زيارته للبلدية وعد ببرنامج استعجالي لكهربة المحيطات الفلاحية ضمن برنامج محافظة تنمية المناطق الصحراوية يحتوي على شطرين كل واحد ب 25 كلم و ستتم معاينة المناطق المستفيدة قريبا من طرف التقنيين إضافة إلى وجود برنامج ب 21 كلم من المسالك الفلاحية حسب ذات المسؤول. ظهور تقاليد جديدة في العمل و التسويق أدى التوسع في إنتاج البطاطا ببلدية ورماس و بولاية وادي سوف بصفة عامة إلى ظهور تقاليد جديدة في تنظيم العمل و تسويق المنتوج.فمن أجل تحقيق هذين العاملين يستلزم المرور بوسطاء" يتقنون" عملية الربط بين المنتج و التاجر و بين المنتج و العمال الشباب الذين يأتون من بلديات أخرى من الولاية أو حتى من خارج الولاية. فالوسيط يحضر فريق من العمال الشباب عندما يحتاج المنتج للقيام بعملية قلع الغلة أو تسميد الأرض أو زرع البذور أو عملية التحمير أثناء نمو النبات( أي تحريك التربة لتهويتها)و من جانبهم ينتظم العمال الشباب في فرق قيل لنا أنها في العادة مشكلة من 10 أفراد لكل فريق لا ينبغي أن يزيد العدد أكثر حتى تنقص حصة كل واحد منهم و لا ينبغي أن يقل العدد حتى لا يتعبوا كثيرا في العمل.و بالفعل وجدنا فريقا من العمال الشباب أعمارهم تتراوح مابين 22 إلى 30 سنة يقومون بجمع محصول البطاطا بأحد مزارع بلدية ورماس قالوا أنهم يأتون يوميا من قرية الدرمين ببلدية الدبيلة بولاية الوادي على بعد 45 كلم من مكان عملهم الحالي و قال بعضهم أنهم يعملون في البطاطا منذ عشر سنوات لأنهم وجدوا في هذا النشاط مدخولا جيدا و متواصلا على مدار السنة نظرا لخصوصية البطاطا التي تحتاج إلى تدخلهم على الأقل أربع مرات .. أثناء التغبير ( التسميد ) و البذر و التحمير و القلع. فضلا على أن البطاطا تزرع في الموسم و ما وراء الموسم. ثم إن لكل عملية أسعارها فالزرع يكون مقابل مليون سنتيم للهكتار ، و كذلك التغبير و التحمير أكثر قليلا إذ يصل إلى مليون و 200 ألف سنتيم أما القلع فيكون على حسب وزن المنتوج والسعر هو في الغالب 180 دينار لكل قنطار ويرتفع إلى 200 دينار عندما تكون حبات البطاطا رقيقة أو تنتشر بالحقل حشائش كثيرة لأن في هاتين الحالتين يبذل العمال جهودا أكثر من التي يبذلونها في الحقل النقي من الحشائش والذي تكون فيه حبات البطاطا كبيرة. و قد أسر لنا أحد المنتجين عن وجود حالات يهرب فيها العمال عندما يجدون حقلا للبطاطا حباته صغيرة جدا. لهذا ومن أجل تفادي مثل هذه السلوكات فإن البحث عن فريق عمل جاد ضروري منذ البداية. و ضمان جدية الفريق تكون في بداية الأمر عن طريق الوسيط الذي يملك المعلومات المتعلقة بالفريق . و أول ضمان له هو الإتفاق مع رئيس فريق جاد يأتيه بعمال جادون هم كذلك. و قد سألنا المجموعة التي وجدناها هل حقا لهم رئيس ورشة ؟ فقدموا لنا أحدهم و قالوا هذا هو " الشاف شانتي " وهم حتى يضمنون انسجاما في العمل فيما بينهم يختارون بعضهم البعض مسبقا و يقوم بهذا الدور في الغالب رئيس الفريق الذي يختار عناصره من الأفراد " الخدامين فعلا " حسب تعبيرهم و هم في العادة تجمعهم علاقة قرابة أو جيرة. وانسجام الفريق في نظرهم ضروري لمواصلة العمل لأنهم يتقاسمون في نهاية كل يوم عمل أجرتهم بالتساوي وهي في العادة تتجاوز 1000 دينار. وهو مبلغ يقولون أنه يريحهم نوعا ما. أما دور الوسيط فيما يخص تسويق المنتوج فيعد كما قيل لنا ضروري نظرا لعدم وجود سوق و بالتالي فالمنتج في حاجة لمن يأتيه بالزبون إلى مزرعته وهو الدور الذي يضطلع به الوسيط مقابل مبلغ حسب المعنيين لا يقل عن 2000 دينار نصفه من التاجر و نصفه الآخر من الفلاح. آلة الرش المحوري من ابتكار حرفيي الوادي يذكر الشاب زنقي عبد الكريم صاحب ورشة تلحيم بحي سيدي مستور بالوادي متخصص في صناعة آلات الرش المحوري التي تعتبر العمود الفقري لإنتاج البطاطا في الصحراء أن هذه الآلة مبتكرة في الوادي و أول آلة رش محوري صنعت بغمرة بقمار بالوادي من طرف جامعي درس في روسيا وأهله فلاحون في الوادي. ويقول نفس الحرفي أن آلة الرش المحوري طرأت و لا زالت تطرأ عليها تعديلات و تحسينات باستمرار و الفضل في ذلك يعود للفلاحين الذين يقترحون هذه التحسينات بناء على ملاحظاتهم الميدانية. أما دور الحرفي فينحصر في تلبية رغبة الفلاح. أما عن سعر هذا الجهاز فهو مرتبط كما قال هذا الحرفي بالمواد المستعملة في صنعها و هو عموما يتراوح في الوقت الراهن ما بين 14 و 15 مليون سنتيم. و تستغرق مدة صنعه حوالي خمسة أيام في المتوسط إذا حافظ الحرفي على العمل طيلة ثماني ساعات يوميا. و يصل طول الآلة الواحدة في الغالب من 100 إلى 200متر و هو يمثل قطر دائرة القطعة الأرضية التي سيسقيها هذا الجهاز. و بالإمكان تمديد طول الجهاز حسب مساحة الأرض التي يمكن أن تصل أحيانا إلى أربعة هكتارات. و مع هذا فإن جهاز الرش المحوري الحالي في الوادي يعتبر قزما مقارنة بما يوجد في العربية السعودية حسب نفس المتكلم أين يسقي الجهاز الواحد 40 هكتارا. و قد تم تجريب هذا النوع بالجزائر مثلما أضاف في أدرار و أعطى نتائج كبيرة.