الإعلام أصبح يصنع من لا أحد شاعرا ليبية المولد، فلسطينية الأصل، تنتقل بين بلدان الشتات وعواصمه المختلفة ، من عمان إلى بيروت، حاملة حنينا لوطنها ، في مخيم اليرموك أضحت شاعرة دون أن تدري، بعد أن كانت ناشطة في العمل التطوعي والتثقيفي الموجه للشباب الفلسطيني، ورسمت في ديواناها الشعري الأول «سأتبع غيما» طريقا يتبعه كل فلسطيني يتوق للعودة لوطنه، لتصبح بعدها تحرس ذاكرة أمتها بعملها بالمتحف الوطني الفلسطيني. التقينا الشاعرة الفلسطينية هلا الشروف على هامش ليالي الشعر العربي التي أقيمت مؤخرا بقسنطينة في إطار تظاهرة عاصمة الثقافة العربية 2015. .النصر: كل شاعر يحمل بذرة الشعر في داخله و تختلف أوقات ومراحل نموها من شاعر لآخر فكيف كانت بدايتك مع الشعر؟ أن تكون فلسطينيا فأنت شاعر دون شك ، حيث أنك تعيش حالة شعرية باستمرار، في خوفك على وطنك، في رغبة العودة إليه، في كل أحلامك ومشاريعك المستقبلية، فأنت تحيا كشاعر رغم عنك ، فأثناء عيشي في مخيم اليرموك بسوريا كنت أقرأ باستمرار ما يكتبه الشعراء هناك في ذلك المخيم يتم ارضاع الأطفال الشعر فمن خلال فعالياتي الثقافية هناك بدأت أكتب الشعر بعد أن كنت أعيشه. .في ظل الصراعات والحروب الكثيرة هل مازلت هناك جدوى من قول الشعر ؟ طبعا فأهم جدوى للشعر هي محاربة كل هذا من خلال الجمال ،فالشعر أحد طرق صناعة الجمال ،فالإنسانية عموما بحاجة لأسباب تزرع بداخلها الأمل والشعر واحد من هذه الأسباب. . الفلسطيني الشاعر يعيش تجاذبات كثيرة في حياته خاصة مع ما يحدث حاليا في مخيم اليرموك هل عليه أن يبتعد بشعره عن السياسة ؟ أنا أعتقد أن الشعر يجب أن لا يكون له موضوع محدد، ولا أحب الشعر السياسي إلا في حالة واحدة وهو أن يطغى الأدب على السياسة لا أن تجر السياسة الأدب لمستنقعها ، لذلك طالما شعرت أن الشعر السياسي ليس مكاني الذي أجد نفسي فيه فنأيت بقلمي عنه. فعلى السياسيين أن يهتموا بالسياسية لأنها ميدانهم لا الشعراء. .هناك موجة من الحداثة أضحت تصبغ الشعر العربي إذ يلاحظ ظهور موجات ارتدادية تحاول الرجوع بالشعر لكلاسيكية الشعر الجاهلي ألا يشكل ذلك عائقا أمام تطور الشعر العربي ؟ أنا أعتقد أنه صار رفض كامل للكلاسيكية في منطقتي التي جئت منها ولست مطلعة على الشعر المغاربي بشكل كبير لأتحدث عن ذلك فإجمالا أشعر أنه هناك تمرد على كل ما هو كلاسيكي في الشعر حتى أن القصيدة العمودية فقدت قيمتها كثيرا أمام الشعر الحر والقصيدة النثرية. . حسب كلامك هل يمكننا أن نعتبر بأن هناك حداثة في الشعر وكلاسيكية في النقد؟ التعميم غير صحيح لكن هناك خلل في الحركة النقدية اليت تفتقد لموضوعية وصرامة فلا أحد يشعر بقيمة النقد في الوطن العربي رغم أهميته خاصة إذا ما تعلق الأمر بشعراء مبتدئين. لكن تجدر الإشارة بأن معظم النقد في الوطن العربي مبني على العلاقات الشخصية فلذلك لا يمكن أن يعول عليه كثيرا في تطوير القصيدة العربية خاصة في الوضع الثقافي الذي نعيشه حاليا. . الخلل النقدي في الوطن العربي سمح للصحفيين بصناعة أسماء شعرية هل هذه الظاهرة ايجابية أم سلبية؟ أحيانا يصنع الإعلام بشكل عام شعراء مزيفين وهذا ما يحصل غالبا فنادرا ما يتمكن الإعلام من أن يحط من قيمة شاعر مهم إذا كان مهما فعلا لأن الكتابات الجيدة لا تحتاج إلى التطبيل والتزمير لها فهي ستصل للقارئ، أما الكتابات غير الجيدة فهي تحتاج لترويج وبهرجة كبيرة فتصبح العملية الإعلامية بمثابة صناعة من لا أحد شاعرا. . لغة الشعراء أضحت غير مفهومة شعبويا إلى أي مدى هذا الكلام صحيح؟ بشكل عام هناك تدهور في الذائقة الفنية عند الشعوب العربية فالانحطاط السياسي و الاجتماعي كرس الانحطاط الثقافي في الحياة اليومية، فظاهرة عدم القراءة وعدم الإطلاع أين أضحى الكلام العادي غير مفهوم عند شعوبنا وهو ما ينعكس على الشاعر الذي سيحبط في آخر المطاف.